مقالات صحفية


في ذكرى استشهاد م / عبدالله احمد حسن

السبت - 23 أغسطس 2025 - الساعة 03:57 ص

احمد عبداللاه
الكاتب: احمد عبداللاه - ارشيف الكاتب


ذات يوم سنكون معاً… كنّا نتصادى من وراء القارات والمحيطات، وكنتُ أقول: قد نحتاج ثغرة في الزمن، لنعيد للعمر مكانَه الأول، وأراك ذلك الفتى النحيل الجريء المتقد، قبل أن تدبّ فيك الهموم ويزيد وزنك "غُلب"، مثلما قلتَ لي ذات مرة في رسالة خفيفة الظل، حين سألتك أين الرشاقة يا عبد الله؟

وربما نطارد، كالصغار بقدمين حافيتين، قوسَ قزح الضالعي، وهو يتدلى من مكان ما قرب الكَبَار، الرابضة على تبّة بازلتية من (العصر الثلاثي). ونرى البروق حين تندلع فوق الجبال، التي من عادتها أن تحصي الراحلين والأزمنة، وتمارس غرائزها في ترديد أصداء الرعود الصارخة في وجه الكون. وكأنها تفسر انكساراتها للمنحدرات و السهول، و للعائدين الذين تسوقهم الرياح إلى مخابئهم كي يفسحوا الطريق للسماء.

ونتذكر نشيد "جاء المطر" وقد حفظناه من كراريس المدرسة في عهد والدك التربوي العملاق: "يا إخوتي جاء المطر هيا اجلسوا تحت الشجر" … ويصبح وجهك مبتلّاً بألوان "قوس عنتر" كما كان يحلو لنا أن نصف الأضواء المنكسرة في رذاذ سابح في الهواء.. وهي تتحلل إل طيف، ثم تنحني مثل هلال عظيم يذوب في آخر البصر.

ثغرة في الزمن تعيد أيامنا الأولى مجدداً. ونأتي للحياة في كل صيف ثم نكبر في الشتاء على أزقة الضباب التي تلفّنا بشراشفها البيضاء.. ونرحل من خلالها نحو منابع عناصر التكوين الأولى.. الأولى.. التي أتت على ظهر نيازك مهرولة إلى هذه الأرض.. ثم نعود مرة أخرى، وهكذا.. في رحلة "العَود الأبدي.

صرنا لا نفهم لماذا تقادم الزمن فينا قبل أوانه، ومن أين جاءت الرياح الصفراء لتبدد غيم الشتاء، وكيف غطت البواريد أصوات الرعود؟ وأصبحنا لا نفهم أكثر لماذا تركتنا يا صاحبي قبل أن يعود المطر؟ وكيف سيُنجز الوعد الذي بيننا؟

أما وقد رحلت يا عبد الله، أصبح علينا أن نعيد جَدْوَلة المواعيد وان نختار مكان آخر ومطر آخر وغيم آخر.. أبعد من صفحات المراثي، فأنا لا أطيق أن أراك في الأخبار العاجلة أو على دفتر الراحلين.

نحن " اغتربنا على زورق من ورق السيلوفان" و"طال بنا العمر الشقي البقي"، وانت اتجهت نحو الميادين بين الرصاصات والمنتدى "فأنت من تراب عصي وُلدت صباحاً لأب الزعفران وأم الندى"... وعشنا صديقين في الأرض وفي المطر، رفاقاً في حلم سيأتي، تصنعه أنت ونحن نراه، لأنك أجمل منّا.

رحلت يا عبد الله بعد أن رفضت أن تسير بهامتك الشامخة فوق أرض ما تزال منخفضة.. رحلت لتعلن لأبناء جيلك أنك باق في رحيلك وهم راحلون في بقائهم، لا يصنعون بعد التضحيات غير الإنتظار والخطب القديمة.

حين ترحل يا عبد الله يتكاثف الحزن فينا ونردد بنبرات الحائرين "سورة العائد" إلى وطن فقدناه بزلّة قلم؟... إلى وطن زاد عن حاجة الرفاق فأودعوه في خزينة "المرابي" كي يزيد رصيدهم فيه، فباعهم وأخذ الأرض ومن عليها. لهذا وجب على آلاف مثلك أن يروونه بدمائهم قبل أن تراه بصائرهم، فرحلوا ورحلت.

عبد الله حين يرحل يترك للضَّالع الحزينة وللوطن الجريح متسع للمراجعة. كأنه يقول: ما "تركت الحصان وحيداً" وما "حملتكم وزر موتي".. أنا استُشهدت من أجل هذا الوطن وأنتم تعيشون من أجل ماذا، إذا لم تُعيدوا إليه حريته؟

سيأتي العيد يا عبد الله وقد غادرتَ زحمة الميادين، دون أن تعرج على "الثلاجة" التي تحدثت عنها في آخر تغريداتك، لأنك تكره أن يُسجّى جسدك الطاهر في مكان محايد أو أن "تتبرزخ" في بقعة باردة قبيل التراب. فألف سلام عليك وألف وداع يا صاحبي…

وداعاً يا صديقنا الرائع، المهندس عبدالله احمد حسن، ستظل كبيراً عزيزاً في قلوبنا وخالداً في الذاكرة، ويظل السؤال يزلزلنا: ماذا سيأتي بعدك؟

احمد عبد اللاه




الأكثر زيارة


خلال محاولته إنقاذ مواطنين جرفتهم السيول .. نجاة مأمور البر.

السبت/23/أغسطس/2025 - 06:02 م

نجا مدير عام مديرية البريقة، الدكتور صلاح الشوبجي، من حادث مروع إثر محاولته إنقاذ مواطنين جرفتهم السيول في منطقة بئر أحمد بالعاصمة عدن. وأفادت مصادر أ


ما تأثير تعافي العملة اليمنية على الحو ثيـ،ين؟.

الأحد/24/أغسطس/2025 - 04:07 ص

تمكُّن الحكومة اليمنية من استعادة بعض التوازن للعملة المحلية (الريال اليمني)، لا تزال تواصل إجراءاتها في الضغط الاقتصادي على الجماعة الحوثية التي ردَّ


شاهد .. سيول جارفة تصل الى شاطئ الحسوة ومدينة إنماء الجديدة .

السبت/23/أغسطس/2025 - 05:50 م

شاهد .. سيول جارفة تصل الى شاطئ الحسوة ومدينة إنماء الجديدة بالعاصمة عدن


عاجل : موجة سيول جديدة باتجاه عدن.

السبت/23/أغسطس/2025 - 09:29 م

أفادت مصادر محلية بوصول موجة سيول جديدة عبر وادي الحسوة في طريقها إلى مدينة عدن، وذلك عقب ساعات قليلة من السيل الأول الذي شهدته المنطقة صباح اليوم. وك