أخبار دولية



عبر تدوير النخبة العسكرية.. حـ.ـزب الله يعيد تشكيل "جناح الـ.ـحرب"

الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - 01:43 ص

عبر تدوير النخبة العسكرية.. حـ.ـزب الله يعيد تشكيل "جناح الـ.ـحرب"

صوت العاصمة/ إرم نيوز


دخلت ميليشيا حزب الله مرحلة إعادة هيكلة عميقة في قمة هرم القرار العسكري، وخاصة بعد اغتيال هيثم علي طبطبائي،"رئيس أركان حزب الله"، وأحد العقول الرئيسة في إعادة بناء قدراته العسكرية بعد حرب 2024. 

مصادر سياسية وأمنية لبنانية تحدثت إلى "إرم نيوز" ترى أن ما يجري يتجاوز ملء الشواغر القيادية إلى محاولة إعادة تركيب منظومة الردع نفسها، في ظل خسارة غير مسبوقة لطبقة القادة التاريخيين خلال العامين الماضيين. وأضافت أن القرار العسكري اليوم أقل اعتمادًا على قائد ميداني واحد، ويعتمد على تدوير النخبة العسكرية. 



ما بعد اغتيال "رئيس الأركان" 

وفق تقارير غربية وإسرائيلية، لم يكن طبطبائي مجرد قائد ميداني آخر. الرجل الذي صُنف منذ 2016 على لوائح الإرهاب الأمريكية بوصفه قائدًا لقوات خاصة مرتبطة بالحرس الثوري، لعب دورًا محوريًّا في جبهة الجنوب اللبناني في التسعينيات، ثم في سوريا واليمن، قبل أن يُكلف – بحسب تقديرات استخبارية – بملف إعادة تنظيم البنية العسكرية للحزب بعد حرب 2023–2024.

تصف تقارير غربية اغتيال طبطبائي في الضاحية الجنوبية لبيروت في تشرين الثاني/نوفمبر 2025، بأنه "أخطر ضربة للحزب منذ اغتيال حسن نصر الله نفسه"، كونه استهدف الرجل الذي كان يشرف على إعادة بناء شبكة الصواريخ والوحدات الخاصة وإعادة توزيعها شمال الليطاني تماشيًا مع بنود وقف النار.

مصادر أمنية لبنانية مطلعة تقول لـ"إرم نيوز" إن طبطبائي كان عمليًّا "حلقة الوصل بين غرفة العمليات في بيروت ومستشاري الحرس الثوري في إيران وسوريا قبل سقوط النظام، وأن اغتياله "أجبر الحزب على تسريع ورشة إعادة الهيكلة التي كانت قيد التحضير منذ اغتيال نصر الله وصفي الدين وشكر".

حلقة القرار العسكرية.. من تبقّى؟

منذ اندلاع المواجهة مع إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر 2023، استهدفت تل أبيب بشكل منهجي الصف الأول والثاني في القيادة العسكرية لحزب الله، من حسن نصرالله ومن ثم رئيس المكتب التنفيذي هاشم صفي الدين بعد أيام، وهما مِن أعمدة "مجلس الشورى" التاريخيين. تلا ذلك تصفية فؤاد شكر، الذي قُدّم كـ"أعلى قائد عسكري" و"العقل المنسق للمنظومة الصاروخية" للحزب، في تموز/يوليو 2024.

بعد ذلك قُتل إبراهيم عقيل، قائد عمليات "قوة الرضوان" وعضو المجلس العسكري الأعلى، إلى جانب قادة للوحدات الصاروخية والطائرات المسيرة (إبراهيم قبيسي، محمد سرور، علي كركي) في سلسلة ضربات لاحقة.

تقارير مراكز أبحاث مثل "Long War Journal" و"SETA" و"GCSP" تشير إلى أن هذه الحملة تركت فجوة واضحة في "مجلس الجهاد"، وهو الهيئة المسؤولة عن العمليات العسكرية داخل هيكل حزب الله، وأجبرت التنظيم على الدفع بأسماء أقل شهرة إلى الصف الأمامي، مع مزج أكبر بين القادة الأمنيين والسياسيين داخل "الحلقة الضيقة".

