التصعيد الأخير بـ.ـغزة.. هل يعجل بتفعيل الرقابة الدولية على اتفاق الهدنة؟
الإثنين - 20 أكتوبر 2025 - 03:25 ص
صوت العاصمة/ العين الإخبارية
مع تصاعد تبادل الاتهامات بين إسرائيل و"حماس" حول حادث رفح، أثير تساؤل عن الرقابة الدولية على اتفاق وقف إطلاق النار.
فحركة "حماس" نفت علمها بالهجوم في رفح وأكدت تمسكها باتفاق وقف إطلاق النار، لكن إسرائيل أصرت على اتهام الحركة بالمسؤولية عن الهجوم.
ولم يكن هذا الهجوم، الذي ردت عليه إسرائيل بعشرات الهجمات، هو الانتهاك الأول لوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ قبل أسبوع إذ سبقه عدد كبير من الانتهاكات الإسرائيلية.
وفي حين تطالب حركة "حماس" الأطراف الضامنة للاتفاق للتدخل فإن إسرائيل تبدو متجهة لتكرار النموذج السائد في لبنان حيث إنها هي من يقرر إذا ما تم انتهاك الاتفاق وهي من تحاسب عليه، فلا تكاد تتوقف الهجمات في جنوب لبنان منذ وقف إطلاق النار نهاية العام الماضي.
غير أن الوضع في غزة يبدو مختلفا، إذ في حين أن الاتفاق في لبنان تم ما بين إسرائيل ولبنان برقابة أمريكية فإن الاتفاق في غزة بين إسرائيل و"حماس" تم بوساطة وضمانة الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر وتركيا.
وقد تم الاحتفال بتوقيع الاتفاق في مدينة شرم الشيخ بمصر بمشاركة وتوقيع الرؤساء: الأمريكي دونالد ترامب والمصري عبدالفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد.
آلية رقابة
وينص الاتفاق على وجود آلية رقابة من الدول الضامنة للاتفاق وهي الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر وتركيا.
وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن أن المراقبين الأمريكيين للاتفاق يتواجدون في عسقلان جنوب إسرائيل، في وقت كرر فيه الرئيس الأمريكي ترامب عدة مرات أنه لا حاجة لوجود جنود أمريكيين على الأرض في غزة لمراقبة تنفيذ الاتفاق.
وفي حين أنه من الممكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تراقب الاتفاق من إسرائيل، فإن الدول الضامنة الأخرى وهي مصر وقطر وتركيا من المرجح ألا تقبل أن تقوم بهذه المهمة من إسرائيل.
معضلة معبر رفح
لكن في المقابل، فإن وصول المراقبين من هذه الدول إلى غزة من خلال مصر يتعين عليه أن ينتظر فتح الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر.
وكان من المقرر فتح المعبر يوم الثلاثاء، لكن إسرائيل أرجأت بذلك بداعي الاحتياج لترتيبات لوجيستية ثم قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن من المرجح فتحه يوم غد الأحد قبل أن يربط مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي فتح المعبر بإعادة جثامين لرهائن بقوله: " ن يُفتح معبر رفح إلا عندما نرى حماس تُعيد الرهائن القتلى بوتيرة معقولة".
ولم يفسر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ما يعنيه بـ"وتيرة معقولة". غير أنه حتى تحقق هذا الطلب الإسرائيلي فإن من غير المتوقع وصول المراقبين من هذه الدول الثلاث.
وكانت إسرائيل رفضت السماح لخبراء أتراك بالوصول إلى غزة من أجل المساعدة في البحث عن جثامين الرهائن ما بين الأنقاض في غزة.
ومن ناحية ثانية فقد بات واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع غزة وكأنها صاحبة القرار فيها.
فاليوم أعلنت الحكومة الإسرائيلية إغلاق المعابر في غزة وعدم إدخال المساعدات الإنسانية حتى اشعار آخر قبل أن تتراجع تحت وطأة الضغط الأمريكي.
كما كان واضحا من سلسلة التصريحات الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين بأن النية تتجه للتصعيد الميداني قبل أن تتراجع وتعلن التزامها بوقف إطلاق النار تحت وطأة الضغط الأمريكي.
