صحافي جنوبي يبرهن برد على منشور ( فتحي بن لزرق:) “كفى ابتزاز”
الجمعة - 23 مايو 2025 - 01:47 ص
صوت العاصمة | خاص / محمود اليزيدي
صديقي فتحي، في البداية، لا بد من التأكيد على أن حق الاختلاف السياسي مكفول ومشروع، وأن تعدد الأصوات ظاهرة صحية إن كانت تنطلق من حرص على الحقيقة والمصلحة الوطنية، لا من زوايا ضيقة أو حسابات آنية.
لكن اسمح لي أن أطرح عليك وعلى من يرددون ذات الخطاب جملة من التساؤلات المنهجية:
أولاً: من يبتز من؟
حين تتحدث عن “ابتزاز” بالانفصال، فأنت تعكس رؤية اختزلت القضية الجنوبية في شعارات موسمية، بينما الحقيقة أن القضية الجنوبية مشروع تحرري وطني عمره عقود، سابق لوجود المجلس الانتقالي ولقوى ما بعد 2015.
المجلس الانتقالي لم يأتي من فراغ، بل هو نتيجة طبيعية لنضالات شعب، قدم تضحيات جسيمة منذ ما بعد 1994، وما حدث بعد 2015 كان تثبيت لأمر واقع أفرزته المقاومة الجنوبية بدعم شعبي كامل.
ثانياً: تقول “كل شيء بيدكم منذ عشر سنوات”؟
هذا توصيف غير دقيق. من يملك القرار السيادي على موارد الجنوب؟
من يتحكم في صادرات النفط؟
من يحدد السياسة النقدية؟
من يصدر قرارات التعيين في مؤسسات الدولة السيادية؟
طبعاً ليس المجلس الانتقالي، الذي رغم حضوره الميداني والإداري في الجنوب، لا يزال في إطار شراكة منقوصة داخل حكومة توافقية، وهو يتحرك في مساحة مليئة بالتحديات، من صراع النفوذ، إلى الحصار الاقتصادي، إلى محاولات العرقلة الإدارية والسياسية والحروب الإعلامية من أطراف لم تقبل بعد أن الجنوب يجب أن يُدار من قبل الجنوبيين.
ثالثاً: إعلان الدولة ليس مجرد “بيان يكتبه فتحي بن لزرق أو محمود اليزيدي”
نعم، بإمكان أي طرف أن يكتب بيان، ولكن إعلان الدولة فعل سياسي وقانوني واستراتيجي معقد، يتطلب ظروف دولية وإقليمية مؤاتية، وضمانات قانونية، واعترافات دولية.
المجلس الانتقالي لا يبحث عن صورة في الإعلام، بل عن تثبيت مشروعه في إطار تفاوضي ودولي نزيه وعادل.
رابعاً: “ما الذي سيتغير؟”
الفرق كبير بين سلطة أمر واقع، وسلطة شرعية تستمد وجودها من إرادة شعب واعتراف دول.
الفرق أن الجنوب اليوم يعاني من ازدواجية القرار، ومن ابتزاز مركزي لا يزال يتحكم بالمصير الاقتصادي، ومن شراكة غير متكافئة.
ما سيتغير هو استعادة الجنوب لحقه السيادي الكامل، دون وصاية أو تقاسم غير متكافئ للثروات والسلطة.
خامساً: غاز مأرب وثروات الجنوب
إذا كان المجلس “ينعم” بغاز مأرب كما تدعي، فلماذا لا تُسلم عائدات مأرب وحضرموت وحتى شبوة إلى البنك المركزي في عدن؟ ولماذا يُدار ميناء عدن من خلف الستار؟ ولماذا يُحاصر الجنوب مالياً، وتُمنع عليه مرتبات جنوده وقواته ومعلميه؟
من ينهب من ؟ من يبتز من؟ من يصادر قرار من يا أستاذ فتحي؟
أخيراً: المثل يقول “لو فيها شمس، كانت أمس”؟
الشمس تشرق حين تنقشع الغيوم، ونحن اليوم أمام فجر جديد تُصاغ فيه معادلات الإقليم بعيون جديدة.
القضية الجنوبية ليست “تهريج إعلامي”، بل مشروع وطني تراكمي، يُبنى يوم بعد يوم، وتتضح ملامحه أمام كل منصف، جنوباً وشمالاً ودولياً.
فيا صديقي، ليس المطلوب أن توافقني الرأي، لكن على الأقل كت مُنصف، وفرق بين من يراكم الإنجاز رغم الصعاب، ومن يكتفي بالتعليق على مشهد لا يعرف تفاصيله.
محمود اليزيدي
2025/05/22