الإمارات تعيد «نبض الحياة» لـ.ـغزة بأول زفاف جماعي
السبت - 22 نوفمبر 2025 - 12:50 ص
صوت العاصمة/ متابعات
تستعد غزة لارتداء ثوب الفرح الذي طال انتظاره، حيث تحتفل بزفاف جماعي لـ 54 عريساً وعروساً، لتخرج ببطء من جروح وأحزان الحرب. بدأت سعادة لطيفة وصادقة ترتفع من تحت الأنقاض، تنفث نبضاً خافتاً من الحياة في المدينة. وستملأ الفرق الموسيقية الأجواء في الشوارع بينما تتجمع العائلات للحظة طالما تاقوا إليها. مع اقتراب 2 ديسمبر، لم يتبق سوى أيام قليلة قبل أن يستقبل الغزيون هذا الاحتفال الجماعي.
بينما تسعى غزة لاستعادة أنفاسها بعد عامين من الحرب والخسارة، تنظم دولة الإمارات العربية المتحدة — من خلال عملية "الفارس الشهم 3" — أول زفاف جماعي من نوعه في القطاع منذ بداية الصراع. تهدف المبادرة، وهي الأولى من نوعها وحجمها التي تطلقها أي دولة عربية، إلى جلب الفرحة للعائلات التي أنهكتها المصاعب وتخفيف العبء عن الشباب غير القادرين على تحمل تكاليف الزواج.
54 يرمز لليوم الوطني لدولة الإمارات
من خلال مبادرة "ثوب الفرح"، تجري الاستعدادات للاحتفال بزواج 54 زوجاً بالتزامن مع عيد الاتحاد الـ 54 لدولة الإمارات.
قال محمد الشريف، المتحدث الرسمي باسم عملية "الفارس الشهم 3"، لـ "الخليج تايمز": "تم التخطيط لهذا الحدث الخاص في غزة ليتزامن مع اليوم الوطني لدولة الإمارات والذكرى الـ 54 للاتحاد".
وأضاف محمد الشريف: "كانت الفكرة هي اختيار 54 عريساً وعروساً ليتم زفافهم في 2 ديسمبر 2025، اليوم الوطني لدولة الإمارات. هذا الرقم يحمل معنى رمزياً قوياً ويساعد في تعزيز روح التضامن والوحدة بين الشعبين الإماراتي والفلسطيني. الإمارات تفرح مع فلسطين، وفلسطين تحتفل بالمناسبة الوطنية لدولة الإمارات".
سيتم استخدام الهاشتاغ (#ثوب_الفرح) لتغطية الحدث، والذي يرمز إلى ارتداء غزة للفرح بعد عامين مؤلمين.
موقع وفعاليات الحدث
سيُقام الزفاف في خان يونس — مدينة حمدان في الجزء الجنوبي من القطاع، نظراً لتوفر المساحات المفتوحة والمزايا اللوجستية بها. سيُقام الحدث في ساحة خارجية مع طرق وصول سهلة ومرافق خلف الكواليس للمجموعات المشاركة قبل الصعود إلى المسرح.
سيتضمن البرنامج خطاباً واحداً لعملية "الفارس الشهم 3"، يليه عروض من فرقة إنشاد، وراقصي الدبكة التقليدية، وفرق الفنون الشعبية الوطنية، ومجموعات الكشافة. يهدف البرنامج المنظم إلى إعادة خلق مشهد الفرح الذي يرتفع من تحت ركام الحرب.
لا توجد مخاطر أمنية محددة
أكد الشريف عدم وجود مخاطر أمنية محددة على المشاركين، حيث إن منطقة الحدث هي "منطقة خضراء" خارج أي عمليات قتالية ويمكن تأمينها بالكامل بواسطة فرق متخصصة. وتتعلق المخاوف المحتملة بشكل أساسي بالازدحام، والذي يمكن لأفراد مكافحة الحشود المتوفرين إدارته بسهولة.
وقال: "وفقاً للتنسيق مع الفرق الميدانية وقادة المجتمع وممثلي الأحياء، لا توجد تحديات مثيرة للقلق".
وأضاف أن اللجنة الداعمة لعملية "الفارس الشهم 3" في غزة ستنفذ المبادرة والاحتفال بالكامل. وتم تشكيل فريق من المتطوعين يغطي الإعلام، والإدارة، والمالية، وشؤون المرأة، والأمن، والاستقبال، والعلاقات العامة، بالإضافة إلى متخصصين خارجيين لضمان أعلى مستويات التنظيم والاستعداد.
