طريقٌ صنعته الأيادي.. وباركته القلوبُ والدعمُ
الخميس - 22 مايو 2025 - 05:19 ص
صوت العاصمة | خاص /وضاح الشليلي
في أبين، حيث تعبُرُ الطُّرُقاتُ على أكتافِ المعاناة، وحيثُ كلُّ شقٍّ في الأسفلتِ يروي قصةَ فَقدٍ أو أَلَم، قرّرت مجموعةٌ من الشباب أن يكتبوا نهايةً مختلفة. لم ينتظروا مشروعًا حكوميًّا، ولا تمويلاً دوليًّا، بل حملوا معاولَهم، واستندوا إلى إيمانٍ راسخٍ بأن التغييرَ يبدأُ من الأرضِ، لا من التصريحات.
هكذا وُلدت "مبادرةُ شبابِ أبين"، من عزيمةٍ صافية، وهدفٍ واضح: إعادةُ الحياة إلى طريقٍ يربط زنجبار بمودية، بطول (١٦٠) كيلومترًا، أنهكته سنواتُ الإهمال، وجعلته مسرحًا يوميًّا لحوادثَ قاتلة.
ما بدأته الأيادي الفتيّة، لم يكن مجردَ عملٍ هندسي، بل صرخةً إنسانيةً خرجت من رحمِ الألم. ومع كلِّ يومٍ من العملِ الشاق، كانت قلوبُ الناس تلتحقُ بالمشهد. أهالٍ وشبابٌ قدّموا ما يستطيعون، وتحوّلت المبادرةُ من مجرّد تعبيدِ طريق، إلى حالةِ وعيٍ جماعيٍّ مُلهمة.
وسط هذا المشهدِ المتواضعِ والعظيمِ في آنٍ، جاء موقفُ العميدِ الركن ناصر عبدربه منصور هادي ليمثّلَ نقطةَ التحوّل. لم يتردّد في مدِّ يدِ العون، ودعمِ المبادرة بكلّ سخاء، ماديًّا ومعنويًّا. والأهم: منحَ الشبابَ دفعةً من الثقةِ والاعتراف، جعلتهم يمضون بخطًى أكثرَ ثباتًا.
دعمه لم يكن مساندةً عابرة، بل إيمانًا حقيقيًّا بأن التنميةَ لا تُفرَض، بل تُبنى مع الناس ومن الناس. كان موقفه صادقًا بقدرِ ما كان ضروريًّا.
الطريقُ اليومَ ليس فقط ممهَّدًا بالترابِ والإسفلت، بل بالمعاني. كلُّ مترٍ جرى إصلاحُه، يحملُ بصمةَ شباب، وخطوةَ دعمٍ من قائدٍ اختار أن يكون في قلبِ الحدث، لا في هامشه.
أبين لم تكن يومًا أرضًا تنتظر من يبنيها، بل تُبنى بأهلها، وبسواعدَ مَن يُحبُّونها. وما حدثَ في هذه المبادرةِ يؤكدُ أن العملَ الجماعيَّ لا يُقاسُ بالإمكانات، بل بالإرادة.
وفي النهاية، سيُكتبُ لهذا الطريقِ أنه صُنِعَ بالأيادي الصلبة، وبُورِكَ بالقلوبِ النبيلة، التي لم تتأخرْ يومًا عن الوقوفِ إلى جانبِ أبنائها.
وهكذا، من قلبِ المعاناةِ وصدقِ النوايا، سُطّرت قصةٌ من نورٍ في أبين، قصةُ شبابٍ آمنوا بالفعل، وقائدٍ لم يتخلّفْ عن النداءِ. قصةُ طريقٍ لم يكن مجرّدَ ممرٍّ للسيارات، بل جسرًا نحو الأمل.
بُورِكَتْ أَبْيَنُ، وَبُورِكَ شَبَابُهَا وَقَادَتُهَا.