الكهرباء.. معاناة تتجدد وصبر يوشك أن ينفد
الثلاثاء - 21 أكتوبر 2025 - 12:23 م
بقلم : عبدالسلام محمد قاسم
لم تعد مشكلة انقطاع الكهرباء في عدن والمناطق المحررة حدثًا عابرًا أو خللًا فنيًّا طارئًا، بل أصبحت جرحًا مفتوحًا في جسد المواطن الذي أنهكه الانتظار، وتكررت عليه الوعود حتى فقد الثقة بكل ما يُقال.
منذ سنوات، تتبدل الحكومات والوجوه، لكن الوجع واحد، والمشهد لا يتغير: ساعات طويلة من الانقطاع في أشد الأوقات حرارة، وأحياءٌ غارقة في الظلام، وأرواحٌ تختنق في بيوتٍ بلا هواء ولا ماء. لقد تشبّع الشعب من الوعود، وامتلأت ذاكرته ببياناتٍ وتصريحاتٍ لم تترجم يومًا إلى أفعال.
كيف يمكن أن تُبنى الثقة بينما المواطن يعيش في ظلامٍ دائم؟ كيف يُطلب من الناس الصبر، وقد نفد صبرهم من كثرة الانتظار؟
لقد تحوّلت الكهرباء من خدمةٍ أساسية إلى كابوسٍ يومي يطارد الجميع: كبار السن يئنّون من الحرّ، المرضى يختنقون في المستشفيات، والتجار يخسرون رزقهم كل يوم بسبب توقف أعمالهم.
وما يزيد الألم أن المعالجات – إن وُجدت – تأتي مؤقتة، ترقيعية، أشبه بمسكناتٍ لأوجاعٍ مزمنة. لا خطة واضحة، ولا رؤية طويلة المدى، ولا شفافية في إدارة الموارد أو عقود الوقود، وكأن معاناة الناس مجرد رقمٍ في تقريرٍ حكومي.
لقد آن الأوان أن تُفتح ملفات الكهرباء بشجاعة، وأن يُحاسَب كل من جعل هذه الأزمة وسيلة للربح أو وسيلة للتسويف. فالكهرباء ليست ترفًا، بل حقٌّ من حقوق المواطن، ومسؤوليةٌ لا تسقط بالتبرير.
عدن لا تستحق أن تبقى مدينةً تُطفأ كل مساء، ولا أن يعيش أهلها بين وعودٍ لا تُنفّذ.
إن الإنقاذ يبدأ من إرادةٍ صادقة وإدارةٍ نزيهة، ومن التوجّه الجاد نحو الطاقة البديلة والمشاريع المستدامة التي تحفظ للناس حقّهم في النور والكرامة.
عدن كانت وما زالت مدينة النور، ولن تعود إليها الحياة إلا حين يُضاء ليلها بعدالةٍ قبل الكهرباء، وبصدقٍ قبل الشعارات.