مصر.. صانعة التحولات ودرع العروبة الحصين.
الإثنين - 06 أكتوبر 2025 - 07:53 م
كتب:ملهم محمود طالب العيفري
مصر ليست جغرافيا مرسومة على خرائط ولا سلطةً عابرةً في سجلات السياسة؛ بل فكرة خالدة وإرادة لا تنكسر ونبضُ التاريخ العربي في كل تحولٍ مصيري... فمنذ أن بزغ فجر الحضارة كانت القاهرة قلب الشرق النابض ومركز قراره، وعقله المفكر الذي تُعاد فيه صياغة الموازين وتُرسم فيه خرائط النفوذ.. لم يكن نصرٌ عربي إلا وكانت مصر قلبه النابض ورايته الخفاقة؛ فهي التي تُعيد تعريف مفهوم الدولة حين تتصدع الموازين وتثبت بوصلة السيادة حين يعم الاضطراب وتحول الانكسار إلى طاقة صعودٍ جديدة.
وفي ذكرى السادس من أكتوبر تتجدد في الذاكرة صورة الإرادة المصرية وهي تصنع المستحيل، وتُحيل الحلم واقعا يدهش العالم.. هناك على ضفاف القناة، عبَر الجندي المصري حائط النار، ليكتب بدمه فصلا جديدا من مجد الأمة معلنا أن الكرامة لا تُشترى،، وأن منطق القوة هو لغة الأحرار.
كانت حرب أكتوبر خلاصة إعدادٍ بدأه الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذي أعاد بناء الجيش على قاعدةٍ من الصمود والإيمان بأن «ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة»، فصنع جيلاً يحمل على كتفيه إرادة النهضة وراية التحرير.. وحين تولى أنور السادات القيادة لم يواصل المسير فحسب؛ بل فجر طاقة الأمة من رماد الهزيمة لتتحول لحظة العبور إلى ميلادٍ جديد للعروبة كلها.
ذلك الجيش المصري درع الأمة وسيفها لم يكن مؤسسةً نظاميةً فحسب ؛ بل روحا قوميةً مجبولةً على التضحية حارسا لبوابة الشرق وسدا منيعا أمام طوفان الفوضى.. ومن فجر التاريخ حتى اليوم ظل الضامن الأصدق لاستقرار المنطقة.. والركيزة التي تتكئ عليها الأمة في زمن الانكسارات.. وإضعاف مصر، كما يخطئ البعض في فهمه ،، ليس شأنا داخليا؛ بل تفكيك لمنظومة الأمن القومي العربي نفسها فمصر هي القلب، وإن توقف نبضها اضطرب الجسد كله.
هكذا كانت مصر وهكذا ستبقى: هي المتغير الثابت في معادلة الأمة؛ إن نهضت انتصرت العروبة وإن انكسرت اضطرب المشرق والمغرب معا.. فمن نور الدين زنكي إلى جمال عبد الناصر ومن حطين إلى أكتوبر، ومن صلاح الدين إلى السادات، ومن بيبرس إلى الفريق سعد الدين الشاذلي.. ظلت القاهرة تُعيد للعالم العربي ثقته بقدرته على النهوض من تحت الركام، وتؤكد أن الإرادة الصادقة وحدها هي التي تصنع التاريخ وتعيد للأمم مجدها المفقود. ولم يكن ذلك النصر ليكتمل لولا دور قائد الرماة في سماء المعركة قائد سلاح الجو آنذاك الطيار حسني مبارك الذي جسد بعقله العسكري وانضباطه الميداني روح المقاتل المصري فحمى سماء الوطن ومهد للعبور أعظم ملحمة عربية في العصر الحديث.
كانت القاهرة دوما تُعيد للعالم العربي ثقته بقدرته على النهوض من تحت الركام وتؤكد أن الإرادة الصادقة وحدها هي التي تصنع التاريخ.. ورغم كل التحديات الاقتصادية والضغوط الدولية، تبقى مصر الكلمة التي لا تُمحى والنور الذي لا يخبو .. والدرع الذي لا يُكسر، لتظل كما كانت: قلب الأمة النابض وعمودها الذي لا يميل.