تقارير



ورقـة عمل مقدمة للندوة الإرشادية والتوعوية التي أقامهـا منتــــدى القشــم الثقافـي التنمـــوي بالضالع

الثلاثاء - 01 يوليو 2025 - 05:45 م

ورقـة عمل مقدمة للندوة الإرشادية والتوعوية التي أقامهـا منتــــدى القشــم الثقافـي التنمـــوي بالضالع

صوت العاصمة/خاص:

^^تلوث المياه في محافظة الضالع وتأثيره على صحة المجتمع

"مقاربة تحليلية من وجهة نظر صحية^^

(د.عباس محمد عباس-د.سمير قاسم قسوم-د.احمد عباس باعباد...انموذجا)


الاثنيـن 30 يونيـــو 2025م. 1427هـ


إعداد الباحث/ شايف محمد قاسم الحدي. (منتدى القشم الثقافي التنموي)


مقدمــــة:


أضحت مشكلة المياه هي التحدي الأكبر على المستوى العالمي وباتت تلك المعضلة تحدد نمط العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول واضحت جزءًا من الصراعات والحروب بين بلدان العالم. وفي بلادنا، يمثل قطاع المياه التحدي الأكبر للحكومات المتعاقبة، في سبيل البحث ولو في الحد الأدنى عن حلول من شأنها التخفيف من حدة أزمة المياه والتي تضاعفت أكثر في الآونة الأخيرة بسبب الوضع العام للدولة بتأثير الصراعات والحروب التي لم يزل يشهدها البلد.. ولتسليط الضوء عن واقع قطاع المياه في محافظة الضالع، فإننا نحاول في هذه الورقة مقاربة تلوث المياه الجوفية من خلال استعراض عدد من الدراسات التي أجريت من قبل مجموعة من الأطباء الذين عاينوا وفحصوا وحللوا تلك المياه وبيّنوا مستويات التلوث الكبير فيها وأسباب هذا التلوث في بلدات مرفد وخوبر والعقلة ولكمة لشعوب في مديرية الحصين بمحافظة الضالع وخطورة انتشار هذا التلوث على مصادر المياه في المحافظة ككل، فقد بيّنت تلك الدراسات أن هذا التلوث في المياه الجوفية (آبار الحفار) قد وصل إلى نسبٍ كبيرة جدًا، حتى أصبحت مياهه الجوفية غير صالحة للاستخدام الآدمي بسبب ارتفاع نسب مادة الفلورايد (الفلور)، خاصة بعد ظهور أمراض خطيرة وتشوهات في الأطفال في تلك المناطق.

وتتمثل هذه التشوّهات -بحسب تلك الدراسات- في هشاشة العظام وتقوسها (لين العظام)، وتشوّهات الأسنان عند الأطفال وتآكلها وتغيّر لونها، نتيجة زيادة مادة الفلورايد (الفلور) بالجسم وطرد مادة الكالسيوم من الجسم عبر (التبول)، كما تتسبب هذه الحالات بتسمم بمادة (الفلور)، وتعرف أيضًا بمادة (المينا المبقع) مما يجعل بقية السن تبدو ذات لون أصفر مقارنة بالمينا، حيث يحدث نقص التمعدن من مينا الأسنان الناجم عن ابتلاع الفلورايد الزائد أثناء تشكيل المينا، ويظهر كمجموعة من التغيرات مرئية في المينا مما يتسبب في تغيّر درجات الألوان داخل الأسنان، وفي بعض الحالات حدوث تلف للأسنان. وتقوم مادة الفلورايد بالتمعدن على الطبقة الخارجية من الأسنان، فيظهر لون قبيح وتشققات وحفر في المنيا مما يجعل الأسنان أكثر عرضة لتكوّن التجاويف وتسوس الأسنان.


وبحسب تلك الدراسات أيضًا ينتج التلوث البيئي للتربة والمياه والهواء بسبب السموم الزراعية والمخصبات الزراعية (الأسمدة الكيماوية) عن استشراء الإصابة بالأمراض السرطانية والفشل الكلوي بسبب تلوث مياه الآبار، أيّ تغير فيزيائي أو كيميائي في نوعيّة المياه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة نتيجة عمل الإنسان، وبالتالي تصبح مياهه أقل صلاحية للاستعمالات، ويقصد بالتلوث تغير الخصائص الطبيعية للماء، فيجعله غير مستساغ للاستعمال الآدمي، ومن خلال المشاركة الفعلية لفريق الدراسة في النزول الميداني إلى هذه المناطق المستهدفة والوقوف عن كثب على طبيعة التلوث المائي الذي يُعد من أحد أخطر التحديات التي تواجه المصادر المائية في تلك المناطق المشار إليها، حيث شملت أنواع التلوث المختلفة، بما في ذلك التلوث الطبيعي، التلوث الكيميائي، التلوث بمياه الصرف الصحي، والتلوث بالمخلفات الزراعية مثل المبيدات الحشرية والمخصبات الزراعية، وقد تمكنا من استخلاص الإشكاليات التالية التي تؤثر على المصادر المائية في تلك المناطق بالتعاون مع فريق الدراسة:

زيادة مادة الفلورايد (الفلور):


تشير (دراسة الفريق) إلى أن زيادة نسبة تركيزات مادة الفلورايد في المياه الجوفية تؤدي إلى تسمم (الفلور) في الأسنان والعظام، مما يسبب مشاكل صحية خطيرة، خاصةً لدى الفئات السكانية الأكثر عرضة مثل الأطفال وكبار السن والأفراد الذين يعانون من نقص في الكالسيوم والمغنيسيوم أو المصابين بأمراض الكُلى المزمنة. هذا التسمم يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض العظام المؤلمة مثل التسممّ الفلوري الهيكلي، والذي يمكن أن يسبب هشاشة العظام وآلام المفاصل وتشوهات العظام، بالإضافة إلى تأثيرات على وظائف الكُلى. ويؤثر ارتفاع مستويات الفلورايد على امتصاص اليود في الجسم، مما قد يؤثر على وظيفة الغدة الدرقية وإنتاج الهرمونات. يعود سبب هذه الظاهرة، وفقًا لـ(فريق الدراسة)، إلى تلوث المياه الجوفية خاصةً في الآبار العميقة، وزيادة تركيزات مادة الفلورايد (الفلور)، والتي يمكن أن تتسرب من التربة والصخور، وتزداد بسبب الأنشطة البشرية، مثل استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية.

خطورة المبيدات الحشرية:


يشدد فريق الدراسة على المخاطر الصحية والبيئية الكبيرة الناجمة عن استخدام المبيدات الحشرية، التي تشكل تهديدًا كبيرًا للصحة البشرية والبيئية، وتؤدي إلى أعراض مرضية عديدة قد تصل إلى الوفاة في الحالات الأكثر شدة. بالإضافة إلى ذلك، يسلط الفريق الضوء على أن الاستخدام المفرط لهذه المبيدات يساهم في تلوث التربة والمياه، ويضر سلبًا بالكائنات الحية غير المستهدفة مثل الحشرات المفيدة والنحل، مما يؤثر على استدامة النظم البيئية والتنوع البيولوجي.


ويحذر فريق الدراسة من أن استخدام المواد الكيميائية، مثل المبيدات الحشرية والمخصبات الزراعية، في رش وري أشجار (القات)، يكون لها تأثيرات سلبية كبيرة وخطيرة على صحة الإنسان والحيوان. هذه المواد الكيميائية تؤدي إلى تلوث التربة والمياه والهواء، مما يشكل خطرًا بيئيًا وصحيًا كبيرًا. كما يؤدي الاستخدام المفرط لهذه المواد السامة في اختلال التوازن البيئي، وتؤثر بشكل مباشر على عناصر البيئة المختلفة، بما في ذلك التربة والنبات والماء والهواء، مما قد يؤدي إلى عواقب بيئية وخيمة، ويهدد الصحة العامة والبيئة على المدى الطويل.

تسرّب مياه الصرف الصحي واختلاطه بالمياه السطحية والجوفية:

يرى فريق الدراسة إلى أن تحويل بعض الآبار المهجورة والفاشلة إلى بيارات للصرف الصحي في بعض البلدات قد أدَّى إلى تسرّب مياه الصرف الصحي الملوثة إلى المياه الجوفية، مما أدَّى إلى اختلاطها بالمياه الصالحة للشرب ونقل الملوثات الخطرة، مثل المواد العضوية والكيميائية والبكتريا والميكروبات الضارة، إلى مصادر المياه السطحية والجوفية.


تحتوي مياه الصرف الصحي على العديد من البكتيريا والفيروسات الضارة، التي تختلط بمياه الآبار عبر العيون المائية تحت الأرض، مما يؤدي إلى تلوثها ويسبب أمراضًا خطيرة للسكان المحليين، ويشكل هذا أحد العوامل الرئيسية وراء انتشار الأمراض المنقولة عبر الماء في تلك المناطق. ويشير فريق الدراسة إلى أن هذه الآبار المهجورة قد لوثت بشكل بالغ مصادر المياه وخلطتها بالصرف الصحي، مما يجعلها غير آمنة للاستهلاك الصحي وتُعرض المجتمعات لمخاطر صحية جسيمة.