ضغوط أمريكية
وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" الإسرائيلية: "عبر مسؤولون أمنيون في إسرائيل عن إحباطهم من قرار إسرائيل استئناف المساعدات الإنسانية لغزة غدا (الإثنين)، بناء على طلب الولايات المتحدة، رغم قرار المستوى السياسي بوقف المساعدات في ظل الحادث الخطير في قطاع غزة".
وأضافت: "لقد تم تغيير القرار الإسرائيلي خلال ساعات قليلة على خلفية الضغوط الأمريكية".
ونقلت عن مسؤول عسكري إسرائيلي كبير عن إحباطه من تسلسل الأحداث: "إذا كان لا يزال هناك أي شك في التدخل الأمريكي، فمن الواضح الآن: لن نتحرك شبرا واحدا في غزة دون موافقتهم. ما حدث الليلة هو دليل لا لبس فيه. أي شيء يتعارض مع رغباتهم لن ينفذ".
وأضاف المسؤول: "لا يمكن لإسرائيل اتخاذ قرارات بشأن ما يحدث في قطاع غزة، ولا يمكن "لبنانة" غزة بالمعنى الكامل للكلمة، إنه أمر مزعج للغاية ".
من جهتها، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: " بسبب ضغط من الإدارة الأمريكية، أصدر المستوى السياسي الإسرائيلي التعليمات للمستوى العسكري العودة لوقف إطلاق النار".
وقالت القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية: "يُعدّ اتفاق إنهاء الحرب في غزة إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا للرئيس ترامب. ترى الإدارة الأمريكية أن الوضع هش للغاية، وأن الرقابة القوية فقط هي التي ستحافظ على السلام الهش".
وأضافت: "يقول مسؤولون أمريكيون إن إدارة ترامب ستعزز سيطرتها بشكل كبير على تنفيذ اتفاق السلام في غزة لضمان عدم انهياره".
أيام حاسمة
وقال مسؤول أمريكي: "ستكون الأيام الثلاثين المقبلة حاسمة. نحن الآن مسؤولون عما يحدث في غزة فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق. سنتخذ القرارات".
المسؤول الأمريكي أضاف أن اشتباكات يوم الأحد هي بالضبط نوع الحوادث التي كانوا قلقين بشأنها وتوقعوها خلال الفترة الانتقالية الحالية.
وأشارت إلى أنه من المقرر أن يصل نائب الرئيس فانس، والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر إلى إسرائيل هذا الأسبوع للدفع نحو تنفيذ المرحلة التالية من الاتفاق.
وقالت: "سيركز ويتكوف وكوشنر على: استقرار وقف إطلاق النار لإتاحة الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق، واستمرار إعادة جثث الرهائن المتوفين، وتنظيم إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وحل المشاكل بين إسرائيل والأمم المتحدة لضمان عدم تمكن حماس من الاستيلاء على شحنات المساعدات والاستفادة منها، وإنشاء قوة استقرار دولية تنتشر في غزة للمساعدة في حفظ الأمن، والعمل على خطط لبناء "رفح الجديدة" كنموذج لغزة خارج حكم حماس، كما يعملان على خطة لنزع سلاح حماس ونزع سلاح غزة".
غضب بن غفير
انصياع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإدارة ترامب بشأن غزة يغضب اليمين الإسرائيلي المتطرف وعلى رأسه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وقال بن غفير على منصة "إكس": "انهيارٌ مُخزٍ لمكتب رئيس الوزراء، الذي أعلن تعليق المساعدات حتى صدور "إعلان جديد" - والذي جاء بعد ساعتين فقط".
وأضاف: "يجب أن نوقف هذه الفضيحة، ونعود إلى القتال العنيف في أسرع وقت ممكن - مناورات، واحتلال، وتشجيع الهجرة". وتابع بن غفير: "كفى انهيارات".
أعلن الجيش الإسرائيلي، أنه بدأ استئناف تطبيق وقف إطلاق النار في غزة بعد أن "انتهكته" حركة حماس، في إشارة إلى انتهاء الضربات على القطاع والتي قال إنه نفذها ردا على هجمات سابقة على قواته اليوم الأحد.
