بيان القوى الجنوبية.. مرحلة مفصلية على طريق الاستقلال
الجمعة - 12 ديسمبر 2025 - 02:23 ص
صوت العاصمة/ تقرير / منير النقيب
في لحظة سياسية حساسة يعيشها الجنوب، تواصل الأحزاب والمكوّنات السياسية الجنوبية مراقبة التطورات المتسارعة على الساحتين السياسية والعسكرية، وهي تطورات وصفت بأنها الأهم منذ عقود، بعدما أسفرت عن تحرير ما تبقى من مناطق شبوة، ووادي وصحراء حضرموت، ومحافظة المهرة. هذا التحول الحاسم أنهى فعليًا ثلاثة عقود من السيطرة القسرية والانتهاكات التي طالت الجنوبيين، ووُصفت بأنها شكلت أحد أكثر فصول المعاناة قسوة في تاريخ الجنوب الحديث.
ومع هذه المرحلة التي أعادت رسم خارطة النفوذ، برزت الحاجة إلى موقف سياسي موحد، يعكس التوافق الجنوبي حول مشروع الدولة واستعادة الهوية الوطنية. من هنا جاء البيان المشترك للأحزاب والمكوّنات الجنوبية، ليقدّم رؤية سياسية واضحة، وتقييمًا دقيقًا لطبيعة المرحلة، وإعلانًا جماعيًا لثوابت المشروع الوطني الجنوبي.
استعادة الدولة
البيان حمل في مستهلّه تأكيدًا صريحًا على أن استعادة دولة الجنوب المستقلة يمثل خيارًا إستراتيجيًا للجنوبيين، لا يخضع للمساومة أو التراجع. وهو تأكيد يأتي امتدادًا لمسيرة نضالية ممتدة منذ عقود، وترتكز على الاتفاق الوطني المتمثل في "الميثاق الوطني الجنوبي" الذي أسّس لأول إجماع سياسي جنوبي حول مستقبل الدولة المنشودة.
ويعكس هذا التوجه رغبة واضحة من القوى الجنوبية في تحويل التحولات العسكرية الأخيرة إلى مكاسب سياسية ملموسة، عبر المطالبة بالإعلان الرسمي عن دولة الجنوب العربي الفيدرالية باعتبارها التعبير القانوني والسيادي عن الإرادة الجمعية لشعب الجنوب.
*القوات المسلحة الجنوبية
في قراءة للمشهد الأمني، تقدم الأحزاب والمكونات موقفًا واضحًا في دعم القوات المسلحة الجنوبية، بوصفها القوة الضامنة لحماية الأرض والهوية والمشروع الوطني. وأكد البيان أنها تمثل صمام أمان ليس للجنوب فحسب، بل وللإقليم عمومًا، في ظل دورها المحوري في مكافحة الإرهاب وتأمين طرق الملاحة وحماية حدود المنطقة.
ويأتي التركيز على استكمال التحرير خصوصًا في مكيراس باعتباره خطوة ضرورية لبسط السيادة الكاملة على كامل أراضي دولة الجنوب العربي، وطي صفحة النفوذ العسكري الخارجي.
الالتفاف حول القيادة
لم يغفل البيان عن الدور القيادي للرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، إذ أكد الموقعون وقوفهم الكامل خلف قيادته باعتبارها قيادة تحظى بالتفويض الشعبي، وتمثل العنوان السياسي للقضية الجنوبية في الداخل والخارج. وتبرز أهمية هذا الالتفاف في ظل تعقّيدات المرحلة والحاجة إلى مرجعية سياسية موحدة قادرة على توجيه المسار الوطني.
*تماسك الجبهة الداخلية
يشدد البيان على أن اللحظة الراهنة تتطلب أعلى مستويات الوحدة والانسجام بين القوى الجنوبية، بما يعزز الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات. وفي هذا السياق، يبرز التأكيد على الشراكة، واحترام خصوصية المحافظات، والعمل تحت مظلة الميثاق الوطني، بما يعزز الهوية الوطنية الجامعة ويهيئ الطريق للوصول إلى الاستقلال الثاني.
هذه الرسالة تمثل دعوة صريحة لرفض التشظّي أو خلق مراكز قوى متضاربة، وتأكيدًا على أن وحدة الصف هي الأساس الذي تُبنى عليه الدولة القادمة.
*الموقف من الشمال
قدّم البيان موقفًا سياسيًا مسؤولًا تجاه ما يحدث في الشمال، حيث أكد دعم الجنوب لكل الجهود الرامية لتحريره من سيطرة مليشيات الحوثي، مع ترك تحديد شكل المواجهة لأبناء الشمال أنفسهم. وفي الوقت ذاته، رسّخ البيان قناعة بأن الجنوب اليوم أكثر حصانة من قوى الإخفاق والتآمر التي وفّرت عبر السنوات الماضية غطاءً لمليشيات الحوثيين ، والجماعات الإرهابية.
*التحالف العربي
برز في البيان مستوى عالٍ من الامتنان للدور المحوري الذي لعبته المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات في دعم الجنوب عسكريًا وإنسانيًا واقتصاديًا. وقد جرى التأكيد على أن الشعب الجنوبي سيظل وفيًا لهذه المواقف، وأنها ستبقى محفورة في ذاكرة الأجيال.
وفي سياق متصل، دعت القوى الجنوبية التحالف العربي والدول الإقليمية إلى احترام الإرادة الشعبية الجنوبية والتعامل مع قيادتها السياسية باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الجنوبي.
*دولة الجنوب العربي خيار حاسم
يختتم الموقعون بيانهم بتجديد العهد لشعب الجنوب على المضي بثبات نحو تحقيق تطلعاته المشروعة، والوفاء لتضحيات الشهداء والجرحى الذين منحوا المشروع الوطني قدسيته وقوته.
ويبدو واضحًا، من خلال قراءة هذا البيان، أن الجنوب يقف أمام مرحلة جديدة تتشكل ملامحها على وقع انتصارات ميدانية وسياسية متلاحقة، ومع كل خطوة يزداد اقتراب الجنوب من تحقيق هدفه التاريخي في استعادة دولته الفيدرالية الحديثة.