القوات المسلحة الجنوبية حائط الصد الذي حطم الإرهـ.ـاب
الإثنين - 15 ديسمبر 2025 - 12:41 ص
صوت العاصمة/ تقرير/ محمد الزبيري
في قلب منطقة تموج بالصراعات وتتلاطم فيها أمواج التطرف، برزت القوات المسلحة الجنوبية كقوة ضاربة أعادت تعريف معادلة الحرب على الإرهاب في اليمن والمنطقة حيث تمكنت خلال فترة زمنية قصيرة من تحقيق ما عجزت عنه جيوش كبرى تمتلك كل الإمكانيات.
لم تكن هذه القوات مجرد تشكيل عسكري تقليدي، بل هي تجسيد لإرادة شعب عانى لعقود من ويلات الإرهاب الذي تم استخدامه كأداة سياسية وعسكرية لفرض الهيمنة وتصفية الحسابات.
فمنذ حرب صيف 1994، التي شهدت استخدام المقاتلين العائدين من أفغانستان ضد الجنوب، بدأت فصول مأساة طويلة تحول فيها الجنوب إلى ساحة خلفية للتنظيمات المتطرفة واستغلت الأنظمة المتعاقبة في صنعاء هذه الجماعات كورقة ضغط، مما سمح لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش لاحقًا بالتغلغل في محافظات أبين وشبوة وحضرموت، وتحويلها إلى معاقل آمنة للتخطيط والتدريب وتنفيذ أبشع الجرائم.
لم يكن الجنوب يوماً بيئة حاضنة للتطرف، بل كان ضحية لمشاريع سياسية استثمرت في الإرهاب لتقويض أي طموح جنوبي نحو الاستقرار واستعادة الدولة.
ومع اندلاع الحرب في عام 2015، وصلت المأساة إلى ذروتها حين سُلمت مدن جنوبية كبرى لهذه التنظيمات على طبق من ذهب، لتمارس أبشع صور القمع والقتل والتنكيل بحق المواطنين.
من هذا الواقع المرير، ولدت القوات المسلحة الجنوبية، ليس كجيش نظامي بالمعنى الكلاسيكي فحسب، بل كحركة مقاومة شعبية تحولت إلى مؤسسة عسكرية محترفة، حاملةً على عاتقها مهمتين تاريخيتين ،تحرير الأرض من الميليشيات الحوثية، وتطهيرها من رجس التنظيمات الإرهابية.
لقد أثبتت هذه القوات، بدعم من التحالف العربي، أنها الشريك الأكثر جدارة وموثوقية للمجتمع الدولي في هذه المعركة المصيرية، مقدمةً تضحيات جسام من خيرة أبنائها، ومحققةً انتصارات استراتيجية غيرت وجه الصراع وأعادت الأمل لشعب تواق للأمن والسلام.
هذا التقرير يسلط الضوء على الملحمة البطولية التي سطرتها القوات الجنوبية، من جذور المعاناة إلى صناعة نصر لا يزال صداه يتردد في كل شبر من أرض الجنوب.
*الجذور التاريخية: كيف تحول الجنوب إلى ساحة للإرهاب؟*
لم يكن الإرهاب ظاهرة طارئة على الجنوب، بل هو نتاج سياسات ممنهجة بدأت جذورها تمتد منذ ما قبل الوحدة اليمنية، وتعمقت بشكل مأساوي بعدها.
ففي الثمانينيات، شجعت الجمهورية العربية اليمنية الشمالية شبابها على الذهاب إلى أفغانستان للقتال ضد السوفييت، وعند عودتهم، تم تنظيم هؤلاء "الأفغان العرب" واستخدامهم كأداة فعالة ضد الجنوبيين خلال حرب 1994.
صدرت فتاوى دينية شهيرة، مثل فتوى الشيخ عبد الوهاب الديلمي والزنداني، التي أباحت دماء الجنوبيين باعتبارهم "كفاراً"، مما أضفى غطاءً دينياً على الغزو العسكري وأسس لترسيخ الفكر المتطرف في أرض لم تعرفه من قبل.