عدوى جرثومية:

يؤكد فريق الدراسة أن تلوث المياه الجوفية نتيجة اختلاطها بمياه الصرف الصحي يُعد عاملاً رئيسيًا في انتشار الأمراض المنقولة عن طريق المياه. يمكن أن يؤدي استهلاك المياه الملوثة إلى الإصابة بأمراض خطيرة، حيث تعتمد شدة العدوى على نوع الجرثومة وآلية انتقالها. ويؤدي شرب المياه الملوثة واستخدامها في الأنشطة اليومية مثل الطهي إلى الإصابة بأمراض خطيرة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساهم سوء تخزين المياه في خزانات غير آمنة لفترة طويلة في زيادة خطر الإصابة بالأمراض.


التحليل العلمي للأمراض الناتجة عن تلوث المياه: كنا قد أشرنا مسبقًا أن هذه المقاربة تقوم على غرار ثلاث من الدراسات لثلاثة من الأطبّاء المختصين والذين كان لنا شرف مرافقتهم في هذه المهمة البحثية واستشراف النتائج والتوصيات المتعلقة بتلوث المياه في بلدات مديرية الحُصين، والذين لديهم الكثير من المعلومات عن هذه الظاهرة المرضية وتقتضي الأمانة أن نذكرهم ونوجز في هذه المقاربة أبرز طروحاتهم، وهم: د. عباس محمد باعبَّاد و د. سمير قاسم قسوم و د. أحمد محمد باعبَّاد.


وكانت البداية مع الدكتور عباس محمد عباس باعبَّاد، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة (بورد عربي)، الذي لاحظ هذا المرض منذ سنوات، حيث قال:" تم ملاحظة هذا المرض بسبب ظهور أعداد كبيرة من الأطفال دون سن الثامنة مصابون بليونة وتشوهات في العظام وهشاشة فيها، إضافة إلى تسوس في الأسنان وتغير لونها وتآكلها بغير مبرر وبأعداد كبيرة، وتركزت هذه الأمراض في المناطق التي توجد فيها الآبار الجوفية العميقة مثل مناطق مرفد وخوبر والعقلة، والمناطق الأخرى التي وجد فيها المصابون يشربون المياه من الآبار الملوثة في هذه المناطق، وأيضًا من أسباب هذا المرض هو التلوث بسبب استخدام المبيدات الحشرية والمخصبات الزراعية بشكل مفرط، مما يؤدي إلى تلوث التربة بطريقة غير مباشرة، حينما يختلط بها الماء، وقد تكون لأسباب أخرى غير معروفة بسبب عدم وجود مختبرات فحص متطورة تشخص مثل هذه الظواهر".

ويضيف الدكتور عباس:" أنه خلال خمس سنوات بدأت تصل إلينا حالات من هذا النوع، ولكن في الفترة الأخيرة بعد إجراء الفحص تمكنا من معرفة السبب، وقد وجدنا خلال هذه الخمس السنوات الماضية أن الأطفال المصابين الذين عزلناهم أو منعناهم من شرب هذه المياه تحسنت حالاتهم كثيرًا وتقلصت أعداد الإصابات لدى بقية الأفراد داخل إطار الأسرة الواحدة، حينها قمنا بأخذ عينات من المياه وإرسالها إلى إحدى المختبرات المختصة في صنعاء، وبعد ظهور نتائج التحليل تبيّن لنا أن المياه تحتوي على نسبة عالية جدًا من مادة الفلورايد (الفلور)، وصل إلى نسبة أكثر من (0.15.5من الواحد بالمائة مليجرام)، لكل واحد لتر من الماء، بينما المعدل الطبيعي يفترض ألّا يتجاوز (0.7من الواحد بالمائة من المليغرام) من الفلورايد لكل لتر من الماء، وهذه النسبة العالية من هذه المادة تعتبر نسبة سميَّة، وهي إحدى الأسباب الرئيسة التي أدَّت إلى هشاشة العظام وتآكل الأسنان عند الأطفال، وأن أضرار مادة الفلورايد (الفلور) تمنع ترسب الكالسيوم في العظام وتؤدي إلى خروجه مع البول، وهذا يؤدي إلى فقدان الكالسيوم من الجسم، كما تقلل عملية امتصاص الكالسيوم من الأمعاء وتؤدي إلى ظهور هذه الأمراض بين الأطفال بأعداد كبيرة".

ويتمثل الحل الأساس من وجهة نظر الدكتور عباس في البحث عن مصادر جديدة لمياه الشرب خالية من مادة الفلورايد (الفلور) وبنسب مقبولة صحيًا والحد من استهلاك مياه تلك الآبار واستخدامها الآدمي كونها تُعدّ آبارا ملوثة. وقد باتت هذه المناطق موبوءة ومنكوبة في آنٍ واحد.


