مقالات صحفية


الحر/ب على الجنوب.. من الخطاب إلى الاجتياح

الإثنين - 07 يوليو 2025 - الساعة 11:24 م

محمد عبدالله المارم
الكاتب: محمد عبدالله المارم - ارشيف الكاتب


في السابع والعشرين من أبريل عام 1994، ألقى الرئيس علي عبدالله صالح خطابًا تَصعيدياً هاجم فيه قيادة الحزب الاشتراكي الجنوبي، ووجه إليهم اتهامات صريحة بالسعي لإفشال الوحدة، واتخذ من ذلك ذريعة للهجوم السياسي والإعلامي عليهم، وقال:
"إن شعبنا اليمني سيضع حدًا لأولئك الذين يتسكعون على أبواب بعض العواصم ليستلموا مالًا مدنسًا من أجل إجهاض الوحدة."

لم يكن الخطاب مجرد موقف عابر بل كان إعلانًا وتمهيدا للحرب على الجنوب، وعلى كل صوت جنوبي طالب حينها بإصلاح مسار وحدة تحولت من شراكة إلى مشروع هيمنة وإقصاء. وسرعان ما تحولت الكلمات إلى أفعال عسكرية، حيث اندلعت أولى المواجهات في معسكر عمران المشترك، الذي كان يضم اللواء الثالث مدرع الجنوبي واللواء الأول مدرع الشمالي، وتحول إلى ساحة قتال راح ضحيتها عدد كبير من الجنود الجنوبيين، وتعرضت آلياتهم للتدمير في مشهد جسد الانهيار العملي لكل ما تبقى من مظاهر الوحدة.

ومع نهاية أبريل، بدأت الصورة تتكشف بصورة أوضح، فهناك طرف حسم أمره مبكرًا وبدأ بتنفيذ خطة اجتياح منظم وممنهج..
ففي الرابع من مايو، فرضت القوات الشمالية حصارًا خانقًا على لواء باصهيب في محافظة ذمار، وترافق الحصار مع قصف متواصل أدى إلى تحرك وحدات جنوبية لفك الطوق، لكنها واجهت استعدادًا مسبقًا وكمائن مدروسة. وكانت القوات الشمالية قد توسعت إلى يريم ومكيراس، وسقطت الأخيرة رغم دفاع بطولي أبداه اللواء 22 الجنوبي.

وفي الثاني عشر من مايو، اتسعت رقعة المواجهات لتشمل مناطق جديدة من الضالع، واستمر التوسع باتجاه العمق الجنوبي في ظل تجاهل عربي ودولي لنداءات التهدئة، وهو ما فُسّر حينها بأنه صمت متواطئ مهد الطريق لاستكمال الاجتياح بلا كلفة دبلوماسية.

وفي الحادي والعشرين من مايو، أعلن الرئيس الجنوبي علي سالم البيض من حضرموت فك الارتباط وعودة دولة الجنوب المستقلة تحت اسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وكان هذا الإعلان بمثابة محاولة أخيرة لحماية الجنوب ووقف نزيف الدم، لكنه لم يجد سوى مزيد من التصعيد والهجمات التي تقدمت باتجاه العاصمة عدن.

خلال شهري مايو ويونيو، كانت أبين وشبوة قد سقطتا بيد القوات الشمالية، مما أدى إلى تطويق عدن من جهات عدة. ورغم هذا الحصار الخانق، أبدت القوات الجنوبية مقاومة باسلة في وجه الزحف الذي لم يكن هدفه إعادة الشراكة، بل فرض السيطرة الكاملة على الأرض والقرار.

وفي السابع من يوليو، سقطت عدن بعد قتال شرس، ودخلتها القوات الشمالية، منهية بذلك وجود دولة الجنوب، ومستهلّة مرحلة جديدة من الإقصاء والقهر والاستيلاء على القرار والثروات والمؤسسات. وتحول هذا اليوم إلى محطة أليمة في ذاكرة الجنوبيين، وبات يُعرف باسم "سبعة سبعة"، اليوم الذي فُرضت فيه وحدة السلاح لا وحدة الإرادة والشعب.

ذلك اليوم لم يكن مجرد هزيمة عسكرية، بل سقوطًا سياسيًا وأخلاقيًا لمنظومة رفعت شعارات الشراكة، ثم أحرقتها في أول امتحان حقيقي، وجعلت من الوحدة أداة للسيطرة بدلًا من كونها عقدًا بين طرفين.

إن الجنوب الذي قاوم الغزو وواجه الإقصاء لا يزال حتى اليوم متمسكًا بحقه الكامل في استعادة دولة الجنوب، الدولة التي تم إسقاطها بقوة السلاح ومصادرتها تحت غطاء شعارات الوحدة. لم يكن النضال الجنوبي طوال العقود الماضية مجرد رد فعل عاطفي أو سياسي، بل كان تعبيرًا حيًّا عن إرادة شعب لا يقبل أن يُدار من خارج إرادته أو يُسلب قراره وسيادته.

الختام:
ولن يُغلق جرح الس7ــابع من يوليو إلا بعودة دولة الجنوب المستقلة على حدود ما قبل عام 1990، بقرار شعبها، وبسيادتها الكاملة على أرضها ومصيرها وهويتها السياسية.

فهذا اليوم الأسود (7/7) لم يكن نهاية الحكاية، بل بداية مسار لن ينتهي إلا بتحقيق هدفه الجوهري: استعادة دولة الجنوب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.




الأكثر زيارة


عاجل| ظهور سلاح عسكري خطير بحوزة القوات الجنوبية في جبهات ال.

الأحد/07/ديسمبر/2025 - 01:05 م

كشفت مصادر ميدانية، عن رصد سلاح نوعي جديد بحوزة القوات الجنوبية في مناطق التماس مع مليشيات الحوثي الإرهابية. وأوضحت المصادر أن السلاح عبارة عنجهاز تشو


اتفاق الرياض 3.. هيكلة شاملة للرئاسي وخطّة دولية لتشكيل حكوم.

الأحد/07/ديسمبر/2025 - 09:56 م

كشفت مصادر سياسية مطلعة عن توجه دولي واسع، تقوده دول الرباعية الدولية، لإعادة هيكلة مجلس القيادة الرئاسي اليمني بعد أن ثبت فشله في إدارة المرحلة الراه


بن بريك يتحدث عن طاعة ولي الأمر ويقارنه بمفهوم الإخوان المنح.

الأحد/07/ديسمبر/2025 - 05:18 م

تحدث الشيخ هاني بن بريك عن طاعة ولي الأمر ,مشيراً الى تحقق شرط الولاية في الرئيس عيدروس الزُبيدي. جاء ذلك في منشور جديد ومهم للشيخ هاني بن بريك يبيّن


تفـ.ـجير التربة يهز بوابة تعز الجنوبية.. رسالة حو.ثية-إخو.ان.

الأحد/07/ديسمبر/2025 - 03:35 ص

في محاولة حوثية-إخوانية لعرقلة أي جهود في محافظة تعز اليمنية، استهدفت سيارة مفخخة، أمس السبت، مقرا أمنيا في مدينة التربة جنوبي المدينة المطلة على جنوب