التعليم في غرفة الإنعاش.. والمعلمون بلا رواتب!
الثلاثاء - 30 سبتمبر 2025 - 03:06 م
كتب/عبدالسلام محمد قاسم
يدخل المعلمون شهرهم الرابع بلا رواتب، في واحدة من أقسى صور الإهمال التي يواجهها القطاع التربوي منذ عقود! لم يعد الأمر مجرد أزمة مالية عابرة، بل تحوّل إلى جرح عميق يهدد حاضر التعليم ومستقبل أجيال بأكملها، ويضع العملية التعليمية على حافة الانهيار الكامل.
راتب هزيل غائب منذ أشهر
والمفارقة المؤلمة أن رواتب المعلمين –حين كانت تُصرف– لم تكن تتجاوز 45 دولارًا في المتوسط، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية أبسط احتياجات أسرة صغيرة في ظل الغلاء الجنوني وارتفاع الأسعار. ومع غياب هذا الراتب المتواضع أربعة أشهر متتالية، يعيش آلاف المعلمين حالة قاسية من الفقر والديون، مهددين بفقدان قدرتهم على الاستمرار في أداء رسالتهم.
نقابة غائبة وصمت مخيف
أين دور نقابة المعلمين؟ سؤال يتردد على ألسنة الجميع، فبينما يئن المعلمون تحت وطأة الجوع والإهمال، غابت النقابة عن المشهد، أو اكتفت ببيانات خجولة لا ترقى إلى مستوى الكارثة. فالنقابة –المفترض أنها الحصن المدافع عن حقوق الكادر التربوي– بدت وكأنها طرف متفرج على معاناة منتسبيها.
حلول مشوهة على حساب الطلاب
في بعض المناطق، سعت إدارات التعليم إلى ابتكار ما أسمته "صناديق دعم المعلمين"، وهي صناديق تموَّل على حساب الطلاب أو مجالس الآباء. هذا الحل المؤقت لم يكن سوى إضافة عبء جديد على كاهل الأسر الفقيرة، بينما ترك المعلم في دائرة الحرمان، دون أن يعالج أصل المشكلة المتمثل في انقطاع المرتبات.
التعليم يحتضر.. والمعلمون يتساوون في الألم
المشهد اليوم يُظهر معلمين متساوين في المعاناة؛ لا فرق بين كبير وصغير، قديم أو جديد، فالجميع يذوق مرارة الجوع والخذلان. وهنا تطرح الحقيقة نفسها بوضوح: إذا كان أساس العملية التعليمية يعيش هذه المأساة، فكيف نطمح إلى تعليم جيل واعٍ ومؤهل لمستقبل أفضل؟
صرخة للتاريخ
إن صرخة المعلمين اليوم ليست مجرد مطلب بزيادة رواتب أو تحسين وضع معيشي، بل هي نداء استغاثة لإنقاذ التعليم من غرفة الإنعاش. فالأوطان تُبنى بالعلم، والمعلم هو حجر الأساس لأي نهضة. وإذا استمر تجاهل صوته، فإن الخسارة لن تقتصر على المعلمين وحدهم، بل ستصيب الوطن كله في صميمه.