إذا لم تكونوا أهلًا للمسؤولية، فاتركوها لمن هو جدير بها

الثلاثاء - 22 يوليو 2025 - الساعة 10:39 ص

الكاتب: أبومصعب عبدالله اليافعي - ارشيف الكاتب

في البداية، دعونا نتفق – دون استثناء – أن جميع المسؤولين الذين تولّوا إدارة المناطق المحررة قد فشلوا فشلًا ذريعًا في إدارة شؤون هذه المناطق، خاصة في ما يتعلق بتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة للمواطن.
لقد بلغ السيل الزُبى، وبلغ المواطن درجة غير مسبوقة من المعاناة بسبب ما يجري في البلاد من فساد، وسوء إدارة، ووعود لا تُنفذ، وتصريحات لا تحمل مضمونًا، وقرارات لا تُحدث أي فرق، واجتماعات شكلية لا تخدم مصالح الناس بقدر ما تبدو وسيلة لصرف أموال عامة تحت مبررات "بدلات جلسات"، لا علاقة لها بجوهر المسؤولية.
من المؤلم القول إن الحديث عن أداء كثير من المسؤولين لم يعد يجدي، فقد أصبحوا غير مكترثين بما يمر به المواطنون، وكأنهم في عالم آخر. سادت ثقافة التربّح من المال العام، وغابت قيم النزاهة والحرص على الصالح العام.
لذا نقولها بوضوح: اتقوا الله في هذا الشعب، وتذكروا أن هناك يومًا تُحاسب فيه الضمائر، وتُوزن فيه الأمانات. كفى تجاهلًا لمعاناة الناس، وكفى تساهلًا مع انهيار الخدمات، فالأمر لم يعد يُحتمل.
أنتم من تتحمّلون مسؤولية ما وصل إليه حال الوطن والمواطن:
الكهرباء منقطعة في عزّ الصيف، خاصة في المناطق الساحلية، ما أدى إلى معاناة كبيرة، وصلت في بعض الحالات إلى فقدان أرواح.
المرتبات تُصرف – إن صُرفت – بعد تأخير طويل، مما يجعل الموظف في دوامة من العجز.
الخدمات الصحية والتعليمية تراجعت بشكل خطير، وسط تفشي الأمراض الناجمة عن تدهور مستوى النظافة في الشوارع، وعدم قدرة المواطنين على العلاج في المستشفيات الخاصة ذات التكاليف المرتفعة.
العملة الوطنية تُركت فريسة للمضاربين وتُجار السوق السوداء، دون تدخل فعّال من الجهات المختصة، مما أفقدها قيمتها الشرائية، وجعل المواطن غير قادر على تأمين احتياجاته الأساسية لأكثر من أيام قليلة من كل شهر.
كل هذا يحدث، وأنتم تنظرون وكأن الأمر لا يعنيكم، مع أنكم من تتحمّلون المسؤولية القانونية والأخلاقية أمام الله وأمام الناس.
لماذا وصل حال المواطن إلى أن يكتفي بوجبة واحدة في اليوم؟! لماذا باتت غالبية الأسر تعاني من الفقر المدقع؟! أليس هذا نتاج تخلّيكم عن مهامكم الأساسية؟!
إن ما يجري لا يمكن تفسيره إلا باعتباره تقاعسًا عن أداء الواجب، بل وتخلّيًا عن الأمانة التي أُلقيت على عواتقكم. وقد أصبح واضحًا أن استمراركم في مناصبكم لم يعد يصب في مصلحة الوطن، بل يُفاقم أزماته.
إن استمرار هذا الحال يُعد استخفافًا بمعاناة الناس، وإصرارًا على إدارة ظهر الحقيقة. وعليه، فإننا نقولها بصراحة:
كلمتنا الأخيرة : إذا لم تكونوا أهلًا للمسؤولية، فعليكم أن تتركوا مواقعكم، وأن تتيحوا الفرصة لمن يستطيع أن ينهض بالبلد، ويُعيد للمواطن كرامته وحقوقه.