مداد العاصمة



الصحافي.. حينما تتحول السلطة الرابعة إلى شريحة مسحوقة!

الأربعاء - 29 أكتوبر 2025 - 07:21 م

الصحافي.. حينما تتحول السلطة الرابعة إلى شريحة مسحوقة!

صوت العاصمة| كتب | محمد الجبلي :

في زمن انقلبت فيه الموازين، وغُيّبت فيه المفاهيم، نتوقف اليوم عند شريحة كانت يوماً ما ضمير المجتمع وصوته الجهوري، كانت تُوصف بـ "السلطة الرابعة" لما تملكه من قدرة على مراقبة السلطات وتوجيه الرأي العام، اليوم لم تعد تلك التسمية الفخمة سوى ذكرى مؤلمة، بينما حل محلها وصف أكثر مرارة: "شريحة مسحوقة".

نعم، هم الصحافيون ، أولئك الذين كانوا قبلة المضيوم، يناصرون المطالب العادلة، ويكشفون عن المظالم، ويحملون هموم الناس، بل ويساهمون في بناء المؤسسات وتنمية الاوطان، ها هم اليوم يعيشون في وسط الدائرة المظلمة التي طالما حذروا منها مراراً، يواجهون ظروفاً معيشية قاسية، تكاد تجرّ البعض إلى حافة الفقر، واخرين ترمي بهم في خضم التطبيل والتزلف والاطراء، ليس بسبب تقصير منهم، بل لأن المهنة نفسها لم تعد قادرة على تأمين أبسط مقومات الحياة الكريمة.

تتداخل عليهم أصناف الظروف التعيسة، لا تكتمل صورتها إلا بالمزيد من الإحباط: أعباء المعيشة المتصاعدة، ورواتب متدنية لا تواكب الغلاء، لمن يمتلكو ن الوظائف وغياب تام للتأمينات الاجتماعية والطبية، بينما يعمل الكثير منهم من دون عقود او وظائف مستقرة، او لوائح تنظم اعمالهم وتحميها من الانتحال داخل المؤسسات، ما يجعلهم يعيشون حالة من "الانزياح المهني"، حيث يسرق العمل حياتهم بصمت، فتضيع أيامهم وآمالهم وهم يعانون من أخبارهم الشخصية المريرة.

لقد اتسعت هوة المعاناة مع اتساع فضاء الفوضى"الخلاقة" للمهنة، التي كانت يوماً مصدر فخر وإبداع، وتحولت إلى مصدر قلق وجودي، أصبح الصحفي يعيش حالة من "البؤس المهني"، حيث لم تعد المهنة فناً أو رسالة فحسب، بل تحولت إلى "لُعنة" تطارده في كل منعطف، اوحافة يركن إليها، الصحافيون هم من الطبقات الثقافية الواعية، التي تدرك حجم المأساة، ولا تقدر على تغييره مما يضاعف من ألمهم وإحساسهم بالمهانة.

ومع انفجار ثورة المعلومات واتساع فضاء الرقمنة، التي هددت عمالة العالم أجمع، أصبح الصحفي أكثر المتضررين، لم تكن الرقمنة مجرد تحول تقني، بل كانت زلزالاً هز أسس المهنة، انفجار منصات التواصل الاجتماعي، ومشهوري الغفلة،وارباب المحتويات التافهة، مع سباق الأخبار السريع دون تمحيص، واستبدال الخبر الموثوق بالمحتوى السريع الجاذب من غير معايير، كلها عوامل أفقدت الصحافي أهم أسلحته وقيمة الخبر ومصداقيته.
بات الصحفي التقليدي يتقاذفه بحر من المنصات غير المنضبطة، تتنافس على "المتابعات، اللايكات" وليس على الحقيقة، مما أفقد المهنة بريقها وقيمتها السوقية، وأصبح "الوكر الرقمي" يهدد عرش الصحافة التقليدية، ليفرغه عن مضمونه ويجعله سلعة رخيصة بين اوساط المجتمع وفي سوق المعلينين.
إنها معادلة صعبة: كيف لضمير الأمة أن يضعف، وكيف لمرآة المجتمع أن تكسر؟ إذا كان الصحفي منهمكاً في البحث عن قوت يومه، فكيف له أن يراقب السلطة، ويكشف الفساد، ويحمل هموم الناس؟

إن إنقاذ هذه الشريحة ليس منة أو هبة، بل هو استثمار في ضمير الوطن وأمنه الفكري، فالاهتمام بأوضاع الصحافيين المعيشية والمهنية، وضمان استقلاليتهم، وتطوير أدواتهم لمواكبة العصر الرقمي دون أن يذوبوا في فضاءاته الفوضوية، هو السبيل الوحيد لإعادة الاعتبار إلى "السلطة الرابعة" الحقيقية، سلطة الحق والكلمة الصادقة.



الأكثر زيارة


زيارة رسمية لتطوير مطار سقطرى الدولي تختتم بنجاح.

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 01:55 م

اختتم الدكتور ناصر ناجي، الوكيل المساعد لقطاع المطارات في الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، زيارة عمل إلى أرخبيل سقطرى استمرت خمسة أيام، بتوجيه م


أبو معتز الخيلي يهنئ الرئيس الزُبيدي بتحرير حضرموت والمهرة.

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 09:09 م

بعث أبو معتز الخيلي، مؤسس صحيفة "صوت العاصمة"، اليوم، أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانت


طلاب طب الأسنان بجامعة العلوم والتكنولوجيا ينشرون الوعي الصح.

الجمعة/05/ديسمبر/2025 - 10:04 ص

في إطار حرص جامعة العلوم والتكنولوجيا كلية طب الأسنان على تعزيز دورها المجتمعي ، وترسيخ مبادئ الخدمة الإنسانية، نفّذ طلاب المستوى الخامس صباح، اليوم ،


وزير يكشف تفاصيل تحرك الوفد السعودي في حضرموت استراتيجيته وأ.

السبت/06/ديسمبر/2025 - 01:24 ص

أعلن وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، اليوم، عن تفاصيل اللقاءات المكثفة التي يعقدها وفد سعودي رفيع المستوى في محافظة حضرموت، مؤكداً أن هذه التحركات