مداد العاصمة



في لعبة الاقتصاد :البقاء للاكثر وعيا وليس للاكثر تفاؤلا

الإثنين - 04 أغسطس 2025 - 02:04 ص

في لعبة الاقتصاد :البقاء للاكثر وعيا وليس للاكثر تفاؤلا


صوت العاصمة | حافظ الشجيفي

في مشهد يعكس ازمة بنيوية عميقة، تتارجح قيمة الريال اليمني بين صعود مفتعل وهبوط مفاجئ، دون ان يكون لهذا التقلب الحاد اي سند من منطق الاقتصاد او مؤشرات السوق الحقيقية. فالقرارات التي تحكم بها اسعار الصرف اليوم ليست سوى ادوات في يد اطراف سياسية تتحكم بمصادر التمويل وتوجه دفة الاقتصاد وفق اجندات ضيقة، لا علاقة لها بتحسين معيشة المواطن او استقرار البلاد.

وصلت اسعار العملات الاجنبية مقابل الريال اليمني الى مستويات قياسية غير مسبوقة، رغم عدم وجود مبررات اقتصادية تدعم هذا الانفلات، سواء من حيث العرض والطلب، او من حيث السياسات النقدية الفاعلة. والاكثر غرابة ان هذا الارتفاع تبعه هبوط حاد ومفاجئ، دون اي اصلاحات مالية او اجراءات حقيقية لمعالجة الاسباب الجذرية للتضخم، مما يؤكد ان كلا السيناريوهين كانا موجهين من قبل البنك المركزي، كجزء من لعبة سياسية تهدف الى ارهاق المواطن واذلاله.

هذا التلاعب المتعمد يظهر ان الاقتصاد في البلاد قد تحول الى ساحة للمناورات، حيث تستخدم العملة كسلاح لاستنزاف الناس نفسيا وماديا، وجرهم الى دائرة الياس والاحباط. فكلما شعر المواطن بومضة امل، تسحب البساط من تحت قدميه عبر ازمات جديدة تعيده الى نقطة الصفر، بل واسوأ.


ليس من الحكمة ان يندفع المواطنون الى التفاؤل المفرط بهبوط مؤقت في سعر الصرف، فالتجربة اثبتت ان هذه التقلبات تحاك في الغرف المغلقة، وتستخدم كاداة لتمرير صدمات اكبر لاحقا. فالقوى التي تتحكم بسوق العملة اليوم قادرة على قلب المعادلة بين ليلة وضحاها، ليعود الدولار والعملات الاجنبية الى الارتفاع مجددا، وربما بمستويات اعلى، تاركة الناس امام واقع اكثر قسوة، بعد ان استنفدوا ما تبقى من مدخراتهم في محاولات يائسة لمواكبة التقلبات.

هذا النمط من الازمات المدارة يذكرنا ب"اقتصاد الكمائن"، حيث يترك المواطن في حالة ترقب دائم، غير قادر على التخطيط لمستقبله، وغير واثق من اي تحسن عابر. والهدف واضح: ابقاء الشعب في حالة من الانهاك المستمر، حتى يفقد القدرة على المطالبة بحقوقه او مقاومة السياسات المفروضة عليه.

وفي خضم هذه المعركة، يبرز دور الاعلام كمضلل مقصود، لا كمنصف او ناقل للحقيقة. فغالبية الوسائل الاعلامية، باختلاف انتماءاتها، تعمل كبوق للسياسيين، تهول حينا وتهون حينا اخر، حسبما تمليه الاجندات الخفية. والخطورة هنا لا تكمن في تحيز الاعلام فحسب، بل في قدرته على تشكيل وعي الجمهور وتوجيه ردود افعالهم نحو مسارات تخدم اطرافا بعينها.

لذا، فإن الخروج من هذه المصيدة يتطلب وعيا فرديا وجماعيا يقظا.حيث لا يمكن ترك العقول رهينة لخطاب اعلامي معد سلفا، ولا يجوز الثقة بكل ما ينشر دون تمحيص. والحل الوحيد هو اعتماد العقل النقدي، والبحث عن المعلومات من مصادر متنوعة، وقراءة التحولات الاقتصادية بعيدا عن الضجيج الاعلامي المغرض.


القادم قد يكون اكثر قسوة، فمن يحرك خيوط الاقتصاد اليوم لا يهدف الى انقاذ البلاد، بل الى تحويل الشعب الى رهينة في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل. لذلك، فإن اي هبوط في الاسعار يجب ان يقرا كهدنة مؤقتة، وليس كحل جذري.

الخيار الوحيد المتاح امام الناس هو توخي الحذر، وعدم الانسياق وراء التفاؤل الساذج، والاستعداد لمواجهة المزيد من التحديات. ففي ظل غياب الشفافية وسيادة منطق القوة، لن يكون الاقتصاد سوى وجه اخر للحرب. والبقاء للاكثر وعيا، لا للاكثر تفاؤلا.



الأكثر زيارة


الحـ.ـوثي يحشد قـ.ـواته نحو الجنوب .. «تعـ.ـزيزات عسـ.ـكرية .

الخميس/18/ديسمبر/2025 - 04:12 م

علمت "العين الإخبارية" من مصادر أمنية وعسكرية يمنية أن مليشيات الحوثي دفعت بتعزيزات عسكرية غير مسبوقة إلى الجبهات الجنوبية الداخلية في البلاد. وأوضحت


السعودية تنفّذ حكم الإعـ.ـدام بحق يمني أدين باغتـ.ـيال قائد .

الخميس/18/ديسمبر/2025 - 10:35 م

أعلنت وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية، اليوم الخميس، تنفيذ حكم الإعدام بحق المدعو قابوس سعيد الكثيري، يمني الجنسية، بعد إدانته بارتكاب جريم


أمطار واجواء باردة تضرب هذه المحافظات خلال الساعات القادمة.

الخميس/18/ديسمبر/2025 - 04:00 م

توقع المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر استمرار تأثير الكتلة الهوائية الباردة على المرتفعات الجبلية اليمنية، بالتزامن مع فرص لهطول أمطار متفرقة على


صدمة تهز هذه المحافظة .. العثور على جـ.ـثة شاب مجهول الهوية .

الخميس/18/ديسمبر/2025 - 03:53 م

سادت حالة من الذعر بين أهالي مديرية التعزية بمحافظة تعز الخاضعة لسيطرة حزب الإصلاح الإخواني، عقب العثور على جثة شاب فارق الحياة في ظروف غامضة، اليوم ا