المنافسة الشريفة

الثلاثاء - 22 يوليو 2025 - الساعة 10:43 ص

الكاتب: حسين أحمد الكلدي - ارشيف الكاتب

توظّفتُ يومًا في إحدى الشركات المرموقة التي تعمل في مجالات متعددة في السوق. وكان انضمامي إلى فريق العمل قد جاء بطلب من مدير فريق التسويق. وعندما تم قبولي، أبدى الجميع الترحيب بي، ولكن من خلال تواصلي معهم شعرتُ أن هناك ثلاثة فرق متنافسة داخل الشركة: فريق المحاسبين، وفريق المبيعات، والفريق الإداري. وكان كل فريق يسعى إلى جذبي إلى صفّه، من خلال الشرح المسهب عن العمل كلما سنحت له الفرصة بالحديث الجانبي معي ولكن ضمن هذه الكلمات المعسولة كانت تتخفّى الكثير من معاني الاستقطاب لصالح الفريق الذي ينتمي إليه المتحدث. كنتُ أرى أن وجودي بين هذا الخليط غير المتجانس في الأفكار والاتجاهات المختلفة يجعل العمل معهم أمرًا صعبًا للغاية. ومع ذلك، اتخذت قراري بعد عناء، وبعد أن استوعبت ذلك الصراع التنافسي، أن أستقر على طريقة المنافسة الشريفة معهم.دون الانجذاب الى اي منهم . هناك أهمية كبرى في كيفية الموازنة بين التنافس والتكامل بين أفراد الفريق. وأنا مؤمن بأن النجاح الجماعي أهم من النجاح الفردي. فالشركة أو المؤسسة تحتاج إلى روح الفريق الواحد في المنافسة لتحقيق الفوز والنجاح فعندما يتوفّر عاملان أساسيان—التكامل والتفاهم—يتوازن أفراد الفريق لتحقيق النجاح في المنافسة والعمل الجماعي، لأن النجاح الجماعي أهم من النجاح الفردي. وأعتقد أن المنافسة غريزة قيادية طبيعية، فلم ألتقِ حتى الآن بقائد لا يرغب في الفوز. ولكن سرّ الروح التنافسية يكمن في ممارستها بروح جماعية إيجابية. فلو قمنا بكبح هذه الروح، سنفقد جزءًا من القوة التي تحفّزنا على بذل أفضل ما لدينا، ولو تركناها بدون ضوابط، فسوف يدهس كل طرف الآخر. ولكن في هذا الإطار، يجب علينا السيطرة على هذه الروح وتوجيهها؛ فذلك هو ما يساعد على تحقيق النجاح. وفي أحد الاجتماعات الدورية المعتادة في الشركة، تطرقتُ إلى روح المنافسة وضرورة العمل بروح الفريق الواحد. ولكن عندما تعاني من سوء إدارة مدير الفريق وتحيّزه لمصلحته الخاصة، تصبح الأمور أكثر صعوبة. وأعتقد أن المنافسة تشتدّ أكثر، وخصوصًا عندما يتمتع المدير بروح أنانية. فالمنافسة الشريفة هي المنافسة الصحيحة، ويجب ألّا تكون المنافسة شخصية. فعندما تكون صحية بين أفراد الفريق الواحد، سيبقى أعضاء الفريق أصدقاء حتى بعد انتهاء العمل أو حتى بعد إنهاء الخدمة. فعندما يكون التنافس لصالح العمل، سيحفظ الجميع مكانتهم في قلوب بعضهم البعض ومع الآخرين، وفي هذه الحالة تزول المشاعر السلبية. فعندما نضع المنافسة في موقعها وإطارها الصحيح، يحقق الجميع النجاح، سواء على مستوى الفرد أو الفريق أو الشركة، مما يؤدي إلى تحسين مهارات الفريق ككل. قال الرئيس أبراهام لينكولن: "كيف تكسب شخصًا إلى صفك؟ فاقنعه أولًا بأنك صديقه المخلص." فالعلاقات الجيدة والصداقة هي من أكثر العوامل الإيجابية التي تجعل مكان العمل واحة لتبادل الأفكار والروح الإنسانية، وهي تنمّي الانسجام بين الزملاء. وفي سياق مقالي هذا، أود أن أختم بما أريده أن يُفهم الجميع جيدًا، ألا وهو: أن الحقيقة المؤلمة نتيجة الصراع بين تلك الفرق المتناحرة في تلك الشركة، قد كانت سبب قفل ذلك القسم والنشاط إلى الأبد، وطرد جميع الموظفين والمدراء السيئين الذين كانوا يعملون لمصالحهم الخاصة، بالرغم من أنني بذلت معهم قصارى جهدي للتوفيق بينهم، ولكن دون جدوى. ولذلك، أقول لك: اجتهد، وكن صديقًا لكل جهازك الإداري وفريق عملك، وابتعد عن طرق الاحتيال، وتجنّب أن تسلك طرقًا مختصرة لتحقيق أهدافك. اسلك طريق الإنجاز، وابنِ أفكارك على أساس المبادئ، فهي طريق النجاح والتقدّم.