الجنوب اليمني.. إمّا دولة عربية أو ساحة إسر.ائيلية
الثلاثاء - 30 ديسمبر 2025 - 12:56 ص
صوت العاصمة / مقال لـ : علي مرزوق الشدّادي | مدير تحرير صحيفة أضواء الوطن السعودية
لم تعد قضية الجنوب اليمني شأناً محليًا يمكن تأجيله أو التعامل معه بمنطق إدارة الأزمات بل تحوّلت إلى ملف مركزي في معادلة الأمن الإقليمي للبحر الأحمر والخليج العربي. فاستمرار الفراغ السياسي في اليمن في ظل صعود جماعة الحوثي ذات الارتباطات الخارجية ينقل البلاد تدريجيًا من دولة عربية إلى ساحة نفوذ مفتوحة لمشاريع غير عربية، تتقاطع فيها الحسابات الإقليمية والدولية على حساب الاستقرار.
مطالبة شعب الجنوب باستعادة دولته التي كانت قائمة ومعترفًا بها دوليًا حتى عام 1990 لا تمثل خروجًا على الشرعية بل تعبيرًا عن حق سياسي جرى تعطيله بفعل تجربة وحدة فشلت في بناء دولة جامعة أو في حماية الأمن الوطني. هذه المطالب تستند اليوم إلى إجماع شعبي وقبلي واسع، يعكس رغبة حقيقية في صون الهوية وضمان الاستقرار، بعيدًا عن مشاريع الصراع والتوظيف الخارجي.
في شمال اليمن تسيطر جماعة مسلحة ذات امتدادات إقليمية واضحة، تمتلك قدرات صاروخية تؤثر في أمن دول الجوار والملاحة الدولية، وهو ما يثير قلقًا متزايدًا لدى دول المنطقة والمجتمع الدولي. في المقابل يبرز الجنوب بوصفه مساحة سياسية واجتماعية تبحث عن نموذج دولة مستقر، منفتح على محيطه العربي وقادر على الإسهام في حماية الممرات البحرية الحيوية.
المعادلة الراهنة لم تعد بين وحدة أو انفصال، بل بين دولة أو فراغ. والفراغ، كما تثبت تجارب المنطقة، لا يبقى بلا فاعل بل يتحول سريعًا إلى ساحة تنافس بين قوى تبحث عن النفوذ في واحدة من أكثر المناطق حساسية في العالم.
من هنا .. فإنّ فتح مسار سياسي جاد مع الجنوب ضمن رؤية إقليمية مسؤولة لا يعني بالضرورة تقسيمًا بقدر ما يعني إعادة بناء توازن يمنع انزلاق اليمن إلى مزيد من التفكك والصراعات الدولية. فالجنوب بموقعه الاستراتيجي وموانئه الحيوية قادر على أن يكون عنصر استقرار وأمن عربي إذا تم إعطائه الإطار السياسي المناسب.
اليوم أمام المنطقة خيار واضح: إما دعم مسار دولة عربية مستقرة في الجنوب استنادًا إلى إرادة شعبه وتاريخه السياسي أو ترك الفراغ مفتوحًا أمام مشاريع لا تخدم أمن العرب ولا مستقبل اليمن.