بعد الحرب، لم يتم تفكيك هذه المجموعات، بل تم دمجها في بنية الدولة وأجهزتها الأمنية، وبقي "الأفغان العرب" في الجنوب لفرض واقع ديني واجتماعي جديد، وتحويل مجتمع علماني بطبعه إلى مجتمع محافظ.
استغلت حكومة الرئيس السابق علي عبد الله صالح هذه الجماعات كورقة ابتزاز مزدوجة فمن ناحية، استخدمتها لقمع أي حراك جنوبي مطالب بالانفصال، ومن ناحية أخرى، قدمت نفسها للغرب كشريك في "مكافحة الإرهاب" للحصول على الدعم المالي والعسكري وكلما زاد نشاط تنظيم القاعدة في المحافظات الجنوبية، من خطف للأجانب وتفجير للمنشآت، كلما زاد عنف الحكومة المركزية بحق السكان المحليين تحت ذريعة محاربة الإرهاب، مما خلق حالة مؤسفة من المعاناة.
مع تصاعد الحراك الجنوبي السلمي في عام 2007، أصبح قادته ونشطاؤه هدفاً مباشراً للقمع المزدوج من قبل أجهزة الأمن اليمنية والتنظيمات الإرهابية على حد سواء. فقد كان واضحاً أن وجود الإرهاب في الجنوب لم يكن صدفة، بل كان جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إبقاء الجنوب ضعيفاً ومنهكاً وخاضعاً لسيطرة صنعاء، وهي الاستراتيجية التي مهدت الطريق أمام الكارثة التي حلت بالمنطقة في السنوات اللاحقة.
*عمليات غيرت المعادلة: "سهام الشرق" وما بعدها*
مع تمدد نفوذ التنظيمات الإرهابية وتحويلها لمناطق شاسعة في أبين وشبوة إلى إمارات مغلقة، كان لا بد من تحرك عسكري حاسم يعيد الأمن والاستقرار وهنا، برزت القوات المسلحة الجنوبية، التي اكتسبت خبرة قتالية عالية في مواجهة الميليشيات الحوثية، لتتولى مهمة تطهير أرضها من آفة الإرهاب.
انطلقت سلسلة من العمليات العسكرية النوعية التي شكلت نقطة تحول استراتيجية في الحرب على الإرهاب وكانت عملية "سهام الشرق" التي أُطلقت في أغسطس 2022 في محافظة أبين، بمثابة الشرارة الأولى.
استهدفت العملية معاقل تنظيم القاعدة الرئيسية، بما في ذلك "وادي عومران" الذي كان يعتبر مركز قيادة تاريخي للتنظيم منذ التسعينيات.
نجحت القوات الجنوبية، بدعم من التحالف العربي، في تفكيك معسكرات التدريب، وتدمير مخازن الأسلحة، وإنهاء سيطرة التنظيم على مناطق واسعة كان يستخدمها كقاعدة لشن هجماته.
لم تقتصر النجاحات على أبين، ففي شبوة، نجحت عمليات "سهام الجنوب" في استعادة السيطرة على مناطق حيوية كانت تحت قبضة التنظيمات الإرهابية والقوات المتحالفة معها كما سبقتها عمليات كبرى مثل "تحرير المكلا" التي أنهت سيطرة القاعدة على عاصمة حضرموت، و"السهم الذهبي" التي حررت العاصمة عدن. ومؤخراً، جاءت عملية "المستقبل الواعد" لتطهير وادي وصحراء حضرموت، وقطع شرايين تهريب السلاح الإيراني للحوثيين عبر تلك المناطق. لم تكن هذه العمليات مجرد مواجهات عسكرية، بل كانت معارك مصيرية أثبتت فيها القوات الجنوبية قدرتها على التخطيط الدقيق والتنفيذ الاحترافي، وقدمت خلالها تضحيات كبيرة من الشهداء والجرحى. هذه الانتصارات لم تكن لتتحقق لولا العقيدة القتالية الراسخة لدى الجنود الجنوبيين، الذين كانوا يقاتلون دفاعاً عن أهلهم وأرضهم، مدفوعين بإرادة صلبة لإنهاء عقود من القمع والإرهاب.
*تضحيات جسام وبطولات خالدة: ثمن الحرية*
لم يكن طريق النصر مفروشاً بالورود، بل كان معبداً بدماء وتضحيات آلاف الشهداء والجرحى من أبطال القوات المسلحة الجنوبية.