وفي بيان صادر عنه، قال الجيش الإسرائيلي: «بناءً على توجيهات القيادة السياسية، وبعد سلسلة من الضربات الكبيرة، بدأ الجيش الإسرائيلي تطبيقًا متجددا لوقف إطلاق النار في أعقاب انتهاكه من قبل منظمة حماس».
وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه «سيواصل التمسك باتفاق وقف إطلاق النار وسيرد بقوة على أي خرق».
تصعيد إسرائيلي
وفي وقت سابق الأحد، غاب مشهد وقف إطلاق النار وعاد مشهد الحرب إلى قطاع غزة في موجة شديدة من الهجمات الإسرائيلية في عموم قطاع غزة.
وأطلقت إسرائيل على موجة الهجمات ووقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة اسم "الخطيئة وعقابها"، ردا على ما قالت إنه إطلاق نار على آلية هندسية في رفح لم يؤدِ إلى إصابات بشرية أو مادية.
وللمرة الأولى منذ بداية الحرب، هاجم الجيش الإسرائيلي دون قيود في قطاع غزة بعد أن كان وجود رهائن أحياء يحول دون هجمات واسعة خاصة في وسط قطاع غزة وشماله.
وكانت "حماس" أعادت قبول أسبوع 20 رهينة إسرائيلي أحياء كان وجودهم في غزة يقيد في بعض الأحيان هجمات الجيش الإسرائيلي في غزة خشية المس بهم.
وقد أعلنت القناة 12 الإسرائيلية أن "القيادة السياسية قبلت توصية الجيش الإسرائيلي بوقف دخول المساعدات الإنسانية حتى إشعار آخر". كما اشارت إلى قرار إغلاق جميع المعابر المؤدية الى قطاع غزة.
أعمدة دخان
وبالتزامن، فقد عادت أعمدة الدخان لتنطلق من عشرات المناطق في قطاع غزة دون ان تقتصر على المنطقة التي تقول إسرائيل إنه وقع فيه الانتهاك وهو رفح في جنوب قطاع غزة.
وفي حين أن "حماس" نفت أي مسؤولية لها على الهجوم في رفح، فلم تعلن أي جهة فلسطينية عن الهجوم فيما لم تنشر إسرائيل توثيقا له.
ومعلوم أن إسرائيل أعلنت منذ أشهر عن تفريغ رفح من سكانها بعد تدمير الغالبية العظمى من المباني فيه.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: "بدأ الجيش الإسرائيلي موجة غارات ضد أهداف لحماس في جنوب قطاع غزة في أعقاب خرق اتفاق وقف إطلاق النار في وقت سابق اليوم".
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية: "في إطار الضربات يهاجم الجيش الإسرائيل مسار نفق تحت الأرض استخدمته حماس لاحتجاز مختطفين".
وفي حادث آخر، قال الجيش الإسرائيلي في بيان: "رصدت قوات الجيش في وقت سابق اليوم عددًا من المسلحين وهم يقتربون من القوات العاملة في منطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزة وذلك خلف الخط الأصفر مما شكل تهديدًا فوريًا للقوات".
وأضاف: "بناء على الاتفاق هاجم الجيش أفراد الخلية المسلحة من الجو بعد ان اجتازوا الخط الأصفر وبهدف ازالة التهديد".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر يوم الأحد تعليمات لقوات الأمن "بتحرك قوي ضد الأهداف الإرهابية في قطاع غزة"، متهما حركة حماس بانتهاك وقف إطلاق النار.
لكن حماس ردت بأنها ملتزمة وقف إطلاق النار وأنها ليس علم علم بوقوع اشتباكات في رفح. واتهم عضو مكتبها السياسي عزت الرشق إسرائيل بـ"خرق الاتفاق واختلاق الذرائع الواهية لتبرير جرائمه".
ودخل وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بضغط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد حرب مدمرة تواصلت لأكثر من سنتين عقب هجوم حماس.
وبموجب المرحلة الأولى من الاتفاق، سلمت حماس في الثالث عشر من الشهر الحالي 20 رهينة على قيد الحياة في مقابل 2000 معتقل فلسطيني أفرجت عنهم الدولة العبرية