أخبار محلية



بين المناورة السياسية وإعادة تعريف الجغرافيا الوطنية: قراءة في تصريحات الزبيدي

الأربعاء - 08 أكتوبر 2025 - 11:42 م

بين المناورة السياسية وإعادة تعريف الجغرافيا الوطنية: قراءة في تصريحات الزبيدي

كتب / عامر الحريري



تثير تصريحات الرئيس عيدروس الزبيدي حول إمكانية انضمام بعض المناطق الشمالية إلى الجنوب العربي جدلاً واسعاً في المشهد السياسي اليمني، إذ تمثل في جوهرها تحولًا في الخطاب السياسي الجنوبي من موقع الدفاع إلى موقع الفعل والمبادرة، وهي في الوقت نفسه تحمل أبعادا تتجاوز حدود التكتيك السياسي لتلامس عمق التحولات البنيوية في خريطة النفوذ والولاءات داخل اليمن.

أولاً، يمكن قراءة هذه التصريحات كـ مناورة سياسية محسوبة تهدف إلى إحداث اختراق في جدار الجمود السياسي القائم، وكشف واقع المعاناة الذي تعيشه تلك المناطق الواقعة بين سندان الإرث الإمامي الزيدي القديم ومطرقة الفساد والفوضى التي تمثلها قوى الإخوان وبقايا النظام العفاشي. فهذه المناطق – التي طالما كانت ساحة صراع بين مشاريع متناقضة – لم تنعم يومًا بإدارة وطنية رشيدة أو بنظام سياسي عادل، بل كانت دومًا ضحية لهيمنة المركز وسلطته التقليدية.
ثانيًا، جاءت تصريحات الزبيدي لتضع الطبقة السياسية الشمالية أمام مرآة الواقع، إذ أظهرت هشاشة تمثيلها في ما يسمى بحكومة "المناصفة" التي فرضتها الوساطات الإقليمية. فالشمال – في حقيقته – واقع تحت سلطة الحوثي، بينما القوى التي تزعم تمثيله عاجزة عن تحريره أو حتى التأثير في مساره، ناهيك عن عجزها الإداري والسياسي في إدارة ما تبقى من مناطق نفوذها.
أما ثالثًا، فتكشف الدعوة إلى انفتاح الجنوب على تلك المناطق عن مقاربة إنسانية وسياسية مزدوجة: فمن جهة، هي محاولة لإنقاذ سكان تلك المناطق من خطر الانزلاق مجددًا إلى براثن المشروع الحوثي الإيراني، ومن جهة أخرى، فتح نافذة أمل للانخراط في مشروع دولة فيدرالية جنوبية قادمة، تتبنى قيم العدالة والمواطنة والشراكة الحقيقية.
رابعًا، تتضمن هذه التصريحات رسالة استراتيجية مفادها أن الجنوب لا يسعى إلى الانعزال أو الانفصال بالمعنى الضيق، بل إلى بناء نموذج دولة جديدة تستوعب من يشترك معه في رؤية وطنية حديثة، تتجاوز الانقسامات المذهبية والمناطقية، وتعيد الاعتبار للهوية العربية والإسلامية الجامعة في مواجهة المشاريع الطائفية والإقليمية.
وأخيرًا، فإن ما بين سطور هذه الدعوة هو تحول في معادلة القوة والسياسة؛ من موقع الدفاع عن الجنوب وشرعيته، إلى المبادرة لاحتواء مناطق الشمال الراغبة في الخلاص من سلطات الفساد والاستبداد، بما يعنيه ذلك من إعادة تشكيل لمفهوم الوحدة والسيادة من جديد، على أسس طوعية عادلة، لا على إملاءات القهر والهيمنة.
إنها ليست مجرد تصريحات إعلامية، بل مؤشر على لحظة فارقة قد تعيد رسم خريطة اليمن السياسية والجغرافية، وتفتح الباب أمام تحولات كبرى في معادلة النفوذ الإقليمي والدولي في المنطقة. الأيام القادمة وحدها كفيلة بإظهار ما إذا كانت هذه الدعوة بداية لمرحلة جديدة من الشراكة، أم مجرد جرس إنذار لنهاية مرحلة طال انتظار سقوطها.



الأكثر زيارة


فضيحة فساد مالي تهز اركان الحكومة الشرعية في عدن "تفاصيل" .

الأربعاء/08/أكتوبر/2025 - 08:24 م

كشفت مصادر مطلعة في مصلحة الأحوال المدنية بعدن عن تجاوزات مالية خطيرة تتعلق برسوم البطائق الذكية، مؤكدة أن تلك الإيرادات لا تُورد إلى الحساب الرسمي لل


الدائرة المالية تزف بشرى سارة لمنتسبي القوات الجنوبية .

الأربعاء/08/أكتوبر/2025 - 04:21 م

تُطمئن الدائرة المالية كافة منتسبي القوات المسلحة الجنوبية بأن صرف المرتبات سيبدأ خلال الساعات القادمة بإذن الله، ما لم تواجه الدائرة أي عراقيل أو تأخ


الزبيدي رمى جزرة في طريق الشرعية وجزرة في طريق الحوثي وعود ث.

الأربعاء/08/أكتوبر/2025 - 02:59 ص

وجهة نظري حول لقاء الرئيس الزبيدي بقناة الحرة وفي الفقرة التي يقول فيها أن مناطق تعز ومارب وإب يطلبون الإنظمام الى الجنوب ماهو إلا طريقة تكتيكية سياسي


عضو الفريق القانوني لمجلس القيادة يوضح حقيقة رفض قرارات الرئ.

الأربعاء/08/أكتوبر/2025 - 12:37 ص

نفى القاضي صلاح راشد، عضو الفريق القانوني المساند لمجلس القيادة الرئاسي، بشكل قاطع، ما نشرته صحيفة "أخبار اليوم" التابعة لمؤسسة الشموع، بشأن