أخبار محلية



14 أكتوبر.. الشرارة التي سبقت البندقـ.ـية

الأربعاء - 08 أكتوبر 2025 - 11:27 م

14 أكتوبر.. الشرارة التي سبقت البندقـ.ـية

كتب: د. مريم العفيف





ليست الثورات بنادق تُشهر فحسب، ولا لحظات سياسية تُدوَّن في سجلات التاريخ، بل هي قبل كل شيء يقظة وعيٍ داخليٍّ، وانبثاق شعورٍ جمعيٍّ بالكرامة والقدرة على استعادة الذات.


وهكذا كان 14 أكتوبر في وجدان الجنوبيين؛ لم يكن يومًا عابرًا في تقويم السياسة، بل كان لحظة تحررٍ من الداخل، حين انتفض الإنسان الجنوبي على الخوف قبل أن يواجه المستعمر بالسلاح.

لقد ترك ذلك اليوم أثرًا نفسيًا عميقًا في بنية الوعي الجمعي، إذ شكّل نقطة توازنٍ بين الجرح والفخر، بين الذاكرة والنهضة. فما من بيتٍ جنوبي إلا ويحمل في أعماقه ظلًّا من أكتوبر؛ ظلًّا يذكّره بأن الكرامة ليست قرارًا يُتخذ في القصور السياسية، بل حالة إنسانية يعيشها الفرد حين يعي أنه قادر على النهوض مهما طال الانكسار.

إن الأحداث الكبرى، مثل أكتوبر، لا تغيّر الأنظمة فحسب، بل تعيد صياغة النفس الجماعية، وتوقظ فيها القدرة على المعنى. فحين يتذوق الإنسان طعم الانتصار الجمعي، تتكوّن داخله صورة جديدة عن ذاته ووطنه، ويولد فيه إحساس ناضج بالانتماء، يتجاوز حدود الشعارات إلى عمق التجربة الوجدانية.

كان جوهر التحوّل في تجربة الجنوب أن التحرر النفسي سبق التحرر السياسي. فالانعتاق الحقيقي لم يبدأ يوم ارتفع صوت البندقية، بل يوم قرر الإنسان الجنوبي أن لا يعيش أسيرًا للخوف أو للخنوع، وأن يصالح ذاته ويحوّل ألمه إلى طاقة تصنع الكرامة.
ومن تلك اللحظة، وُلد وعيٌ جديد يرى أن الحرية لا تُمنح ولا تُورّث، بل تُكتسب عبر الإدراك والوعي، وأن الألم ليس قيدًا، بل سلّمًا نحو النهوض.

لقد تحوّل وجع الجنوب إلى طاقة رمزية تسري في شرايين المجتمع، تستمد قوتها من تضحيات الأجيال، ومن صبرٍ طويل على جراح التاريخ. صار أكتوبر رمزًا نفسيًا مستمرًا، يتجدد كلما استُهدفت الكرامة أو اهتزّ الحلم، وكأن الذكرى أصبحت محرّكًا داخليًا يذكّر الجنوبي بأنه لم يولد ليُهزم.

إن العلاقة بين السياسة والنفس في التجربة الجنوبية علاقة تفاعلية دقيقة؛ فحين تترنح السياسة، يختل توازن النفس الجمعية، وحين تنهض الروح الوطنية، تستعيد الذات الجماعية تماسكها وإيمانها بالقدرة على الفعل.
ومن هنا نفهم أن أكتوبر لم يحرر الأرض فقط، بل حرر الإنسان من داخله، فأعاد إليه ثقته بقدرته على التغيير.

واليوم، بعد عقودٍ من ذلك الحدث، ما زالت ذكرى أكتوبر تُنعش الأمل في النفوس، وتذكّر الأجيال بأن الحرية ليست مرحلة في التاريخ، بل منهج وعيٍ دائم. فكلما أطلّ أكتوبر، استيقظت في الذاكرة الجمعية طاقة النهوض، كأنها تؤكد أن الشعوب التي عرفت طريق الحرية مرة، لا يمكن أن تضله مجددًا.

إن أكتوبر ليس فصلًا من تاريخ الجنوب فحسب، بل بوصلة نفسية تشير دائمًا نحو الكرامة. ومن يدرك أكتوبر كحالة وعيٍ داخلي، يفهم أن الثورة ليست في الساحات وحدها، بل في كلّ روحٍ ترفض الاستسلام وتصرّ على أن تبقى حرّة.



الأكثر زيارة


عاجل: أنباء عن حشود حو.ثية وإخو.انية عسكرية ضخمة في مأرب لغز.

الخميس/04/ديسمبر/2025 - 03:11 ص

رصدت مصادر قبلية وعسكرية متطابقة في محافظة مأرب حشودًا كبيرة تابعة لميليشيا الحوثي الإرهابية في المناطق الشمالية الغربية للمحافظة، في تحرّك اعتبرته شخ


قائد اللواء 315 بحضرموت يعلن انضمامه إلى القوات المسلحة الجن.

الأربعاء/03/ديسمبر/2025 - 05:51 م

أعلن العميد علي الخضر الدنبوع، قائد اللواء 315 المتمركز في منطقة ثمود بمحافظة حضرموت، انضمامه رسميًا إلى صفوف القوات المسلحة الجنوبية، وذلك تحت قيادة


العميد بن رشيد : قواتنا ماضية في عمليات التحرير.. ونجاح “الم.

الأربعاء/03/ديسمبر/2025 - 05:12 م

أكد قائد اللواء الرابع مشاة، العميد أصيل بن رشيد، أن قواتنا المسلحة الجنوبية تواصل عملياتها العسكرية بخطى ثابتة ضمن خطة التحرير وتعزيز الأمن والاستقرا


المقدم النقيب: تمكن قواتنا المسلحة بدقة وسرعة من السيطرة على.

الأربعاء/03/ديسمبر/2025 - 03:19 م

أكد المتحدث الرسمي للقوات المسلحة الجنوبية، المقدم محمد النقيب، أن القوات المسلحة وتنفيذاً فوريا لتوجيهات الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، واستجا