التجنيد العسكري… حين تتحول المواهب إلى ضحايا صامتة
الجمعة - 27 يونيو 2025 - 08:25 م
صوت العاصمة | خاص / محمد سالم
في زحمة الحياة، يحاول الإنسان أن يبني واقعه بين مطرقة المسؤوليات وسندان الأحلام. ومع تسارع عجلة العالم وتعدد فرص العيش، ظلت الأبواب مفتوحة أمام الإبداع والمواهب، حتى هبّت رياح الحرب، وتغيّرت الأولويات، وتبدلت الوجوه.
حين نادى الوطن، لبّى الشباب النداء بلا تردد. خرجوا مقاومين، فدائيين، مرابطين على الجبهات. تركوا أحلامهم خلف ظهورهم، ودّعوا المقاعد الدراسيه والملاعب والمهن والحرف ، وارتدوا الزي العسكري، مؤمنين أن حماية الأرض مقدّمة على كل شيء.
لكن ما لم ننتبه له، هو أن التجنيد – رغم ضرورته – كان أيضًا مقبرة للمواهب.
هؤلاء الشباب لم يكونوا مجرد أرقام في المعسكرات، بل كانوا رسّامين، ولاعبين، ومخترعين، وكتّابًا، وحرفيين.
منهم من كان نجمًا كرويًا، كان يُعار من نادٍ إلى نادٍ، واليوم نراه في آخر بطولة، مفقودًا، غائبًا، وقد حلّ مكانه محترف غريب لا يحمل في قلبه حب المدينة أو انتماء الوطن.
أين ذهب هؤلاء؟ ببساطة، أصبحوا جنودًا، مرابطين على الحدود، يدافعون عن وطن، لكنه لم يدافع عن أحلامهم.
لقد تغيّرت ملامح الحياة 360 درجة. اندثرت المساحات التي كانت تُنبت المبدعين، وذبلت الزوايا التي كانت تضجّ بالطاقة والابتكار.
لم نجد من يسدّ الفراغ. لا برامج تعويضية، ولا رعاية موازية تحفظ التوازن بين واجب السلاح وحق الإبداع.
إن الوطن الذي لا يصنع توازنًا بين الدفاع والأمل، بين المعركة والحياة، يخسر في الجبهتين.
لقد دفعنا الثمن… بل دفعنا “الثمين”.
ومع ذلك، لا نطلب المستحيل. فقط نريد أن تُحمى مواهب شبابنا، أن تُمنح فرصة للنمو والتطوّر حتى في ظل الحرب. فكل مبدع هو جندي بطريقته، وكل موهبة تُزهر، هي انتصار على الخراب