الإصلاحات التي أفسدت الاقتصاد!

الأحد - 26 أكتوبر 2025 - الساعة 07:36 ص

الكاتب: أدهم الغزالي - ارشيف الكاتب

في كل أدبيات السياسة والاقتصاد يُفهم مصطلح "الإصلاح الاقتصادي" بأنه عملية علاج تعيد التوازن إلى جسد الدولة وتُصلح ما أفسدته السياسات السابقة من تضخم أو فساد أو اختلالات مالية.

لكن في بلادنا يبدو أن التعريف تغير فصار الإصلاح الاقتصادي هو زيادة معاناة المواطن وقطع مرتباته ورفع أسعار السلع والوقود ثم تبشير الناس بأن هذا كله "ضرورة وطنية مؤقتة"!

منذ متى كانت الإصلاحات تعني تجويع الشعوب؟ ومنذ متى كان الطبيب يعالج المريض بمزيد من السم؟

لقد عرف العالم نماذج إصلاح ناجحة من شرق آسيا إلى أوروبا الشرقية حيث كان الهدف هو إنعاش الاقتصاد وتحسين معيشة المواطن لا كسر ظهره فهناك تصرف الرواتب وتحفز الأسواق وتقدم الضمانات الاجتماعية كجسر نحو النهوض.

أما عندنا فكل ما يسمى إصلاحا لا يمر إلا عبر جيب المواطن المسكين حتى صار الناس يتندرون قائلين: "من لم يُصلَح بعد فليستعد لدفع الضريبة!

والأغرب من ذلك أن أصحاب هذه "المدرسة الاقتصادية الجديدة" قدّموا للعالم نظرية لا مثيل لها ، نظرية الإصلاح بالحرمان أو كما يمكن تسميتها: مدرسة المعبقي وابن بريك في الاقتصاد الحديث!

مدرسة ترى أن قطع المرتبات هو أول خطوة للنهوض وأن إفقار الناس طريق الازدهار وأن الصبر على الجوع واجب وطني حتى وإن لم يتبقَّ في البيت إلا الصبر ذاته!

أيها السادة لا يمكن لأي إصلاح أن ينجح في بيئة فقد فيها الناس ثقتهم بالمؤسسات ولا يمكن لاقتصاد أن ينهض بينما الموظف لا يجد حق دوائه والمعلم يبحث عن أجره بين الوعود والتبريرات.

الإصلاح الحقيقي يبدأ من الإنسان لا على حسابه، يبدأ من محاربة الفساد لا من معاقبة الضحايا ويقاس بمدى تحسن حياة الناس لا بمدى قدرتهم على تحمل الأزمات.

أما "الإصلاحات" التي تخرب حياة الناس فهي ليست إلا عقوبات اقتصادية مقنّعة وستسجل كتب التاريخ أن من ابتكرها لم يكن اقتصاديًا بل مهندسًا للمعاناة العامة!
والله المستعان..