بسبب إشاعة .. دفنت ثرياء بثوب زفافها!
السبت - 31 مايو 2025 - 02:26 ص
صوت العاصمة | خاص / عادل حمران
يدرك الجميع بان نساء الريف اليمني يعشنَّ معاناة مضاعفة بسبب الأخبار المغلوطة والتهميش الذي يتعرضنَّ له مقارنة بالرجال، حيث يتم معاقبة المرأة على أي غلط ترتكبه حتى وان كانت رسالة نصية مجهولة بينما يتم تبرئة الرجال لابشع الجرائم العاطفية لا لشيء فقط لكونه رجل.
وبسبب التميز الطبقي الكبير يتم غض الطرف عن أي كوارث مجتمعية يرتكبها الرجال بينما يتم معاقبة المرأة على ابسط التصرفات، ويتم حرمانها من ابسط حقوقها حتى في حقها في اختيار شريك حياتها، لكون ذلك يعتبر جريمة فالمرأة لا رأي لها ويجب عليها الموافقة على الرجل الذي يختاره لها أبيها دون اضهار أي معارضة حتى وان كانت لا تطيقه ولا يمكنها العيش معه.
هناك الكثير من القصص المؤلمة بسبب هيمنة الرجال ضد فتياتهم بعضهنَّ اخترنا طريق الإنتحار كـ آخر حل للنجاة من ظلم المجتمع ومن قسوة أولياء امورهنَّ، وأخريات رضخنا للواقع المر وعشنا حياة بائسة لا توافق طموحاتهنَّ ولا تناسب أحلامهنَّ خوفن من بطش الآباء الذي يعتبر خيارات الفتيات جريمة وعار امام المجتمع لكون الأب وحده من يحق له الموافقة على شريك حياة ابنته.
وهنا سوف اسرد لكم قصه رغم ان نقلها والكتابة عنها يعد جريمة لكن الألم مازال يسكن قاع قلبي لكون ثرياء (إسم مستعار)، دفنت بثوب زفافها وتم تغطية أحلامها وجسدها وطموحاتها بالتراب دفعة واحدة لأنها فقط احبت شاب غير ابن عمها الذي اختاره و وافق عليه والدها، ولكنها رفضته بشده وحاولت إقناع والدها بحبها لاحد شباب حارتهم ويدعى (إيمن) إسم مستعار، لكن والدها رفض بدون تردد بسبب الفارق الكبير في المستوى المعيشي فهي من اسرة ثرية والشاب من اسرة بسيطة او معدمة رغم انه ذو أخلاق حسنه ويحظى باحترام وتقدير الجميع.
تقدم ايمن وأسرته اكثر من مرة لخطبة ثرياء لكن والدها رفض بشده وحاول إقناعهم بان ابنته مخطوبة لابن اخيه، غادر ايمن منزل والد ثرياء محملاً بخيبة امل كبيرة جداً، ومثله ثرياء عاشت معه نفس الشعور والصدمة وشعرت بالانكسار حين أقنعهم والدها أنها مخطوبة لابن عمها الذي لا تبادله أي مشاعر وتعامله منذ سنوات وكانّه اخيها الأكبر، إلا أن عادات وتقاليد المجتمع في معظم مناطق الريف اليمني تحرم الفتاه حتى من اختيار شريك حياتها او رفع صوتها بكلمة لا اريده امام الجميع.
أقنعتها خالتها زوجة والدها بان توافق على الزواج لكي تنجو من غضب والدها ونظرة المجتمع، واتفقوا على موعد الزفاف وكانت لا تمل من البكاء ولا الشكاء لصديقاتها بانها غير موافقه ولا تحب ابن عمها وأنها لم تتخيله سوى أخ لا اكثر، لكن لم يكن لها أي حول ولا قوة ولا مفر أمامه من الموافقة على زواجها منه لكي تنجو من سيل الغضب الذي يسكن قلب والدها لكون رفظها يعني بانها تريد كسر كلمته امام رجال القبيلة وأهل القرية بحسب ما نقلة اليه زوجته.
لكن الأب سمع كلام زوجته وتعامل مع ابنته بقسوة وصرامة واحرمها حتى من حقها في الحديث معه وإخباره عن سبب رفضها لهذه الزواجة، وفي يوم زفافها حدثت الصدمة التي حولت الفرح إلى مأتم حزن كبير بسبب كذب خالتها وتهور وجنون والدها الذي لم يكلف نفسه الجلوس مع ابنته ومعرفة الحقيقة منها دون غيرها، حيث جرت العادة ان العروسة تخضب جسمها، (أيديها و أرجلها )، قبل زفافها بيوم فكانت المسكينة حزينة وكانت تخضب وجنتيها بدموعها مما اشفقت عليها احد رفيقات طفولتها وعرضت عليها الذهاب معها إلى منزلها لترتاح وتبعد عن أعين النساء التي كنا يتناقلنا تفاصيل زفافها وحزنها ورفضها على طول القرية وعرضها.
وحينما كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشر ظهراً، كان رجال القرية متجهين إلى منزل والد العروسة لتناول وجبة الغداء انطلقت ثرياء بسرعة إلى منزل صديقتها لتهرب من أعين النساء وترتاح قليلا من الكابوس الكبير الذي يوشك على تدمير سعادتها، استغلت خالتها خروجها دون إذن من المنزل فأسرعت لاخبار والدها بان ابنته قد هربت واضافت بانها اتفقت مع حب حياتها ايمن للهروب معه وافشال موعد زفافها، فشعر والدها بالخزي والعار وأخذ سلاحه وانطلق بسرعه للحاق بها وقبل ان تدخل منزل صديقتها باشرها بعدة طلقات أوقفت نبضات قلبها وخطفت روحها بيوم زفافها وحولت القرية من الفرح إلى حزن كبير حيث انتشر خبر مقتلها مع الهواء وانتشر الحزن في كل زاوية وحاره وشارع من شوارع القرية.
هرع الجميع إلى مكان الجريمة وتم القبض على والدها الذي اعترف للجميع بان ابنته كانت ناوية الهروب مع حبيبها وهذا عار لايمكن السماح به مما تعاطف معه الجميع لكن صديقتها كشفت الحقيقة وقالت إنها كانت قادمة اليها للهروب من عيون النساء ولترتاح من السهر والبكاء حينها عرف الأب بان زوجته نقلت اليه أخبار كاذبة ومغلوطة عن ابنته فقام بطلاقها وتسبب بتدمير سكون منزله وخطف روح ابنته ولأن القانون اليمني لا يعاقب الأب على قتل ابنه او ابنته بدواعي الشرف تم إخراجه من السجن ولكن نيران قلبه لم تهدا على فراق ابنته وعاش سنين حياته يشعر بالقهر والحسرة ودفنت ثرياء ومعها دفنت كل تفاصيل قصتها وفي كل منطقة وقرية تعيش الفتياة معاناة لا يشعر بها احد سواهنَّ، لا رأي ولا كلمة لهم ولسان الحال لا تخرج الفتاة إلا لمنزل زوجها او قبرها.