مداد العاصمة



قمة الدوحة… انعطافة استراتيجية لصياغة الأمن العربي والإسلامي في مواجهة الهيمنة والعـ.ـدوان

الإثنين - 15 سبتمبر 2025 - 05:06 م

قمة الدوحة… انعطافة استراتيجية لصياغة الأمن العربي والإسلامي في مواجهة الهيمنة والعـ.ـدوان

صوت العاصمة/خاص:

كتب : ملهم محمود طالب العيفري

قبل ما يزيد على تسع سنوات طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مبادرة استراتيجية تقضي بإنشاء "نيتو عربي" على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو) غير أن المبادرة طويت في رفوف الانتظار ولو أنها فُعلت اليوم في اجتماع الدوحة العربي–الإسلامي لما تجرأت أي قوة دولية أو إقليمية على الاعتداء على أي قطر عربي.. فاجتماع الدوحة لا يمثل مجرد لقاء بروتوكولي بل يكتسب بعدا استراتيجيا في ظل المتغيرات الجيوسياسية الراهنة بما يفرض على القادة العرب والمسلمين صياغة عقيدة ردع جماعية قائمة على مبادئ الأمن القومي العربي والإسلامي.
إن أي تقاعس عن بلورة استراتيجية أمن جماعي مماثلة لآليات الردع في الناتو، سيُفسح المجال أمام إسرائيل لمواصلة تصعيدها العدواني. ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تتضمن حزمة من الإجراءات العقابية منها:
إغلاق المجال الجوي العربي والإسلامي أمام الطيران الإسرائيلي.
حظر الملاحة التجارية والعسكرية الإسرائيلية في الموانئ والمرافئ العربية والإسلامية.
فرض عقوبات اقتصادية وسياسية متدرجة بالتوازي مع الضغط على الولايات المتحدة لوقف دعمها لإسرائيل، عبر مقاطعة السلع الأمريكية وتعليق التبادلات التجارية والعسكرية إذا استمر الدعم غير المشروط للعدوان الإسرائيلي.

