الثائر محمد مانع الشاعري.. حين نطق الرصـ.ـاص باسم الحرِّية:
السبت - 01 نوفمبر 2025 - 12:08 ص
صوت العاصمة / المكتبة الوثائقية الأميرية ـ الضالع
مذكرة من سجل جبهة التحرير بالضالع – تسليح الثوّار لحماية المظاهرة في عدن تزامنًا مع وصول لجنة تصفية الاستعمار بالأمم المتحدة في (5 إبريل 1967م)...
✦ بحث وإعداد وتعليق/ شايف محمد الحدي
• الحدث: تجهيز الثوّار بالذخائر استعدادًا لتأمين وحماية المظاهرة الشعبية أثناء وصول لجنة تصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة إلى عدن.
• التاريخ: الأربعاء 5 إبريل 1967م.
• المصدر: المفكرة الميدانية الخاصة بالشهيد القائد قاسم سيف الملوي – القائد الثاني للعمل النضالي في جبهة التحرير بالضالع.
«في يوم الأربعاء الموافق 5 إبريل 1967م، تمّ تسليم الرفيق القائد محمد مانع صالح الشاعري كمية من الذخائر تتضمن خمسة آلاف طلقة رصاص وخمس عشرة قنبلة يدوية، بغرض توزيعها على المجموعات الثورية في مدينة عدن، وذلك لتأمين المظاهرة الشعبية المزمعة تزامنًا مع وصول بعثة الأمم المتحدة المعروفة باسم لجنة تصفية الاستعمار...».
هذا الحدث لم يكن مجرد عملية تسليح ميدانية، بل كان خطوة تنظيمية استراتيجية في إطار التحضير الشعبي والسياسي لواحدة من أعظم لحظات الوعي الوطني الجنوبي، حيث خرجت الجماهير ترفع صوتها مطالبة برحيل المستعمر البريطاني وحق الجنوب في تقرير مصيره.
تجلّت في ذلك اليوم بطولة القائد الثائر محمد مانع صالح الشاعري، قائد العمليات الميدانية بجبهة التحرير في الضالع، الذي تحمّل مسؤولية التوزيع والإشراف الميداني، مؤكدًا بثباته وإقدامه أن الثورة ليست شعارًا يُرفع، بل فعلًا يُصنع في الميدان. مثّل هذا الموقف أحد فصول التلاحم بين القيادة الميدانية في الضالع والثوار في عدن، في إطار رؤية موحدة لمرحلة الحسم الثوري التي كانت تتبلور حينها بين صفوف جبهتي التحرير والقومية، الفصيلان الرائدان في قيادة العمليات المسلحة ضد المستعمر البريطاني.
لقد كانت تلك الأيام زمنًا تتقد فيه النار بالكرامة، وتمتزج فيه الإرادة بصوت الرصاص. أيامًا اصطفّ فيها الرجال خلف مبادئهم بثباتٍ لا يعرفون فيه التردد ولا المساومة. وفي خضمّ تلك اللحظات الفاصلة من تاريخ الجنوب، رسّخ القائد محمد مانع الشاعري ورفاقه من جيش التحرير حضورهم في سجلّ المجد الجنوبي، رموزًا للفداء والإصرار، يسطرون بدمائهم الطاهرة ملامح الوطن الحرّ القادم.
وعلى امتداد عُمر الثورة، ظلّ التنسيق بين جبهتَي التحرير والقومية قائمًا بقوةٍ وإخلاص، يشدّ بعضه بعضًا في سبيل الهدف الواحد، حتى وإن برزت في المراحل الأخيرة بعض الخلافات التي لم تنل من جوهر النضال المشترك ولا من صدق التوجّه نحو الحرية والاستقلال. فقد ظلّت وحدة الهدف وإرادة الكفاح المشترك فوق كل اعتبار، سائدة على أرض المعركة، لتظل الروح الوطنية العليا هي الشعلة التي تضيء درب كل ثائر، والمرشد لكل عمل بطولي يكتب بفخر في صفحات المجد الجنوبي.
في هذا الموقف تجلّى بوضوح أن الثورة كانت عملًا جماعيًا واعيًا، قوامها رجالٌ آمنوا بالحرية وعدالة قضيتهم، وساروا على درب الفداء بثباتٍ وإصرارٍ لا يلين، وبوفاءٍ لا يعرف التراجع.
لقد حمل القائد محمد مانع الشاعري ورفاقه مشعل النضال جيلاً بعد جيل، فكانوا جسر العبور من ليل الاستعمار إلى فجر الاستقلال، وشمعة مضيئة تهدي كل ثائر على دروب الحرية.
في كل خطوة، وفي كل معركة، أثبتوا أن الثورة ليست شعارات تُرفع، بل دم وعزيمة وإيمان راسخ بالحق والكرامة الوطنية.
وهكذا تبقى هذه الواقعة شاهدًا على أن الثورة في الجنوب لم تُكتب بالحبر، بل بالدم والعزيمة والإيمان الراسخ بالحرية والاستقلال.
【المكتبة الوثائقية الأميرية ـ الضالع】