توني بلير.. الوجه المظلم للإمبراطورية وعراب الخراب العالمي
الأربعاء - 01 أكتوبر 2025 - 11:07 م
صوت العاصمة / ملهم محمود طالب العيفري
لا يُستدعى اسم توني بلير في الذاكرة السياسية إلا وتنهض معه صور الدم والركام والخراب في الشرق الأوسط..إنه الرجل الذي قدم نفسه بزي "الزعيم الإصلاحي" و"القائد التقدمي" بينما لم يكن سوى أداة استعمارية ناعمة.. وواجهة أنيقة للمشاريع الأمريكية–البريطانية في إعادة إنتاج الهيمنة ونهب ثروات الشعوب.
بلير لم يكن مجرد رئيس وزراء بريطاني؛ بل كان المهندس السياسي لواحدة من أبشع جرائم القرن الحادي والعشرين، والعراب الذي شرعن غزو العراق على كذبة "أسلحة الدمار الشامل" ليُفتح بوابة الجحيم التي أحرقت المنطقة لعقود. ومن بغداد إلى كابول ..كان اسمه مرادفاً للدمار والتدخل الإمبريالي فغطى الحرب على أفغانستان بعباءة الشرعية السياسية وحولها إلى ساحة خراب دائم.. ولقد أثبتت لجنة "تشيلكوت" حجم التضليل والخداع الذي مارسه لكنه أفلت من المحاسبة كما يفلت كل مجرم حرب تُحصنه المظلة الإمبراطورية.
أما في فلسطين فلم يكن بلير وسيطاً بل محامياً مأجوراً للمشروع الصهيوني.. فقد كان أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم، إذ سوغ جرائم الاحتلال وغطى سياسات التهويد والقمع، وساهم في هندسة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية عبر أوهام اقتصادية تُجمّل الاحتلال بدل إنهائه.. بلير كان أحد العقول التي دفعت بمشروع "ريفيرا غزة" على خط ترامب متواطئاً في تحويل المأساة الفلسطينية إلى حقل تجارب للاستعمار الاقتصادي.
واليوم.. بينما ترتكب إسرائيل حرب إبادة في غزة خلفت أكثر من ستة وستين ألف شهيد ودمّرت كل مظاهر الحياة، تطبخ في مطابخ واشنطن ولندن وتل أبيب سيناريوهات ما بعد الحرب، ويُطرح اسم بلير ليكون حاكماً أو وكيلاً سياسياً في القطاع ضمن مشاريع "الحكم الوظيفي" الغربي إنها محاولة سافرة لإعادة صياغة المشهد الفلسطيني بوصاية استعمارية جديدة.
بعد مغادرته الحكم لم يغادر بلير مسرح الهيمنة؛ بل تحوّل إلى سمسار سياسات دولي يتجول بين العواصم تحت لافتة "معهد التغيير العالمي". لكنه لا يبيع التغيير بل يصدّر وصفات لإعادة إنتاج التبعية وضمان تدفق المصالح الغربية. استشاراته في إفريقيا والعالم العربي لم تكن سوى أدوات لاختراق الدول وإعادة هندسة مؤسساتها ودساتيرها بما يخدم مراكز القوة في واشنطن ولندن وتل أبيب.
إن إرث بلير ليس إرث قائد وطني بل إرث قاتل بربطة عنق، رجل جسّد الازدواجية الغربية: خطاب عن الديمقراطية والإنسانية وممارسة لا تعرف سوى الاحتلال والإبادة وإدامة الاستعمار.. لذلك سيظل تاريخه وصمة سوداء في السجل البريطاني الحديث، بل لعله أكثر الحكام إجراماً في تاريخ بريطانيا السياسي.
إن توني بلير هو الشاهد والفاعل ،،هو المجرم والسمسار، وهو الوجه الذي حاولت الإمبراطورية عبره إعادة صياغة العالم على أنقاض الشعوب.. سيبقى اسمه مهما حاولت الدعاية الغربية تجميله، عنواناً للعار السياسي وجرائم القرن الحادي والعشرين.
//ملهم محمود طالب العيفري