أخبار محلية

يوم ينحني القلم مودعأ المناضل محمد أحمد عمر (البيض)

الجمعة - 26 سبتمبر 2025 - 12:58 ص

كتب/ عبدالسلام محمد قاسم

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾
اليوم، ينحني القلم احتراماً، ويذرف القلب دمعه حزناً، مودعاً رجلاً من أعمدة النضال، ومن الصخور التي لم تفتتها السنين ولا الانكسارات. نودّع الزميل المناضل الصلب محمد أحمد البيض، الرجل الذي عاش كما الجبل في صلابته، ورحل تاركاً أثراً لا يُمحى.

ولد الفقيد في قرية الزند منطقة زبيد، في كنف أسرة آل عمر، تلك الأسرة التي عُرفت منذ القدم بشقّ الصخور، وتطويع الحجارة لتشييد البيوت والمعالم، حتى غدت رمزاً للكفاح والكدح. ومن هذه البيئة الصلبة، خرج محمد البيض حاملاً ذات الروح: قوة، صبر، وعدم استسلام.

لم يكن محمد أحمد البيض مجرد فرد في قريته، بل كان علماً في مجتمعه. منذ اجتياح قوات الشمال للجنوب العربي، كان في مقدمة الصفوف، ضمن النواة الأولى للمقاومة بقيادة القائد عيدروس قاسم عبدالعزيز، مؤمناً أن الوطن لا يُحرَّر إلا بتضحيات رجاله. عُرف بشجاعته، ووقفاته المشرّفة في الميدان، مشاركاً بفعالية في كل المراحل: من الفعاليات السلمية إلى المعارك العسكرية.
تتلمذ الفقيد في مدرسة النضال التي أسسها القائد عيدروس الزبيدي، ونهل من مدرسة القائد شلال علي شائع، ورافق خيرة الرجال، أمثال الفقيد فريد مقبل صالح، والشهيد عبدالقوي محمد قاسم لخجم، وغيرهم من المناضلين الأحرار. كانوا جميعاً رفاق دربه، يشهدون له بالصدق والإخلاص والتفاني.

ورغم مسيرته النضالية الطويلة، ظل محمد البيض صفحة بيضاء، لم يعرف الحقد ولا الانتقام، بل حمل في قلبه حباً لقضيته وشعبه، وهدفاً وحيداً: التحرير والاستقلال واستعادة الدولة. ومن المفارقات أن كنيته "البيض" التصقت به لتقارب ملامحه مع الرئيس علي سالم البيض، حتى صار الاسم والرمز معاً عنواناً له.

لقد فقدت الضالع، ومعها الجنوب، واحداً من رجالاتها الأشداء، ومناضلاً صادقاً يُكتب اسمه في سجلات الفخر. رحل الجسد، لكن تاريخه سيظل باقياً، يورث الأجيال معنى التضحية والإباء.

سلامٌ عليك يوم ولدت من صخور الجبال، ويوم ناضلت بشجاعة الرجال، ويوم رحلت تاركاً إرثاً يفاخر به الأحرار.