إن استمرار الصمت أو الاكتفاء بالبيانات الإنشائية سيُترجم إلى ضوء أخضر لإسرائيل لمزيد من التوسع والتمادي وهو ما يستدعي من قادة العالم العربي والإسلامي، وفي مقدمتهم دول مجلس التعاون الخليجي، تبني موقف استراتيجي موحد يكرس مبدأ الأمن الجماعي الإقليمي ويعزز مفهوم الاستقلال الاستراتيجي بعيدا عن الارتهان لمنظومة التسليح والحماية الأمريكية.
إن إسرائيل رغم ما تمتلكه من قدرات عسكرية ونووية تعاني من أزمة وجودية بنيوية، فهي تدرك أنها كيان وظيفي زُرع في بيئة معادية بطبيعتها؛ العرب توحدهم العروبة بمرتكزاتها: اللغة والدين والتاريخ والجغرافيا الممتدة من المحيط إلى الخليج.. أما دول أمريكا اللاتينية فيجمعها الإرث الإيبيري–اللاتيني من لغة ودين وتجربة مشتركة ضد الهيمنة الاستعمارية والشمالية.. فيما تستند أوروبا إلى جذور حضارية موحدة وحداثة عقلانية، ومصالح اقتصادية وأمنية متجسدة في الاتحاد الأوروبي .. بينما ترتبط دول آسيا الوسطى والقوقاز بروابط عرقية وثقافية ودينية متشابكة وتوحدها ذاكرة الإرث السوفيتي الذي صاغ بنيتها السياسية والاقتصادية.. أما إسرائيل فهي استثناء جيوسياسي في قلب المنطقة إذ لا تمتلك جامعا حضاريا أو تاريخيا مع جيرانها وتبقى كيانا مزروعا في خاصرة الوطن العربي يعيش قلقا وجوديا وأزمة هوية دائمة ويحاول تعويض غربته بالتمدد العدواني والتحالفات الخارجية.
وهذا الإدراك يترجم في سلوكها العدواني الرامي إلى إشعال النزاعات الطائفية والسياسية في محيطها وتفكيك أي إمكانية لقيام تحالف عربي أو إسلامي فاعل.
وعلى الصعيد النووي تتبنى إسرائيل مبدأ الاحتكار الاستراتيجي للتفوق العسكري رافضة السماح لأي دولة إقليمية بتطوير قدرات نووية ردعية وهو ما يفسر ضرباتها المتكررة للمفاعلات في العراق وسوريا وإيران فضلا عن محاولاتها المستمرة لتقويض البرامج النووية المصرية.
ويبقى السؤال الجوهري: لماذا استهدفت إسرائيل قطر؟
فقطر ليست دولة نووية ولا تمتلك ترسانة عسكرية تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل؛ بل إنها ترتبط بتحالفات أمنية واقتصادية متينة مع الولايات المتحدة ولعبت في مراحل مختلفة دور قناة تواصل غير مباشر في الإقليم.. بل إن الدوحة كانت من أكثر العواصم العربية تعاونا وتنسيقا مع إسرائيل في ملفات متعددة، سياسية واقتصادية وحتى إنسانية، وهو ما يجعل استهدافها يحمل أبعادا سياسية أبعد من مجرد الاعتبارات العسكرية، إنها رسالة صريحة من تل أبيب بأنها تتحرك بمنطق القوة المنفردة دون اكتراث للتحالفات أو الحسابات التقليدية، دون اعتبار للشرعية الدولية أو للخطوط الحمراء التقليدية في محاولة لإعادة رسم موازين القوى الإقليمية وفق منظور إسرائيلي صرف.
ومن ثم لم تعد الاتفاقيات التي أرستها كامب ديفيد أو وادي عربة أو أوسلو كفيلة بتأمين إسرائيل أو تثبيت شرعيتها، فالدولة العبرية باتت تعتمد استراتيجية الردع الوقائي عبر فرض وقائع ميدانية أحادية، تتجاوز السيادة الوطنية للدول وتخرق القوانين الدولية.
إن ما يجري اليوم يعيد فتح ملف الأمن العربي والإسلامي من بوابة جديدة: إما تأسيس منظومة ردع عربية–إسلامية متماسكة تعيد التوازن الاستراتيجي للمنطقة أو البقاء أسرى لهيمنة القوة الإسرائيلية المدعومة أمريكيا، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر تفكيك للهوية والسيادة والمصالح العليا للأمة.




الأكثر زيارة


بشكل فوري .. الحوثيـ.ـون يوجهون بإخلاء أحياء في العاصمة اليم.

الأحد/14/سبتمبر/2025 - 07:59 م

كشفت مصادر محلية، عن صدور دعوات لإخلاء عدد من الأحياء السكنية في العاصمة اليمنية صنعاء، تحسبًا لقصف إسرائيلي محتمل، في ظل استمرار الصمت الرسمي من جانب


نتنياهو يفقد أعصـ،،ـابه في اجتماع الحكومة.

الإثنين/15/سبتمبر/2025 - 03:42 ص

شن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وعدد من الوزراء أمس الأحد، هجوماً حاداً على المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف-ميارة، وذلك خلال الاجتما


شركة "دكرا" العالمية تكرم المهندس الجنوبي أمين الشعيبي لتميز.

الإثنين/15/سبتمبر/2025 - 01:12 ص

في لفتة تقديرية لجهوده وإنجازاته، كرّمت شركة "دكرا" الدولية للسلامة المهندس الجنوبي أمين محمد الشعيبي، وذلك في حفل خاص أُقيم بمقر الشركة الم


تطورات خطيرة ونوعية في مسار المواجهـ.ـة .. تحالف أمـ.ـريكي إ.

الإثنين/15/سبتمبر/2025 - 03:32 م

كشف المحلل السياسي البارز، خالد سلمان، مساء الأحد، عن تطورات خطيرة و"نوعية" في مسار المواجهة مع مليشيا الحوثي، مؤكدًا وجود تنسيق عسكري وأمني "رفيع الم