مقالات صحفية


ثورة أكتوبر بين صحوة الذاكرة واستدعاء روح التاريخ وآفاق المستقبل

السبت - 11 أكتوبر 2025 - الساعة 11:54 م

د.  أمين العلياني
الكاتب: د. أمين العلياني - ارشيف الكاتب


صحوة الذاكرة واستدعاء الروح تعبر ذكرى الرابع عشر من أكتوبر في عيدها الثاني والستين في وجدان الشعب الجنوبي كالومضة التي تستنطق التاريخ، وتستحضر من أعماق الذاكرة ملاحم كفاحٍ ضد محتلٍ غاشم، حاول أن يطمس هوية شعبٍ ويسلب إرادته وسيادته.
. إن ذكرى الرابع عشر من أكتوبر المجيد في عيدها الثاني والستين ليست مجرد مناسبة عابرة، بل هي استدعاء حي لروح المقاومة التي توقدت في صدور الأحرار، فحولت حلم التحرر من أمنية بعيدة إلى واقعٍ ملموس، ومن شعاراتٍ ثورية إلى مشروعٍ تحرري مؤسسي تجسد اليوم ويقوده المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي.

(1) من رحم المعاناة.. ولادة إرادة لا تنكسر:
لقد مثلت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م إلهامًا تاريخيًّا حاسمًا في مسيرة الكفاح الجنوبي الواقع الحاضر، حيث انتقلت المقاومة من حالة الرفض العفوي إلى المقاومة المنظمة، محققةً أول تحول نوعي في موازين القوى. فمن حركتي موج وحتم ثم ما تمخض من حركات شعبية في حضرموت وما تجسد من مشروع التصالح والتسامح الذي احتضنته جمعية ردفان وما تلاها من قيام حركات الرفض التي مثلها المتقاعدون العسكريون والمدنييون حتى انتفاضة مكونات الحراك الجنوبي السلمي ابتداء بحركة تاج حتى قيام حركات التوحد لتلك المكونات في حركة(نجاح) ، التي انطلقت، إلى كل ربوع الجنوب، معلنة روح ثورة جنوبية ترفض الاحتلال اليمني البائد، ومؤكدةً أن شعبٌ الجنوب لم يُخلق للاستعباد، بل هو حامل لرسالة الحرية والكرامة. التحرير والاستقلال واستعادة دولته المستقلة.
لقد استباح المحتل اليمني الأرض والإنسان، وظن أنه بقوة السلاح يمكن أن يقهر إرادة شعبٍ تاق للحرية، غير أن هذا الشعب الأبيّ لم يرضخ، ولم يستسلم، ولم يهادن، بل قاوم بكل أشكال النضال، مسلحًا بإيمانٍ راسخ بحقه في تقرير مصيره، فكانت حواضن الحراك الشعبي الجنوبي تجسيدًا لعبقرية المقاومة الشعبية التي جمعت بين العمل السلمي والمقاومة المسلحة التي حررت الجنوب من قوى الاحتلال الحوثي الإيراني، لترسيخ مداميك متينة أصبحت لاحقًا الحاضنة الشعبية للقوى السياسية والقيادة الحكيمة المتمثلة في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي .

(2) الجنوب من المقاومة إلى الدولة ومن مسيرة البناء إلى التأسيس، ومن هنا يمكن استلهم شعبنا من ثورة أكتوبر أنها لم تكن مجرد رد فعل على واقع مرير، بل كانت تأسيسًا لمرحلة جديدة في الوعي الجمعي الجنوبي، حيث تحول الحلم التحرري إلى مشروعٍ سياسي مؤسسي، وقد تجلى هذا التحول في قيام الحواضن الشعبية والجماهيرية التي مثلت ركيزة المشروع الجنوبي، لتتوج لاحقًا بتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017م، كممثل شرعي ووحيد لإرادة شعب الجنوب.
وجاء تأسيس المجلس الانتقالي تتويجاً لمسيرة نضالية طويلة، وترجمة عملية لعهد الدم الذي قطعه الشهداء، والتعويض الشعبي الذي التزمت به القيادة. وقد قاد الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي هذه المرحلة التاريخية بحكمة بالغة، حيث أسس لهياكل تنظيمية وإدارية متكاملة، أصبحت نواةً لمشروع الدولة الجنوبية الحديثة، التي تحظى اليوم باعتراف إقليمي ودولي متزايد.

