الدهاء الفرعوني وغزل أحفاد العم سام (2 - 2)

الأربعاء - 20 أغسطس 2025 - الساعة 10:39 ص

الكاتب: نزيه مرياش - ارشيف الكاتب

بعد أن تحدثت في الجزء الأول من مقالي عن الضغوطات والطلبات والمكر والغزل الأمريكي لإرضاء الفراعنه، اليوم ساتحدث في هذا الجزء عن دهاء وتحركات ومرونة أحفاد فرعون، الذين تطوقهم من جميع الجهات الحدودية ملفات متفجرة من الشرق ( الحرب الإسرائيلية في غزة ) والغرب ( الأزمة الليبية ) والجنوب ( الحرب الأهلية في السودان ) وما خفي كان أعظم .
فالمعادلة الفرعونية التي أنتجت الإتزان الإستراتيجي، التي أمنوا المصريون بأنها الحل الوحيد لخلخلت هذه الملفات والضغوطات والطلبات التآمرية الأمريكية . هذه المعادلة التي تم رسمها بفرشاة تحركات مصرية، كانت السبب في جعل أحفاد العم سام مراجعة إستراتيجيتهم، للحفاظ على ولاء القاهرة الإستراتيجي من أن يميل إلى طرف أخر .
أليك بعض تحركات المعادلة الفرعونية الإستراتيجية ضد ما تخطط له أمريكا ووكيلها الإسرائيلي عليها : -

1 - تغير العقيدة العسكرية المصرية من الدفاع إلى الردع .
2 - التغير في الإستراتيجية العسكرية المصرية التي أسهمت في نجاح التفوق العسكري المصري على الإسرائيلي، الذي يعيش في قلق من جراء هذا التفوق .
3 - عدم التساهل أو التسامح من قبل مصر في ما يتعلق بتهديد أمنها القومي، وذلك عبر التغير المصري في سياسة العلاقات الإستراتيجية التي تفرض على مصر أن لا تعول على طرف واحد، بل تعزز علاقتها مع جميع الأطراف . وذلك عبر إنشاء قنوات لعلاقات مصرية مع كلاً من الصين وروسيا، وأيضاً والأهم مع تركيا وإيران اللتان كانتا مع مصر على خلاف، الذي أستغلته إستغلالاً جيداً كُلاً من أمريكا وأوروبا وإسرائيل .
4 - موازاة هذه العلاقات الإستراتيجية بتنامي وتعاون تكنولوجي وإستثماري ... إلخ، مع الصين وتركيا وإيران وبقية دول العالم، وأيضاً تعاون نووي كبير مع روسيا في الضبعة .
5 - مناورة ( نسور الحضارة ) مع القوات المسلحة الصينية، ثم ما تلاها وأستبقها من سعي مصري لسد فجوات كبيرة في تكنولوجيا السلاح .
6 - التحركات الإستثنائية التي قامت بها مصر من بناء قواعد لوجوستية، وأنفاق وقواعد صواريخ ومطارات وحشد للقوات في شبه جزيرة سيناء، لاجل إلغاء أهم ميزة لدى الجيش الإسرائيلي، وهي طول المسافة بين الحدود وقواته الضاربة والتي تبعد عن قناة السويس 217 كم، وهي مسافة كان نقل الذخائر وحدها يحتاج إلى عشرة أيام كاملة .
7 - توقيع حكومة مصر برتوكول عسكري مع الحكومة الصومالية وأخر دفاعي مع تركيا، اللتان تتفقان على منع أثيوبيا من الحصول على منفذ بحري من أرض الصومال إلى البحر الأحمر، ناهيك عن دعم عسكري مصري من قوات وعتاد عسكري للصومال وأرتيريا .
8 - موازة العلاقات الإستراتيجية والتعاون التكنولوجي والإستثماري ووو، بتنامي وتعاون عسكري عبر السير في درب التعددية العسكرية في مجال تسليح الجيش المصري، وإليك ما تملكه وبعض الصفقات العسكرية الحديثة التي حققتها مصر : -

* التنوع في أمتلاك سلاح جو لطائرات حديثة منها طائرات تاي فون الاوربية وطائرات رافال الفرنسية وسوخوي الروسية، وأيضاً طائرات أمريكية ( F-16 ) وطائرات J-35 الصينية .
* الشراكة المصرية في صناعة الطائرة التركية الشبحية ( قان ) المنافسة لطائرات الصينية والأمريكية والروسية الجيل الخامس .
* التنوع في أمتلاك أحدث منظوماتها دفاعية جوية منها بالليزر، ومنها دفاعات صينية باتريوث اس 400 والروسية إس 300 (S-300) ومنظومة ناسامز الأمريكية التي أمريكا غازلت مصر بها .
* التنوع في أمتلاك مصر أنواعاً متعددة من الدبابات، بما فيها دبابات أميركية وروسية ودبابات كوريا الجنوبية حديثة .
* مصر ليس فقط تمتلك أسطولاً من الطائرات المسيرة أبرزها طائرات صينية متقدمة، بل أيضاً تصنع طائرات مسيرة منها نووت وطائرة أكتوبر وطائرات هرم 36 وقائد 36 .
* تمتلك مصر حاملتي مروحيات و8 غواصات و6 فرقاطات .
ومن هذا التنوع في المعدات الحديثة لسلاح الجيش المصري الذي أُستثمر بمئات الملايين من الدولارات، جعل القلق يخلخل ويعشعش في قلوب الإسرائيليين الذين قال مندوبهم : - لماذا ( مصر ) تستثمر مئات الملايين كل عام بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023م، وليس لديهم أي تهديدات على حدودهم ؟! .
فتحركات مصر الإرتجالية أقنعت أمريكا وإسرائيل أن مصر ليست إيران، التي أخطائها ونقاط ضعفها ليس فقط أصلحتها مصر في قواتها العسكرية، عبر أمتلاك سلاح جو ومنظومات دفاعية ووو متنوعة، بل أيضاً تحقيق مصر التفوق العسكري على إسرائيل، وأيضاً خلق تحالف عسكري مع تركيا وغيرها الذي ممكن أن يُغير موازين القوة في المنطقة .
فنواة المعادلة الفرعونية كانت الإستدارة الإستراتيجية نحو الصين التي تضج مضاجع أمريكا، التي قدمت إغراءات لمصر لقطع الطريق أمام التوغل الصيني والروسي في مجال تسليح الجيش المصري .
فهل الجيش المصري سيواصل السير في درب التعددية العسكرية مهما كانت الإغراءات الغربية، أم سيُرضي أمريكا التي يشهد لها التاريخ بسرمدية الإستغناء الدائم عن حلفائها وشراكائها في أي لحظة، في سبيل مصالحها الإستراتيجية والعسكرية والإقتصادية .... ؟!