راتب بلا رحمة.. و"بطاقة ذكية" تذل الجائعين الجنوبيين
السبت - 18 أكتوبر 2025 - 03:01 ص
صوت العاصمة/ متابعات
أنين الجياع.. حين تتحول البطاقة إلى قيد والرواتب إلى سراب!
من عمق الجنوب العربي، حيث تطحن الحياة بأسنانها الباردة، لا ينتظر الموظفون رواتبهم، بل ينتظرون معجزة ترد لهم كرامتهم المسلوبة. إنها مأساة إنسانية تفضح أقسى أشكال اللامساواة؛ فبينما تجوع الأجساد وتتقطع بها السبل بحثاً عن لقمة العيش، تتهافت بطون كبار المسؤولين على ملايين الدولارات. إنها قصة صراع بين الجوع والكرامة، وبين نذالة السلطة وصمود الإنسان.
صورة مأساوية لواقع مرير:
ستة أشهر.. وسنوات: ليست مجرد أرقام عابرة، بل هي عمر من الانتظار والحرمان. ستة أشهر وأكثر هي المدة التي قضاها موظفونا بين أمل يخيب ووعد يُكذب، بينما الحد الأدنى للرواتب لا يتجاوز الـ 37 دولاراً، وهو مبلغ لا يكفي لسد رمق طفل، ناهيك عن أسرة.
الوجه الآخر للعملة:
في المشهد ذاته، تتراقص أرقام خيالية في حسابات "الكبار". آلاف وعشرات آلاف وملايين الدولارات تذهب إلى من يسمون أنفسهم مسؤولين، بينما يموت صغار الموظفين موتاً بطيئاً تحت وطأة الغلاء والجوع والمرض.
النذالة المُمأسسة: البطاقة الذكية.. من حق إلى ابتزاز!
في ذروة المأساة، وفي قمة الاستهانة بالإنسان، تفرض سلطة الانذال شرطاً وحشياً: "البطاقة الذكية". أي نذالة هذه التي تتاجر بجوع الناس؟ أي حقارة هذه التي تشترط على موظف انقطع راتبه لأشهر أن يدفع من دم قلبه ليحصل على "بطاقة" هي في الأصل حقه؟
إنها مهزلة تراجيدية يتكبد فيها الموظف الجائع نصف راتبه الأساسي – إن حصل عليه – ليدفعه كرشوة مقنعة تحت مسمى "إصدار البطاقة"، ليصب في النهاية في جيوب أولئك الذين حُرموا من الإحساس والإنسانية.
رحلة العذاب اليومية: من الأرشيف إلى "الخبز العجين"!
كما يروي الكاتب الصحفي عبدالخالق الحود، فإن رحلة استلام الراتب تحولت إلى ملحمة من الإهانة والمعاناة اليومية. إنها رحلة تبدأ بالأرشيف والوزارات المترامية، ووسط الطوابير المهولة، ولا تنتهي عند "كافيتيريا" يتصارع فيها الموظف مع "خبز عجين" وحموضة مبكرة وشاي لا هو بلبن ولا هو أحمر، فقط ليملأ بطنه قبل أن يعود إلى البنك ليُخصم من راتبه الذي لم يعد يكفي شيئاً.
إنها الدائرة المفرغة: جوع يدفعك لإنفاق ما لا تملكه لتحصل على ما هو حق لك، ثم تكتشف أن ما أنفقته هو كل ما حصلت عليه.
ختام واستنكار:
إنها صرخة نوجهها إلى ضمير العالم: إلى متى يظل الإنسان في الجنوب العربي رهينة لسياسات القهر والتمييز؟ إلى متى تظل كرامته مساومة بين يدي سلطة لا ترى فيه أكثر من رقم في سجل؟
إن معاناة الموظفين ليست قضية رواتب فحسب، بل هي قضية إنسانية وجودية تمس حق الإنسان في الحياة الكريمة. فليسمع كل من له قلب أو أذن.. فأنين الجياع لا بد أن يصل.