مداد العاصمة



لماذا يحنّ المقهورون إلى الدكتاتور ويرفضون كلّ من سواه؟

الخميس - 24 يوليو 2025 - 08:19 م

لماذا يحنّ المقهورون إلى الدكتاتور ويرفضون كلّ من سواه؟

صوت العاصمة | خاص / محمد سالم



بين معارضٍ ومعترض، مخالفٍ ومختلف، ناكرٍ ومستنكر، تتقلّب آراء بعض الناس؛ إن رأى فئة لا تتفق معه في أمرٍ ما أو شأنٍ ما، أقام عليها الدنيا ولم يقعد، ولا يُبالي: أَهُم أصحابُ حقٍّ أم مظلومون، أحرارٌ أم ثائرون؟ يستنكر فعلهم، وينكر حقوقهم، يُخالف توجههم، ويختلف معهم وعنهم، إن فعلوا صوابًا اقترف الخطأ، وإن سلكوا الهدى مشى الضلال، إن اعتدلوا تشدّد، وإن آمنوا كفر، لا يذكر لهم حسنة، ولا يعترف لهم بإحسان، كل القصد: تجريم الآخرين.

وإن وصل به الأمر، أباح دماءهم وأعراضهم وأموالهم وأرضهم، يحرّم عنهم الدفاع عن النفس والذود عن الأرض، ويسخر من تمسكهم بالشرف. خطيئتهم: غيرتهم، ذنبهم: عزّتهم، جرائمهم: حريّتهم ونخوتهم. استحقوا العقاب حين صدعوا بالحق، وفعلوا الصواب، وتشبّثوا بيقين النصر ونهاية الظالمين بفعل الأبطال ودعاء المظلومين، ينادون ربهم أن يُحقّ وعده ويحين وعيده، بكسر الجبابرة وهلاك الجبّارين.

وفعلًا، حَقّ وعد الله، وفرّ الطغاة، وهتف الجند: “الله أكبر”، دهش أهل الاعتراض، ذُهل المخالفون، وعجب المُنكرون، تشتّت جمعهم، وتفرّق شملهم، وقلّ عددهم وتعدادهم، وذلّ باغيهم، وخاب داعيهم، وخاف راعيهم، خاضعين غير راغبين، خانعين غير قانعين، انتصبت هاماتهم بعد أن كانوا راكعين.

عذرهم أقبح من ذنبهم: إنهم كانوا مُجبرين، ويأبى الصغار إلا أن يعيشوا صاغرين.
تبرز شجاعتهم وتظهر بطولاتهم إن أحسّوا لينًا، أو أيقنوا أمنًا، ورأوا عدالةً وحكم مساواة؛ ثاروا وداروا، هجموا وأغاروا، منتقدين ومنظّرين، مطالبين وطالبين، معارضين معترضين، رافضين كل أمر، مستنكرين الحق، متجاهلين الحقيقة، ناسين الماضي، معارضين الواقع، يهاجمونه بكل دعوة، يُخطّئونه بكل حُجّة، وكأن العبد اشتاق لسوط سيّده، وحنّ الذليل إلى عنف جلّاديه، ويخشى الجبان أن تتهور شجاعته وتنبري بطولته حين غاب الطغاة وفرّ الدكتاتور.

الذي عاش في ظلّه، كان الجُبن طوق نجاته، والصمت سُقياه وقوته.

وهكذا عرفنا لماذا حتى الحق يُوجد من يعارضه، والحرّ هناك من يعاديه. لن يُحارب الثائرون إلا فرد من هذه الشلّة، ولن يُعاكس طريق النصر إلا فرد عاش الهزيمة نصف قرنٍ ونيف، فيها ترعرع، وعليها كبر أولاده، وذاق من مقدّمتها أجداده، وعلى جدرانها رسم زيف أمجاده، التي تقلّد القيادة معاركة، وتوشّح أوسمتها، واعتلى سُلّمها، وعلى وقع أهازيج المحافل، تشرب الشعب حبّه، وتودد الجند بها قربه، وسطّر المنافقون جبروت حربه، وقلب الهزيمة نصرًا، والخسارة فخرًا.

ودونها، معكوسة، ترفرف الراية المنكوسة، ويمجّد الأسياد مقالات وشِعر، وخُطَب ونثر، تُعجّل الطاهرة عهرًا، وتُعطي الوضيع قدرًا، وتُسلّمه الوطن مهرًا.

فمن أين العزّة لمن حفر للشرف قبرًا؟
وارتضى من الكرامة صفرًا؟
وباع حرّيته بلا سعر؟
ولم يبقَ عنده من صفاته سوى مُرّ الصبر، وقبول القهر، يقتاته باقي الدهر



الأكثر زيارة


«التسريح لا يُسقط الحق: ضابط يرفع علم دولته المؤجَّلة».

الجمعة/19/ديسمبر/2025 - 04:13 م

في هذه الصورة لا نرى رجلًا يرفع علمًا فحسب، نرى عمرًا كاملًا ينهض من الانكسار، وسنواتٍ من الإقصاء القسري تقف على أطراف الأصابع لتلامس القماش الملوّن ك


الجنوب يفرض الواقع.. وصنعاء تنتظر القرار! .

الجمعة/19/ديسمبر/2025 - 06:51 م

كنا نسمع لسنوات الإعلام الشرعي والإخواني يردد أن الجنوب يستحيل عليه استعادة دولته لأنه لا يملك ممثلًا حقيقيًا، وكانوا في كل مرحلة يفرّخون لنا مكوّنات


الأعجم يفكك "شيفرة" التخادم الحـ.و.ثي والإخـ.وان ويوجه رسالة.

الجمعة/19/ديسمبر/2025 - 08:48 م

في رسالة سياسية اتسمت بالوضوح والمكاشفة، وجه رئيس تحرير صحيفة "الأمناء" الأستاذ عدنان الأعجم خطاباً هاماً إلى قيادة المملكة العربية السعودية، أكد فيه


بن لزرق: الصراع في حضرموت والمهرة "أخطر" من حرب 2015 ويهدد ب.

الجمعة/19/ديسمبر/2025 - 06:31 م

حذر الصحفي البارز، فتحي بن لزرق، من خطورة التصعيد السياسي والعسكري الجاري في محافظتي حضرموت والمهرة، واصفاً إياه بأنه الصراع الأكثر خطورة في اليمن منذ