كل شبر تم تحريره من الإرهاب كان يحمل قصة بطولة وفداء، وكل عملية عسكرية كانت تروي ملحمة صمود وتضحية.
واجه الجنود الجنوبيون عدواً لا يعرف الرحمة، يستخدم العبوات الناسفة، والسيارات المفخخة، والهجمات الانتحارية، وزراعة الألغام كأساليب رئيسية في حربه وفقدت القوات الجنوبية قادة ميدانيين بارزين، مثل القائد عبد اللطيف السيد والعميد أبو اليمامة والعديد من القادة الذين استشهدوا في الخطوط الأمامية للمواجهة، ليصبحوا رموزاً خالدة في معركة الجنوب ضد الإرهاب.
تتجاوز التضحيات مجرد المواجهات المباشرة فبعد تحرير المناطق، تبدأ معركة أخرى لا تقل ضراوة، وهي معركة تطهير الأرض من الألغام والعبوات الناسفة التي تزرعها التنظيمات الإرهابية بكثافة لعرقلة تقدم القوات الجنوبية واستهداف المدنيين العائدين إلى قراهم.
وقد سقط العديد من الجنود والخبراء المتخصصين في نزع الألغام شهداء وهم يؤدون واجبهم الإنساني والوطني. علاوة على ذلك، فإن الحرب الاقتصادية المستمرة وشح الموارد يمثلان تحدياً إضافياً، حيث تخوض هذه القوات معاركها في ظل ظروف معيشية صعبة.
إن هذه التضحيات الجسيمة لم تذهب سدى، بل أثمرت أمناً واستقراراً غير مسبوق في المناطق المحررة، وأعادت الحياة إلى مدن وقرى كانت تعيش تحت وطأة الخوف والترهيب. ويؤكد استمرار القوات الجنوبية في معركتها، رغم الثمن الباهظ، على التزامها المطلق بالوفاء لدماء الشهداء ومواصلة المعركة المصيرية حتى اجتثاث الإرهاب من جذوره.
*تحالف الشر: التخادم بين الحوثيين والقاعدة والإخوان*
أحد أخطر التحديات التي واجهتها القوات الجنوبية هو "تحالف الشر" غير المعلن بين الميليشيات الحوثية وتنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين.
على الرغم من التناقضات الأيديولوجية الظاهرية بين هذه الأطراف الثلاثة، إلا أنها توحدت حول هدف مشترك: استهداف الجنوب وتقويض استقراره وإفشال أي مشروع وطني جنوبي.
كشفت التطورات الميدانية والتقارير الاستخباراتية عن وجود تنسيق استراتيجي وعملياتي بين هذه الجماعات. فالقوات الجنوبية رصدت مراراً تحركات لعناصر من القاعدة وداعش تنتقل من مناطق سيطرة الإخوان لتنفيذ هجمات ضدها في أبين.
الأخطر من ذلك هو الدعم اللوجستي والتقني الذي يقدمه الحوثيون لتنظيم القاعدة.
فقد اتهمت القوات الجنوبية الميليشيات الحوثية بتزويد القاعدة بطائرات مسيرة متقدمة، وهي التقنية التي استخدمت في عدة هجمات إرهابية استهدفت مواقع عسكرية جنوبية في شبوة وأبين.
هذا التحالف الاستراتيجي، الذي يصفه الخبراء بأنه "تحالف الضرورة"، يهدف إلى استنزاف القوات الجنوبية وفتح جبهات متعددة ضدها، وإعادة تصدير الإرهاب إلى المناطق المحررة لزعزعة الأمن فيها.
كما يلعب إعلام الإخوان دوراً محورياً في هذا التحالف، من خلال التشكيك في جهود القوات الجنوبية في مكافحة الإرهاب، والدفاع عن شخصيات إرهابية وتلميع صورتها، ومحاولة خلق انقسامات داخل المجتمع الجنوبي.
هذا التخادم المفضوح يؤكد أن المعركة التي تخوضها القوات الجنوبية ليست فقط ضد تنظيم إرهابي معزول، بل ضد منظومة معادية متكاملة تستخدم الإرهاب كأداة لتحقيق أهدافها السياسية.