وبحسب مصادر متابعة، فإن الحلقة التي تشرف اليوم على القرار العسكري – إلى جانب الأمين العام – تضم أساسًا القادة المتبقين من مجلس الجهاد (قادة الوحدات الصاروخية والجوية، وقسم الحرب الإلكترونية)، ووحدة التنسيق والأمن الداخلي التي يرأسها وفيـق صفا؛ المسؤولة عن الربط بين الجهاز العسكري وأجهزة الدولة اللبنانية، والتي تصفها تقارير أمريكية بأنها "ممر إلزامي لكل اتصالات الحزب الأمنية".

تضم الحلقة أيضًا مكتب المستشار السياسي الذي يقوده حسين الخليل، المكلف تاريخيًّا بإدارة التفاوض الداخلي مع الحلفاء والخصوم، والذي تصفه تقارير عقوبات أمريكية بأنه "أحد مهندسي عمليات الحزب الخاصة خارج لبنان في مراحل سابقة".

كما تضم قناة الاتصال مع طهران التي يمثلها عبد الله صفي الدين، الموصوف في أبحاث أمريكية بأنه "المفوض الدائم للحزب لدى إيران" وشريك أساسي في إدارة ملفات التمويل والتسليح.

بهذه التركيبة، يصبح القرار العسكري اليوم أقل اعتمادًا على قائد ميداني واحد، وأكثر ارتباطًا بشبكة متقاطعة من الأمن والسياسة والتمويل؛ ما يفسر -بحسب المصادر- قدرة الحزب على الاستمرار رغم الضربات، لكنه في الوقت نفسه يجعله أكثر عرضة للتجاذبات الداخلية والخارجية. 



نعيم قاسم.. قائد سياسي في مقعد عسكري

لم يكن تولّي الشيخ نعيم قاسم منصب الأمين العام بعد اغتيال نصر الله مفاجئًا من حيث التسلسل التنظيمي؛ فالرجل هو "الرقم اثنان" في الحزب منذ ثلاثة عقود، ومنظّر أساسي في أدبيات "الولاية والبيعة والقتال".

لكن التحدي الجديد أمام قاسم، كما تقول مصادر أمنية لبنانية، يتمثل في أنه يقود حزبًا خرج لتوّه من حرب استنزاف قاسية مع إسرائيل، فقد خلالها آلاف المقاتلين ومروحة واسعة من القادة، واضطر في النهاية إلى قبول وقف إطلاق نار يقيد تحركاته جنوب الليطاني، ويضع ملف سلاحه على طاولة النقاش الداخلي والدولي.

المصادر  تقول لـ"إرم نيوز" إن قاسم يحاول إدارة هذه المرحلة عبر ثلاثة مسارات متوازيـة، يعتمد الأول على إعادة تثبيت مبدأ الردع الصاروخي بوصفه "الضمانة الأخيرة" لبقاء الحزب لاعبًا إقليميًّا لا يمكن تجاوزه، رغم تقلص هامش المناورة البرية بعد الحرب.

فيما يستهدف المسار الثاني، الحفاظ على الحد الأدنى من التماسك داخل البيئة الشيعية التي تحملت العبء الأكبر من القصف والتهجير، من خلال خطاب مضاعف عن "الإنجاز التاريخي في منع اجتياح كامل للبنان".

أما المسار الثالث فيقوم على مراعاة الخطوط الحمراء الإيرانية في ما يتعلق بإيقاع المواجهة مع إسرائيل، وعدم الانجرار إلى تسوية داخلية لبنانية على حساب سلاح الحزب ودوره الإقليمي.

في المقابل، ترى مراكز أبحاث غربية أن شخصية قاسم "الأقل كاريزما" مقارنة بنصر الله وصفي الدين، تجعل النقاش داخل النخبة العسكرية أكثر استقلالية نسبيًّا عن القيادة السياسية، وتمنح مجلس الجهاد والوحدة الأمنية هامشًا أوسع في صياغة الموقف الميداني، خاصة في ظل استمرار الاغتيالات والضغط الأمريكي–الإسرائيلي لنزع سلاح الحزب.

