بوادر انتفاضة قبلية ضد الحوثيـ.ـين في ذمار.. ما القصة؟
السبت - 11 أكتوبر 2025 - 05:30 م
صوت العاصمة/خاص:
تعيش محافظة ذمار حالة من الغليان الشعبي والاحتقان القبلي غير المسبوق، وسط تنامي مشاعر السخط ضد قيادات ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، على خلفية تصاعد الانتهاكات والفساد والصراعات الداخلية بين الأجنحة المتنافسة داخل سلطة الجماعة. ويأتي ذلك بالتزامن مع بروز مؤشرات على بوادر انتفاضة قبلية في ذمار، بعد تفجّر خلافات حادة بين أحد أبرز الزعامات القبلية الموالية للحوثيين وأبناء قبيلته، في مشهد يعكس هشاشة التحالفات القبلية التي تعتمد عليها الجماعة في إحكام قبضتها على المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
فقد تفجّرت الخلافات بين أبناء قبيلة آنس والشيخ محمد حسين المقدشي – أحد أبرز الزعماء القبليين في ذمار والمستشار بمجلس الحوثيين السياسي – بعد أن اتهم في منشور على صفحته بموقع فيسبوك أبناء منطقة بني سلامة التابعة لمديرية المنار بـ"القتل والسرقة والنهب تحت غطاء المسيرة الحوثية".
وقال المقدشي: "بني سلامة ارتقوا من قطاع طرق إلى سرّاق وقتلة ونهّابين بغطاء المسيرة، قتلوا المقصعي ونهبوا ممتلكات إسحاق والميثالي وجعفر، وسيطروا على مدير أمن محافظة ذمار ونهبوا أراضي الحودي وغيره."
اتهامات المقدشي أثارت غضبًا واسعًا في أوساط أبناء قبيلة آنس، الذين اعتبروا تصريحاته إساءة جماعية وتهديدًا مباشرًا للسلم القبلي في المحافظة، لاسيما بعد أن لوّح الشيخ في منشوره قائلاً: "إن لم تردوا حقوق المظلومين، لنسحبكم في الشوارع يا أصحاب السوابق."
مصادر محلية أكدت أن الشيخ المقدشي رفض ضغوطات حوثية مكثفة لحذف منشوره أو التراجع عنه، رغم تلقيه اتصالات ووساطات من قيادات عليا في الجماعة، في محاولة لاحتواء الموقف الذي اتسع نطاقه ليشمل سجالات حادة على منصات التواصل الاجتماعي بين أبناء القبيلة.
وانتقد ناشطون من أبناء آنس، بينهم المدون رشيد البروي، ما وصفوه بـ"أسلوب التهديد والاستعلاء" الذي يستخدمه المقدشي، معتبرين أن منشوره محاولة لإشعال فتنة داخلية بين أبناء القبائل المتجاورة في ذمار، بعد فشله سابقًا – بحسب قولهم – في افتعال خلافات بين قبيلتي عنس والحداء.
وقال البروي في منشور على فيسبوك: "بعد أن فشل المقدشي في إشعال فتنة بين عنس والحداء، ها هو اليوم يحاول خلق صراع جديد بين آنس وعنس، ويهدد ويتوعد بأسلوب لا يليق لا بشيخ ولا بقبيلة."
وسرعان ما تحولت الأزمة إلى سجال شعبي وثقافي أيضًا، إذ دخل شعراء من أبناء القبائل المتنازعة على خط المواجهة، وتبادلوا الزوامل الشعبية الداعية إلى التهدئة والحكمة، في مؤشر على حساسية الموقف القبلي في ذمار، المحافظة التي كانت تُعد من أكثر مناطق اليمن استقرارًا نسبيًا قبل سيطرة الحوثيين عام 2014.
في المقابل، ردّ المدون الحوثي رضوان سبيع بحدة على المقدشي، مؤكدًا أن بعض المشائخ ما زالوا يتصرفون بعقلية "النظام العفاشي"، ويتدخلون في أعمال مؤسسات الدولة الأمنية، مضيفًا أن "زمن نفوذ المشائخ المطلق قد انتهى".
ويرى مراقبون أن الأزمة الجديدة في ذمار تمثل علامة واضحة على تآكل نفوذ الحوثيين في الأوساط القبلية، بعدما كانت هذه القبائل تشكل عمودهم الفقري في جبهات القتال، مؤكدين أن تفجّر الخلافات القبلية في قلب مناطق الحوثيين ينذر بتداعيات خطيرة على وحدة الصف الداخلي للجماعة، وقد يفتح الباب أمام موجة تمردات محلية ضد سلطتهم.
وبحسب مراقبين محليين، فإن تزايد الغضب الشعبي في ذمار ليس حادثًا معزولًا، بل يأتي ضمن موجة أوسع من السخط الشعبي والقبلي في مناطق سيطرة الحوثيين، خصوصًا بعد تفاقم الأوضاع المعيشية، وازدياد جرائم النهب والمصادرة، وغياب العدالة، ما جعل كثيرًا من القبائل ترى أن الجماعة لم تعد تمثل مشروعًا وطنيًا بل سلطة جباية وقمع.