تقرير : عدن تختنق في الظلام.. مؤشرات تدقً ناقوس خطر الانهيار الشامل للخدمات في عدن والجنوب
الثلاثاء - 21 أكتوبر 2025 - 11:29 م
صوت العاصمة/ تقرير/ فاطمة اليزيدي:
في مدينة كانت تُعرف يومًا بأنها درًة الجنوب ‘ يعيش اليوم سكان العاصمة عدن في ظلام دامس وعطش خانق وانقطاع الرواتب بشكلً مستمر منذُ أشهر ‘ في مشهد يلخص حجم الانهيار المعيشي والخدمي الذي يضرب العاصمة ‘ وسط صمت حكومي ورئاسي مُطبًق يثير غضبًا شعبيًا متصاعدًا ومخاوف من انفجار إنساني وشيك.
منذُ مساء الأحد ‘ دخلت عدن مرحلة “العتمة الكاملة” ‘ بعد خروج جميع محطات الكهرباء عن الخدمة ‘ لتتحول المدينة إلى لوحة من السواد الممتد فوق بحرً متعبً من الصبر ‘ ومع توقف المراوح والثلاجات والمضخات ‘ تحوًل الليل في المدينة الساحلية إلى كابوس خانق ‘ حيثُ الحرارة والرطوبة تسحق أنفاس الناس ‘ فيما الأطفال ينامون على الأرض بحثًا عن نسمة هواء لا تأتي.
*الكهرباء.. شبة غائبة عن العاصمة عدن:
العاصمة عدن ‘ وبقية مُحافظات الجنوب ‘ ترزح تحت أزمة كهرباء مزمنة ‘ تتجلى في الانقطاعات الطويلة والمتكررة ‘ التي زادت من معاناة الناس في ظل الحرارة اللاهبة ‘ وعلى الرغم من كثرة الوعود ‘ لم تُقدم أي حلول مستدامة لهذه الازمة المتراكمة ‘ فيما تعاني محطات التوليد من نقص الوقود وغياب الصيانة ‘ وسط غياب تام للتخطيط الاستراتيجي.
*مياه الشرب.. أزمة تطرق الأبواب:
أزمة المياه باتت من أبرز وجوه المعاناة اليومية ‘ في العاصمة عدن على وجه الخصوص وفي مناطق كثيرة في الجنوب بشكل عام ‘ حيثُ تعاني معظم الاحياء من انقطاع دائم في الإمدادات ‘ ما أجبر المواطنين على شراء المياه بأسعار باهضه ‘ تفوق قدرة الغالبية على التحمل ‘ بينما تستمر أزمة الرواتب في خنق الموظفين والمتقاعدين على حد سواء.
*حرب الخدمات.. سلاح خفي لتقويض الاستقرار:
أزمة كهرباء عدن تُظهر أن حرب الخدمات لم تعد أقل خطورة من الحرب العسكرية ‘ فبينما يستهدف الإرهاب حياة الناس مباشرة بالرصاص والتفجيرات ‘ تسعى حرب الخدمات الى إنهاك الجبهة الداخلية وضرب الثقة بين المواطن والقيادة السياسية.
إن تعطيل الكهرباء والمياه والوقود يُمثل أسلوبًا خبيثُا في إدارة الصراعات ‘ حيث يراد للحرمان المعيشي أن يكون وسيلة لإضعاف الجنوب وإجباره على التنازل ‘ ومع ذلك ‘ أثبتت التجارب أن هذه السياسات لم تحقق غاياتها ‘ بل زادت من صلابة الشارع الجنوبي.
*معاناة يومية تثقل كاهل المواطنين:
وصف الأهالي الوضع الراهن عبر أحاديث متفرقة لعدن 24 بأنه كارثي وغير مسبوق ‘ مشيرين الى أن الانقطاعات بدأت منذُ يومان قبل أن تتحول يوم أمس الى انطفاء شامل ‘ لتدخل عدن في أزمة إنسانية مضاعفة تجمع بين الحر الشديد ‘ وانعدام الكهرباء والمياه.
وأشار الأهالي الى غياب تام لاي توضيح رسمي من الجهات المختصة حول أسباب الانقطاع أو موعد عودة الخدمة ‘ معتبرين أن هذا الصمت يزيد من حالة الغضب الشعبي المتصاعد تجاه الجهات المسؤولة عن إدارة الكهرباء.
وأكد مواطنون في مديريات الشيخ عثمان والمنصورة وخور مكسر أن التيار الكهربائي بات ينقطع لفترات طويلة وغير منتظمة ‘ ما تسبب في تلف المواد الغذائية داخل المنازل والمحال التجارية ‘ وتعطيل الأجهزة الطبية المنزلية ‘ وزيادة معاناة السكان ‘ خصوصًا المرضى وكبار السًن.
وحذًر سكان المدينة من استمرار هذا الانقطاع الكارثي دون تدخل حكومي عاجل ‘ مؤكدين أن استمرار الوضع الحالي قد يتسبب في أزمة إنسانية خانقة في مدينة تعتمد بشكل كلًي على الكهرباء لضخ المياه وتشغيل شبكات الاتصالات وحفظ المواد الأساسية.
*الازمة كعنوان لمرحلة صراع مفتوحة:
بات من الواضح أن أزمة الكهرباء في عدن ليست مجرد مشكلة خدمية ‘ بل عنوانًا لمرحلة صراع مفتوحة تُراد فيها معاقبة الجنوب بحرمانه من أبسط حقوقه ‘ غير أن التاريخ يُثبت أن الشعوب التي تصمد أمام مثل هذه الضغوط هي الأقدر على صناعة مستقبلها ‘ وهو ما يفعله أبناء الجنوب اليوم.
لكن صمود المواطنين ‘ ووعيهم بالمخططات ‘ وصلابة المجلس الانتقالي الجنوبي ‘ كلها عوامل تؤكد أن هذه الازمة لن تكون نهاية المطاف ‘ بل محطة تُعززً وتدفع نحو مزيد من الإصرار على استعادة الدولة وبناء مستقبل أفضل.
*صمود جنوبي أمام التحديات:
رغم قسوة الازمة ‘ يُظهر أبناء الجنوب قدرًا كبيرًا من الصمود والتماسك الشعبي ‘ مدفوعين بوعيً متنامً بأن الازمة مصطنعة في جوانبها الكبرى.
كما يحمل هذا الصمود رسالة واضحة للقوى المعادية مفادها أن الجنوب لن يركع تحت ضغط الازمات ‘ ولن يقبل بسياسات التجويع والإرهاق الممنهج.
اليوم ‘ يثبت الجنوبيين مجددًا صلابتهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم ‘ ويواصلون صمودهم خلف قيادتهم الوطنية ‘ ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي ‘ الذي لم يتخلً عن مسؤوليته تجاه شعبه ‘ ويواصل نضاله في سبيل استعادة الدولة الجنوبية المستقلة كاملة السيادة