مداد العاصمة



من ‎عدن إلى حضرموت.. سواحل الجنوب بانتظار الطوفان!

السبت - 07 يونيو 2025 - 03:04 ص

من ‎عدن إلى حضرموت.. سواحل الجنوب بانتظار الطوفان!

صوت العاصمة | خاص | بسام القاضي

‎في مدينة تقف عند حافة البحر والتاريخ، تندفع عدن اليوم نحو مصير مقلق، تحكمه فوضى التخطيط وتجاهل القوانين البيئية، في سباق عمراني لا يستند إلى رؤية ولا يُبنى على أسس الاستدامة. فمنذ ما بعد حرب مارس 2015، شهدت عدن وسواحل محافظات جنوبية مجاورة مثل أبين وحضرموت، ازدهارًا عشوائيًا في مشاريع المدن السكنية، يُنفّذ في الغالب دون تخطيط حضري، وبعيدًا عن الرقابة المؤسسية.
 
‎هذا التوسع لا يعكس نموًا طبيعيًا، بل يكشف عن فقدان البوصلة في إدارة الأرض والساحل. فعلى الرغم من أن عدن تُعد، بحسب دراسات علمية موثوقة، من بين أكثر ست مدن في العالم عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر، تُواصل هذه المشاريع التمدد نحو الشريط الساحلي، دون تقييم للأثر البيئي، ودون أن تأخذ بعين الاعتبار هشاشة المناطق المعنية.
 
‎تشير التقديرات إلى أن أجزاء واسعة من خور مكسر، المنصورة، البريقة، وسواحل أخرى، مهددة بالغرق خلال العقدين القادمين، ومع ذلك تُبنى فيها مزيد المساكن وكأن المياه لن ترتفع، والكارثة من نسج الخيال!.
 
‎الخطورة تتضاعف حين نعلم أن بعض هذه المشاريع أُقيمت على حساب محميات الأراضي الرطبة في عدن، وهي خمس محميات طبيعية تمثل صمامات أمان بيئي للمدينة، وتؤدي دورًا جوهريًا في حماية التنوع الحيوي وتخفيف آثار التغير المناخي. البناء فوق هذه المناطق لا يُعد فقط انتهاكًا للقانون، بل يُدمّر منظومات بيئية لا يمكن تعويضها، ويُفاقم هشاشة الساحل أمام أي ارتفاع محتمل لمستوى البحر.
 
‎وفي أماكن أخرى، يُقام البناء في مجاري السيول والأودية، ما يفتح الباب أمام كوارث محققة مع كل موسم أمطار غزيرة.
 
‎إن غياب الالتزام بتوصيات هيئة حماية البيئة ومؤسسات التخطيط العمراني، لا يؤدي فقط إلى إهدار المال العام والخاص، بل يُنتج مناطق سكنية محفوفة بالمخاطر، لا توفر أدنى درجات الأمان لسكانها، وتُراكم تحديات اقتصادية وبيئية جسيمة يصعب احتواؤها لاحقًا.
 
‎ما يحدث اليوم على سواحل عدن ليس تنمية، بل ارتجال عمراني يُقام تحت عناوين مضللة. وهو استخفاف بحقائق علمية صارخة، وتغاضٍ عن مصير مدينة لم تُشفَ بعد من جراح الحرب، ولم تُمنح فرصة للتخطيط أو التعافي.
 
‎فهل ننتظر حتى تغمر المياه هذه "المدن الجديدة" وتُصبح ذكرى؟ أم نملك شجاعة الاعتراف بالخلل وإعادة توجيه السياسات قبل فوات الأوان؟.
 
‎إن ما هو على المحك ليس مجرد مشاريع إسكان، بل مصير مدينة، وحق أجيال قادمة في بيئة آمنة، وتاريخ لن يتسامح مع أولئك الذين أداروا ظهورهم للعلم، وسكتوا عن العبث.
 
‎* صحفي علمي متخصص في تغطية قضايا المناخ والبيئة.
 



الأكثر زيارة


بشكل فوري .. الحوثيـ.ـون يوجهون بإخلاء أحياء في العاصمة اليم.

الأحد/14/سبتمبر/2025 - 07:59 م

كشفت مصادر محلية، عن صدور دعوات لإخلاء عدد من الأحياء السكنية في العاصمة اليمنية صنعاء، تحسبًا لقصف إسرائيلي محتمل، في ظل استمرار الصمت الرسمي من جانب


نتنياهو يفقد أعصـ،،ـابه في اجتماع الحكومة.

الإثنين/15/سبتمبر/2025 - 03:42 ص

شن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وعدد من الوزراء أمس الأحد، هجوماً حاداً على المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف-ميارة، وذلك خلال الاجتما


شركة "دكرا" العالمية تكرم المهندس الجنوبي أمين الشعيبي لتميز.

الإثنين/15/سبتمبر/2025 - 01:12 ص

في لفتة تقديرية لجهوده وإنجازاته، كرّمت شركة "دكرا" الدولية للسلامة المهندس الجنوبي أمين محمد الشعيبي، وذلك في حفل خاص أُقيم بمقر الشركة الم


تطورات خطيرة ونوعية في مسار المواجهـ.ـة .. تحالف أمـ.ـريكي إ.

الإثنين/15/سبتمبر/2025 - 03:32 م

كشف المحلل السياسي البارز، خالد سلمان، مساء الأحد، عن تطورات خطيرة و"نوعية" في مسار المواجهة مع مليشيا الحوثي، مؤكدًا وجود تنسيق عسكري وأمني "رفيع الم