(3) من فكرة ثورة أكتوبر استلهمت قيادتنا الحكيمة تأسيس الجيش والأمن.؛ بوصفهما درعًا للمشروع الجنوبي وسند للقيادة الحكيمة، ولم يقتصر إنجاز القيادة على الجانب السياسي والمؤسسي، بل امتد ليشمل تأهيل القوات المسلحة والأمنية الجنوبية، التي أصبحت حاميًا للمشروع التحرري، وسندًا للقيادة في مواجهة التحديات. وقد أثبتت هذه القوات جدارتها وكفاءتها في الدفاع عن الأرض والثوابت، مؤكدةً أنها إرث ثورة أكتوبر المتجدد، وضمانة تحقيق تطلعات الشعب في استعادة دولته بكامل سيادته على حدود ما قبل 1990م.

(4) الذكرى في سياقها الراهن.. دلالات الاختيار وأبعاده الاستراتيجية:
يحمل اختيار محافظتي الضالع وحضرموت لاحتضان احتفالات الذكرى الثانية والستين دلالات بالغة العمق، تؤكد على حكمة القيادة ووعيها الاستراتيجي. فمحافظة الضالع ليست مجرد جغرافيا، بل هي العمق الدفاعي المتقدم في مواجهة المشروع الحوثي الإيراني التوسعي، وهي رمزٌ للمقاومة والصمود. بينما تمثل حضرموت العصب الاقتصادي والاستراتيجي للجنوب، وشريان حياته، ومخزونه الحضاري.
وهذا الاختيار يرسخ لفكرة التوازن الوطني، ووحدة المصير بين كل أجزاء الجنوب، ويعزز أواصر التلاحم بين الشعب والقيادة، في ظل إنجازات دبلوماسية وسياسية وعسكرية مشهودة، عززت مكانة قضية الجنوب في المحافل الدولية والإقليمية..

خاتمة: نحو المستقبل.. الوعد والتحقيق
إن ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر ليست استعادة للماضي فحسب، بل هي استشراف للمستقبل، وتجديد للعهد مع الشهداء، وتأكيد على أن مسيرة التحرر واستعادة الدولة لن تتوقف. وإن التفاف الجماهير الجنوبية حول قيادتها الحكيمة، وتفاعلها مع مناسباتها الوطنية، هو تجسيد حي للوحدة الوطنية، وإعلان صريح بأن شعب الجنوب، بقدرته وقيادته، يسير بثبات نحو تحقيق حلمه في العيش بكرامة وأمن واستقرار في دولته المستقلة.

فإلى الأمام.. على درب أكتوبر، حتى تحقيق الحلم واستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة




الأكثر زيارة


وفاة الفنان الشعبي علي عنبه في القاهرة بعد نوبة سكر مفاجئة .

السبت/11/أكتوبر/2025 - 08:54 ص

توفي صباح اليوم السبت الفنان اليمني علي عنبه في العاصمة المصرية القاهرة، إثر نوبة سكر أدخلته في غيبوبة أدت إلى وفاته. وأكد الفنان يحيى عنبه، شقيق الرا


بماذا علق الفريق القانوني على قرارات الزبيدي .. وكيف رد رشاد.

السبت/11/أكتوبر/2025 - 06:47 م

التقى الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، اليوم السبت، الفريق القانوني المساند للمجلس، برئاسة القاضي حمود الهتار. واستمع العليمي من


يحدث الان : سيول جارفة تتجه نحو محافظتي لحج وعدن.

السبت/11/أكتوبر/2025 - 06:53 م

حذّر سكان محليون ومصادر ميدانية في مناطق العند وسيلة بله بمحافظة لحج من سيول جارفة باتجاه مناطق منخفضة في محافظتي لحج وعدن، نتيجة للأمطار الغزيرة التي


ذكرى الفقيد المناضل صالح أحمد سعيد العمري.. عطاء وتضحية في س.

السبت/11/أكتوبر/2025 - 11:30 م

نستلهم من ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر، قائد من قادة التحرير الأوفياء، وأبرز ما أنجبته لنا الثورة الأكتوبرية المجيدة، وأحد صُناع التغيير، ومهندسي ال