رهان الصواريخ

على الرغم من حجم الخسائر القيادية، تكاد كل الدراسات العسكرية التي تناولت حرب 2023–2024 وما بعدها تتفق على أن قدرة حزب الله على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة لم تُشل بالكامل؛ بل إن إسرائيل نفسها تقرّ بأن أي مواجهة جديدة ستعني عودة خطر الصواريخ الدقيقة على جبهتها الداخلية.

مصادر عسكرية غربية تستند إلى معلومات استخبارية تقول إن الحزب أعاد توزيع جزء كبير من منصات الصواريخ، وإن "خطط الطوارئ" التي أعدها طبطبائي قبل اغتياله تتضمن نقل مراكز القيادة والسيطرة إلى طبقات أعمق وأكثر تشتيتًا، مع الاعتماد على شبكة اتصالات بديلة بعد تفجير أجهزة الاتصال والاختراقات التي طالت بنيته الإلكترونية خلال الحرب.

لكن في المقابل، تحذر هذه التقديرات من أن استمرار سياسة قطع الرؤوس القيادية قد يدفع الحزب على المدى البعيد إلى أحد خيارين صعبين؛ إما المزيد من الاعتماد على الخبرة الإيرانية المباشرة داخل غرف العمليات؛ ما يرفع مستوى تبعيته لطهران ويقلص هامش استقلال قراره اللبناني، وإما إفساح المجال أمام جيل جديد من القادة الأصغر سنًّا والأقل تجربة، بما يحمله ذلك من مخاطر اندفاع غير محسوب في أي جولة مقبلة. 



مصدر لبناني مطلع يلخص الصورة لـ"إرم نيوز" بالقول إن "حزب الله اليوم ليس كما كان قبل اغتيال نصر الله والطبطبائي وشكر، لكنه أيضًا ليس تنظيمًا على وشك الانهيار. نحن أمام تنظيم يحاول أن يعيد ترتيب جناح الحرب من جديد، مستندًا إلى رصيد صاروخي ثقيل، ودعم إقليمي من الحلفاء، لكن بقيادة جديدة لم تُختبر بعد بالكامل في حرب شاملة".

في ضوء ذلك، يبدو أن السنوات القليلة المقبلة ستكشف ما إذا كان رهان نعيم قاسم على الردع الصاروخي وإعادة تدوير النخبة العسكرية كافيًا لتعويض الضربات التي تلقاها الحزب، أم أن حملة الاغتيالات الإسرائيلية المتواصلة ستفتح الباب أمام تحوّل أعمق في بنية القرار داخل حزب الله، وربما في موقعه داخل لبنان والمنطقة بأسرها.



الأكثر زيارة


واس : تفاهمات سعودية – إيرانية حول الحـ.ـرب في اليمن "تفاصيل.

الثلاثاء/09/ديسمبر/2025 - 04:48 م

عُقد في طهران اليوم الاجتماع الثالث للجنة الثلاثية السعودية–الصينية–الإيرانية المشتركة لمتابعة تنفيذ “اتفاق بكين”، وذلك برئاسة نائب وزير الخارجية الإي


قيادة اللواء السادس مشاة تنعي استشهاد احد افراد اللواء بعد ا.

الأربعاء/10/ديسمبر/2025 - 01:11 ص

نعت قيادة السادس مشاة ممثلة بالعميد باسل سيف سكرة قائد اللواء استشهاد احد ابطال اللواء الجندي أبو بكر مثنى علي متأثرا بإصابته التي اصيب بها اثناء مشار


القوات الجنوبية تحبط محاولة تهريب دبا.بة وقاطرة كانت في طريق.

الأربعاء/10/ديسمبر/2025 - 01:13 ص

تمكنت قوات العمالقة الجنوبية من إحباط محاولة تهريب دبابة من قرب مدينة العبر بحضرموت بعد إشتباكها مع مهربيها على متن قاطرة كآنت متجهة نحو مأرب، تزامنا


عاجل : اتفاق سعودي إيراني بشأن وقف الحرب في اليمن.

الثلاثاء/09/ديسمبر/2025 - 04:40 م

قالت وكالة الأنباء الإيرانية، مساء الثلاثاء، إن اجتماعًا ثلاثيا عُقد في طهران برعاية صينية، جمع مسؤولين من إيران والسعودية والصين، وأسفر عن اتفاق جديد