*شريك دولي موثوق: دور محوري في أمن الإقليم والعالم*
بفضل إنجازاتها الميدانية الملموسة، تحولت القوات المسلحة الجنوبية من قوة محلية تدافع عن أرضها إلى شريك استراتيجي لا غنى عنه للمجتمع الدولي في الحرب العالمية على الإرهاب.
نجحت هذه القوات في تحقيق ما عجزت عنه جيوش وأنظمة سابقة على مدى عقود، وهو دحر تنظيم القاعدة من معاقله الرئيسية في جنوب اليمن، والتي كانت تعتبر الأكثر خطورة على مستوى العالم وهذه النجاحات لم تمر مرور الكرام، حيث صنفت تقارير دولية صادرة عن مراكز بحثية متخصصة الانتصارات الجنوبية ضد القاعدة وداعش بأنها "الأكثر أهمية" على مستوى الجزيرة العربية والشرق الأوسط.
إن الدور الذي تلعبه القوات الجنوبية يتجاوز الحدود الوطنية ليساهم بشكل مباشر في حماية الأمن الإقليمي والدولي فمن خلال تأمينها لسواحل الجنوب الطويلة، من باب المندب غرباً إلى المهرة شرقاً، تساهم هذه القوات في حماية أحد أهم الممرات الملاحية الدولية من خطر الإرهاب والقرصنة وتهريب الأسلحة.
هذا الدور جعل المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول التحالف العربي، ينظر إلى القوات الجنوبية كحليف موثوق وفعال على الأرض. وقد دعا خبراء دوليون، مثل الدكتور وليد فارس، المستشار السابق في حملة دونالد ترامب، إلى ضرورة دعم هذه القوات لمنع تمدد الجماعات الإرهابية عبر الحدود ووصولها إلى الإقليم وأوروبا.
إن الاعتراف الدولي المتزايد بدور المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته المسلحة كشريك فاعل في مكافحة الإرهاب يعزز من مكانة الجنوب كعامل استقرار في المنطقة، ويؤكد أن أمن الجنوب هو جزء لا يتجزأ من أمن العالم.
*بناء المؤسسة العسكرية: من المقاومة إلى جيش وطني صلب*
إن قصة نجاح القوات المسلحة الجنوبية لا تكمن فقط في انتصاراتها الميدانية، بل أيضاً في قدرتها على التحول من فصائل مقاومة شعبية إلى مؤسسة عسكرية وأمنية منضبطة وذات هيكلية تنظيمية واضحة .
بفضل التخطيط الحكيم للقيادة السياسية ممثلة بالرئيس عيدروس الزُبيدي، تم تأسيس جيش وطني قوي قادر على مواجهة كافة التحديات وحماية مكتسبات الجنوب.
لم يعد الأمر يقتصر على تشكيلات عسكرية غير نظامية، بل أصبحت القوات الجنوبية اليوم منظومة دفاع وطني شاملة، بمختلف مسمياتها (الحزام الأمني، النخبة الشبوانية والحضرمية، ألوية العمالقة، الوية الحماية،الدعم والإسناد)، تعمل ضمن هيكل قيادي موحد وتخضع لتدريب عسكري نظامي.
وقد لعب الدعم التدريبي واللوجستي المقدم من دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً محورياً في هذا التحول حيث ساهمت الإمارات في تزويد القوات الجنوبية بالعتاد اللازم، وتدريب عناصرها على أحدث التكتيكات العسكرية والاستراتيجيات الأمنية، مما مكنها من تحقيق نتائج مبهرة في فترة زمنية قصيرة.
لم يقتصر هذا البناء المؤسسي على الجانب القتالي، بل شمل أيضاً تطوير الأجهزة الاستخباراتية التي أصبحت تلعب دوراً حاسماً في العمليات الاستباقية وإحباط المخططات الإرهابية قبل وقوعها، كما حدث في إحباط مخطط إرهابي في منطقة الرجاع بلحج حيث تم ضبط عبوات ناسفة وأحزمة ناسفة بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة.
لا يمثل وجود جيش جنوبي صلب ومحترف ضمانة لأمن الجنوب فقط، بل هو الركيزة الأساسية لبناء دولة الجنوب الفيدرالية القادمة، دولة قادرة على حماية سيادتها وفرض القانون وتحقيق الاستقرار لشعبها.