بدأت اللجنة بالفعل في الاستعدادات للمشتريات واللوجستيات والتقنية والإعلامية لما يُتوقع أن يكون حدثاً بارزاً ضمن سلسلة المشاريع الأوسع لعملية "الفارس الشهم 3". ويجري تنسيق إضافي مع بلدية مدينة حمدان لضمان سلامة الضيوف والمشاركين.
صرح الشريف: "يجب أن يمهد هذا النشاط الطريق لتنظيم برنامج زفاف جماعي واسع النطاق يمكن أن يفيد أكثر من 1,000 شخص. لا شك أن نجاح هذا الاحتفال سيخلق فرصاً لمبادرات مماثلة، خاصة وأن عدد الشباب المتزوجين آخذ في الارتفاع في ظل ظروف صعبة للغاية." وأضاف: "الجميع في غزة يواجهون حالياً صعوبات تتعلق بوسائل الزواج، وهذه قضية يجب معالجتها بمسؤولية من قبل شركائنا والجهات المانحة. ستلعب الإمارات، بالطبع، دوراً هاماً في هذا الجهد".
الاستعدادات جارية
يتطلب تنظيم الزفاف الجماعي استعدادات لوجستية كبيرة، تشمل موقعاً مناسباً، ومسرحاً، ومقاعد، وأعلاماً، ولافتات، وقبعات، وهاشتاغات يدوية، وأنظمة صوت، وكاميرات، وفرقاً موسيقية، وكشافة، ومؤديين للفنون الشعبية التقليدية، من بين احتياجات أخرى.
بالنسبة للأزواج أنفسهم، تشمل الاستعدادات خيام الزفاف، والأثاث، ومرافق دورات المياه، وفساتين الزفاف، وخدمات الصالون، والمساعدة المالية.
وأضاف الشريف: "يتطلب هذا الحدث حشد أكبر عدد ممكن من المؤسسات الإغاثية نحو برامج داعمة تساعد الشباب الفلسطينيين المتعثرين مالياً على بدء حياتهم الزوجية وتوفير الموارد اللازمة لبناء الأسر الفلسطينية ودعمها".
ستقدم الإمارات الدعم المالي، بالإضافة إلى خيام الإيواء، والملابس، والبطانيات، والفرش، والمستلزمات المنزلية، واحتياجات النساء.
"ستغطي عملية "الفارس الشهم 3" جميع متطلبات هذا الاحتفال. سيتم رعاية الزفاف بالكامل من قبل العملية، بمشاركة إماراتية متميزة. وستسلط العديد من الرموز والعناصر المرئية داخل الحدث الضوء على توقيته مع اليوم الوطني الـ 54 لدولة الإمارات، مما يمنح الاحتفال معناه وأهميته المقصودة."
لم تطلق أي جهة إنسانية برنامجاً مماثلاً في غزة خلال العامين الماضيين، مما يجعل الإمارات هي الأولى في استعادة لحظة فرح حقيقية لمجتمع تأثر بعمق.
تحمل المبادرة رمزية عميقة، حيث تقدم للعائلات نافذة أمل في وقت يحرص فيه العديد من الشباب على بدء حياتهم الجديدة ولكنهم يفتقرون إلى الإمكانيات المالية. سيتم توثيق الاحتفال تحت وسم #ثوب_الفرح، مما يعكس تصميم الغزيين على احتضان الفرح مرة أخرى رغم جروحهم.
آلية الاختيار
كان التسجيل مفتوحاً لمدة 3 أيام عبر رابط رسمي لعملية "الفارس الشهم 3". ثم بدأت لجنة متخصصة — تتكون من أكاديميين، وإحصائيين، ومتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، وباحثين اجتماعيين — في تصفية المتقدمين بناءً على معايير صارمة، تشمل:
العمر بين 27 و 40 سنة.
عقد زواج صادر قبل 1 نوفمبر 2025.
عدم العمل في القطاع الحكومي.
إثبات الحاجة المالية.
الأولوية لمن فقدوا أفراداً من عائلاتهم خلال الحرب.
أشار الشريف إلى أنه "سيتم التواصل مع المستفيدين بمجرد أن تكمل اللجنة مراجعتها. سيبدأ التواصل بعد ذلك لترتيب جميع إجراءات الزفاف والاحتفال".