حيث يُصان الجهد ويُحتفى بالعطاء يزدهر الإبداع والإبتكار الذي يصنع الفارق.
الجمعة - 28 نوفمبر 2025 - 10:59 م
صوت العاصمة | خاص | د. هيثم حواس
في البداية أتقدّم بخالص الشكر والتقدير إلى معالي رئيس جامعة عدن أ.د. الخصر ناصر لصور على اهتمامه الدائم بدعوتي للمشاركة في الفعاليات العلمية والمؤتمرات والورش التي تنظّمها الجامعة، رغم انتدابي طيلة الخميس السنوات الأخيرة في أعمال خارج الجامعة(وزارة الخدمة المدنية والتأمينات)، وعلى تعاطيه الإيجابي والمسؤول مع المقترحات المتعلقة بالتطوير والتغيير المؤسسي. لقد أكد لي—اكثر من مرّة—أن جامعة عدن ستظل المكان الذي يُصان فيه الجهد، ويُحتفى بالعطاء، وهو ما يمنح الأكاديمي الحافز لبذل المزيد، ويحفّز القدرة على الابتكار والإبداع، مهما كانت المهام خارج أسوار الجامعة، وهذا كان سر إستمراري في التواصل المستمر مع رئيس الجامعة وعمادة الكلية ومشاركتهم مقترحات التطوير ولو عن بُعد، فوجود بيئة تقدّر العطاء لا يقتصر على المكافأة المعنوية، بل يشجع على التميّز وتقديم الأفكار الجديدة والعملية التي تصنع الفارق.
وخلال مشاركتي في اجتماع مناقشة نتائج التصنيف الوطني لجامعة عدن منتصف مارس الماضي والذي عُقد في رحاب كلية الصيدلة في خور مكسر، أتيحت لي فرصة الوقوف على عدد من جوانب القصور التي أثّرت على موقع الجامعة في التصنيف الوطني. وتمثّلت مداخلتي حينها في محورين رئيسيين:
1. القصور في توزيع الأوزان النسبية لمعايير التقييم المعتمدة في أداة التصنيف الوطني، وما تسببه من انحيازات قد لا تعكس الصورة الحقيقية لأداء بعض الكليات والمراكز، وهو ما أظهره التناقض بين نتائج التصنيف العربي والعالمي مقارنة بنتائج التصنيف الوطني.
2. ضعف الاهتمام بعمليات الاحصاء والارشفة والتبويب وبعض الجوانب الشكلية ذات الأثر الكبير اليوم في ظل التنافس بين الجامعات، وهي الجوانب التي باتت—رغم بساطتها—عاملاً مؤثراً في جودة الحضور المؤسسي وصورته، وبالتالي في نتائج التصنيف.
كما قدّمت مقترحاً بضرورة إعداد وتطبيق تصنيف محلي يشمل كل كلية أو مركز على حدة في إطار جامعة عدن، بما يتيح التعرف على الوحدات التي قد تساهم في تراجع المؤشرات، ويمنح صانع القرار الأدوات اللازمة لإعادة الهيكلة ورفع كفاءة الأداء. وقد لاقى هذا المقترح استحساناً واضحاً من معالي رئيس الجامعة، الذي وجّه مباشرةً بتفعيل دور وحدات الجودة داخل الكليات والمراكز، وهو توجه يعزز روح الإبداع والمبادرة داخل الجامعة.
ولم يمضِ وقت طويل على تشكيل وحدات الجودة حتى بدأت ثمار ذلك التوجّه تتجلى، إذ تلقيت هذا الأسبوع دعوة كريمة من عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سعادة الأستاذ الدكتور أحمد محمد مقبل، ورئيس وحدة الجودة الدكتور مصطفى عبد الخالق، لحضور ورشة الاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة التي أقيمت برعاية رئيس جامعة عدن ودشنها بحضوره يوم الاثنين والثلاثاء الماضيين الموافق24-25 نوفمبر 2025م، وقد كان لي شرف تقديم عرض حول مفاهيم الاعتماد وضمان الجودة وتطبيقاتها في مؤسسات التعليم العالي، وأهمية مشاركة الطلاب في هذا المسار، إلى جانب استعراض تجربتي في لجنة تحديث برامج البكالوريوس في الكلية، وهي التجربة التي أسهمت في تقليص فجوة المهارات بين مخرجات الجامعة واحتياجات سوق العمل.
كما تطرّقت إلى تجربتي في رئاسة اللجنة التحضيرية لاستحداث برنامج السياسات العامة وبرامج الدراسات العليا المهنية (التنفيذية) خلال العام 2024، وهي جهود تهدف إلى تعزيز حضور كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في المشهد الأكاديمي الوطني والإقليمي، وتوسيع خيارات الطلاب والباحثين.
وفي ختام هذا المقال، أؤكد أن جامعة عدن كانت وما زالت وستظل عمود التعليم العالي في اليمن والوطن العربي، مهما كانت التحديات التي تواجهها. وأن مسيرة التطوير بدأت فعلاً مع تحسن الظروف الاقتصادية والإدارية، وان الجامعة قد قطعت شوطاً كبيراً في التجديد والتحديث بقيادتها الحالية ممثلة بالأستاذ الدكتور الخضر ناصر لصور ونائبه الأستاذ الدكتور عادل عبدالمجيد العبادي، إلا أن كثيراً من تلك الجهود لم ينل نصيبه من التغطية الإعلامية ولا من اهتمام الأقلام، نتيجة التركيز على الاوضاع الاقتصادية والسياسية التي سادت خلال الفترة الماضية.
وإن صون الجهود والاحتفاء بالعطاء داخل الجامعات لا يقتصر على تقدير الماضي، بل هو حافز مستمر لبذل المزيد، وللابتكار والإبداع في تقديم كل ما يخدم الجامعة والمجتمع.