*تحديات مستمرة ومستقبل واعد*
على الرغم من الانتصارات العظيمة التي تحققت، إلا أن المعركة ضد الإرهاب لم تنته بعد، ولا تزال القوات الجنوبية تواجه تحديات جسام. فالتضاريس الجغرافية الوعرة في بعض المناطق لا تزال توفر ملاذات آمنة لفلول الإرهابيين لشن هجمات غادرة.
كما أن استمرار الدعم الذي تتلقاه هذه الجماعات من أطراف إقليمية ومحلية، وخاصة التحالف الحوثي-الإخواني، يعني أن خطر الإرهاب سيظل قائماً.
بالإضافة إلى ذلك، تمثل الحرب الاقتصادية وحملات التضليل الإعلامي والشائعات تحديات لا تقل خطورة عن المواجهة العسكرية، حيث تهدف إلى ضرب الروح المعنوية للقوات وشق الصف الجنوبي.
ومع ذلك، فإن المستقبل يبدو واعداً في ظل وجود قيادة سياسية وعسكرية واعية ومدركة لحجم هذه التحديات.
لقد أصبحت القوات الجنوبية اليوم أكثر خبرة وقوة وقدرة على الحسم، وتدرك أن المعركة ليست فقط بالسلاح، بل هي أيضاً معركة وعي وتلاحم وطني.
أكدت العمليات الجديدة التي أطلقت مثل "عملية الحسم" في أبين، والتي تأتي استكمالاً لـ "سهام الشرق" على الإصرار على استئصال جذور الإرهاب من كامل تراب الجنوب.
إن بناء الثقة مع المجتمع المحلي، وتفعيل الدور الاستخباراتي، وتجفيف منابع تمويل الإرهاب، هي استراتيجيات أساسية للمرحلة القادمة كما يمثل تلاحم الشعب مع قواته المسلحة، والالتفاف حول القيادة السياسية، صمام الأمان الحقيقي لضمان مستقبل آمن ومستقر، مستقبل يتم فيه بناء دولة الجنوب التي ضحى من أجلها الشهداء، دولة العدل والمساواة والتنمية.
*الجنوب واحد لا يتجزأ: رسالة إلى الداخل والخارج*
إن المعركة التي تخوضها القوات المسلحة الجنوبية ضد الإرهاب تحمل في طياتها رسالة سياسية واضحة للجميع في الداخل والخارج: "الجنوب واحد لا يتجزأ".
لقد توحدت دماء أبناء الجنوب من المهرة إلى باب المندب في هذه المعركة المصيرية، لتسقط كل محاولات التقسيم وزرع الفتن المناطقية التي راهنت عليها القوى المعادية كما أن الانتصارات التي تحققت في شبوة وأبين وحضرموت لم تكن انتصارات لمناطق معينة، بل كانت انتصاراً للمشروع الوطني الجنوبي بأكمله.
إن وحدة الهدف والمصير التي تجلت في ميادين القتال ضد الإرهاب هي ذاتها التي تتجلى اليوم في الموقف السياسي الصلب للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يؤكد على حقه في إدارة أرضه وحماية حدوده ووجود القوات الجنوبية في كل شبر من أرض الجنوب، من حضرموت والمهرة شرقاً إلى لحج وأبين غرباً، ليس مجرد انتشار عسكري، بل هو تأكيد على السيادة الجنوبية وترسيخ للأمن والاستقرار الذي ينشده الشعب.
هذه الوحدة والتلاحم الشعبي والعسكري هما أقوى سلاح في مواجهة كل التحديات، وهما الضمانة الحقيقية لتحقيق تطلعات شعب الجنوب في استعادة دولته الفيدرالية كاملة السيادة، دولة تكون عامل أمن واستقرار في محيطها الإقليمي وشريكاً فاعلاً في المجتمع الدولي. إن رسالة الجنوب اليوم، التي تكتبها بنادق أبطاله وتضحيات شهدائه، هي رسالة سلام وبناء، ورسالة قوة وعزة، تؤكد أن زمن الوصاية والتبعية قد ولى إلى غير رجعة.