مناخ قاسٍ يضرب اليمن في 2025.. الجفاف والحرارة يهددان الزراعة والأمن الغذائي
السبت - 27 ديسمبر 2025 - 08:08 م
صوت العاصمة/العين الإخبارية:
يواجه اليمن أزمة غير مسبوقة بفعل التغيرات المناخية القاسية، التي ظهرت تأثيراتها المدمرة بوضوح خلال عام 2025.
هذه الظروف الجوية القاسية لا تزيد من تفاقم ندرة المياه وتدهور الأراضي فحسب، بل تضرب بشدة القطاع الزراعي؛ ما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وتشريد أعداد هائلة من السكان، وهو ما حول حياة مزارعي اليمن إلى جحيم.
واتسمت الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2025، بشكل عام، بظروف جافة واسعة النطاق، وهطول أمطار أقل من المتوسط في العديد من مناطق اليمن، بحسب المستشار والباحث اليمني في الشؤون البيئية والمناخية عبدالغني اليوسفي، الذي نشر بحثا مفصلا في أكتوبر/تشرين الأول 2025، اطّلعت عليه «العين الإخبارية» وتستعرض بعضًا منه.
في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، شهدت هذه الفترة تفاوتًا في حالة الجفاف في عموم اليمن، مع الإبلاغ عن حدٍّ أدنى لم يتجاوز (0.01 ملم) أو عدم وجود أمطار في المناطق الساحلية، بينما بلغ الحد الأدنى في المرتفعات الجبلية (7.5 ملم) في فبراير/شباط تحديدًا.
وفي مارس/آذار، كان من المتوقع أن تشهد البلاد الحد الأدنى من الأمطار، حيث تلقت معظم المناطق أقل من 5 ملم، مع عدم وجود أمطار في المناطق الصحراوية؛ ما يزيد من تفاقم ندرة المياه. وسجلت منطقة حريب (محافظة مأرب) 0.6 ملم فقط، وفقًا للباحث اليوسفي.
أما أبريل/نيسان، شهدت بعض المناطق الجبلية زيادةً في شدة الأمطار مقارنةً بمارس/آذار، حيث تلقت ما يصل إلى 66 ملم، أظهرت البلاد بشكل عام اتجاهات جفاف أوسع نطاقًا مقارنة بالمعدل الطبيعي؛ ما يشير إلى ظروف شبيهة بالجفاف في المرتفعات الوسطى والجنوبية والمناطق الشرقية. وتلقت المغرابة (محافظة حجة) 7.3 ملم.
وفي مايو/أيار استمرت الظروف الجافة واسعة النطاق، خاصة في المرتفعات، مع تركز الأمطار المحلية في المرتفعات الجنوبية، لا سيما في محافظة إب، حيث شهدت البلاد بشكل عام عجزًا في الأمطار يتراوح بين 10% و20%.
وفي يونيو/حزيران، شهد اليمن ظروفًا جافة واسعة النطاق مع الحد الأدنى من الأمطار المحلية، خاصة في محافظة المحويت وأجزاء من المرتفعات الوسطى والجنوبية، وتلقت معظم المناطق أمطارًا أقل من المتوسط.
أما في يوليو/تموز كان من المتوقع أن تتحسن الظروف الجوية الزراعية في المرتفعات بسبب زيادة الأمطار الموسمية، مع احتمال تجاوز الأمطار التراكمية 60 ملم في مناطق معينة، مثل محافظة إب. ومع ذلك، ظلت الأمطار الإجمالية أقل من المتوسط بنحو 40% في المنطقة. وكان من المتوقع أن تكون الأمطار التراكمية في محافظتي إب وذمار أقل بنسبة 40% من المتوسط.
في صيف عام 2025، تجاوزت درجات الحرارة باستمرار 40 درجة مئوية في شرق اليمن والمناطق الساحلية، وتحديدًا خلال يونيو 2025.
وواجهت المحافظات الصحراوية الشرقية حرارةً شديدة مستمرة، حيث تراوحت درجات الحرارة القصوى نهارًا بين 44 و47 درجة مئوية في أواخر يونيو/حزيران.
وكانت المناطق الساحلية حارةً ورطبة، إذ وصلت درجات الحرارة إلى ما بين 35 و40 درجة مئوية خلال النهار. وأدت هذه الارتفاعات الكبيرة في درجات الحرارة إلى زيادة معدلات التبخر؛ ما تسبب في تقليل رطوبة التربة وإجهاد المحاصيل، حتى في المناطق الجبلية الأكثر برودة عادةً.
كما جرى التنبؤ بحرارةٍ غير طبيعية في الأجزاء الغربية من البلاد في أوائل أغسطس/آب 2025، مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1 إلى 4 درجات مئوية فوق المتوسط.
وتميزت الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2025 بظروفٍ جافة مستمرة وهطول أمطار أقل من المتوسط على نطاق واسع؛ ما أدى إلى إجهادٍ شديد للمحاصيل والمراعي.
وأفضت هذه الأوضاع إلى تأخر الزراعة، وانخفاض الغلال، وتدهور ظروف الثروة الحيوانية، وزيادة كبيرة في انعدام الأمن الغذائي لملايين الأشخاص في مختلف أنحاء البلاد. كما أدى الجفاف إلى تفاقم نقص المياه؛ ما أجبر السكان على زيادة الاعتماد على إمدادات المياه الجوفية المتناقصة.
وتُظهر الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2025، إلى جانب السياق الأوسع لمناخ اليمن، نمطًا خطيرًا من الظواهر الجوية المتطرفة المتتالية؛ إذ تسبب الجفاف المطول وموجات الحر في إجهادٍ شديد للأنظمة الزراعية، واستنزاف موارد المياه، وتدهور التربة.
وعندما تحدث أحداث هطول أمطار غزيرة وقصيرة المدة بعد فترات الجفاف هذه، لا تستطيع الأراضي الجافة والمتدهورة امتصاص المياه بفعالية؛ ما يؤدي إلى جريان سطحي سريع وحدوث فيضانات مفاجئة مدمرة، بدلًا من تجديد الموارد المائية بشكلٍ مفيد.
وتعني هذه الدورة، «الجفاف ثم الفيضان»، أن المجتمعات تعيش في حالة رد فعلٍ مستمرة، وغير قادرة على التعافي من صدمة إلى أخرى.