أمّا الدكتور سمير قاسم محمد قسوم، استشاري أمراض وجراحة العظام والمفاصل والعمود الفقري (بورد عربي) فتحدث عن مسببات هذا المرض، الذي عالج المئات منه قائلا:" يعود وجود الحالات المرضية لهشاشة العظام عند الأطفال والكبار خاصة في مناطق مرفد وخوبر والعقلة ولكمة لشعوب في مديرية الحصين بالضالع بالدرجة الأساسية، إلى زيادة مادة الفلورايد (الفلور) في مياه الآبار الجوفية مما يؤدي إلى ظهور إنحناءات في العظام وتقوسات في أماكن عديدة مثل الساق والركب والوركين والفخذ، وكذلك تصلب العمود الفقري نتيجة لزيادة تركيز هذه المادة في العظام التي تقوم بطرد مادة الكالسيوم عبر البول وتحل مادة الفلور بدلا عنها، وتؤدي أيضًا إلى الألآم المستمرة في المفاصل والعضلات والشعور بالتعب والتشنجات الغريبة في العضلات وأعراض الإصابة بزيادة مادة الفلور بداية من أوجاع في منطقة الرقبة وأسفل العمود الفقري والعضلات، التي لم يلاحظها الكثير من الناس، وهي بسبب زيادة الفلور والملوثات البيئية والصحية، ولكن على ما يبدو أن التركيز من قبل شريحة الناس يكون فقط على الأشياء الظاهرة كالتشوّهات العظمية ولينها وهشاشة وتفتت وتصبغ الأسنان.

يقول الدكتور قسوم" إن مادة الفلور ليست هي المادة الوحيدة التي تسبب هذه الظاهرة، بل في اعتقادي أن هناك مواد أخرى مثل مادة (النترات) و(الليد)، وكذلك مادة (الفلورين) المستخدمة في المبيدات الحشرية والمخصبات الزراعية، ويعزو هذا إلى الاستخدام غير المسؤول من المزارعين والمواطنين لهذه المواد الخطرة في رش المزروعات كشجرة (القات) دون رقابة، كذلك استخدام الآبار السطحية الجافة والآبار الجوفية العميقة (الفاشلة) كبيارات للمنازل ومياه الصرف الصحي، وهذا يؤدي إلى تلوث صحي (نترات وبكتيريا)، إضافة إلى التلوث الكيميائي المذكور سلفًا، وأنه لا توجد استجابة لعلاج ملوث مادة الفلورايد (الفلور) فقط، وهذا دليل قاطع أن المرض له عدة مسببات أيضًا، ولا يمكننا نصح شريحة الناس بالتوجه إلى شرب ماء معيّن من آبار معيّنة، أو من محطات تحلية مياه معيّنة أو شركات قوارير محددة مالم يكن لدينا دليل كجهاز حديث لفحص كل أنواع المياه".

وأفاد الدكتور أحمد محمد عباس باعبَّاد، اختصاصي طب وجراحة الفم والأسنان، كليّة طب الأسنان (جامعة بغداد) أنه قد لاحظ تأثير هذا المرض منذ عام 2004م، في الأسنان الدائمة للأطفال من فوق سبع سنوات، وظهرت علامات هذا المرض بصورة ملفتة بادئ الأمر لدى المرضى من بلدات: مرفد وخوبر ولكمة لشعوب والعقلة بمديرية الحصين بالضالع، حيث كانت أعراض ذلك المرض على شكل تصبَّغات في الأسنان بألوان غير الألوان الطبيعية للأسنان (تغيّر في لونها)، وتطور في الفترات الأخيرة إلى تآكل حاد في الأسنان الدائمة، وتقوس في سيقان الأطفال وهشاشة في العظام، وعند قيامنا كأطبّاء من جانب إنساني بالنزول الميداني إلى مجموعة من المدارس في هذه المناطق لاحظنا أن هذا التصبغ والتآكل بالأسنان عند الأطفال كان منتشرًا بشكل كبير في هذه المناطق.. وقد أبلغ جهات الاختصاص في حينها عن زيادة مادة الفلورايد (الفلور) في مياه الآبار الجوفية.

وعن مؤشرات هذا المرض يقول الدكتور أحمد عباس إن هذا المرض يبدأ في مهاجمة الأطفال في سن مبكرة بعمر سنة إلى ثمان سنوات أثناء فترة تكوّن الأسنان الدائمة داخل الفك وقبل بزوغها، بسبب تركيز مادة (الفلورايد) التي تعمل على إزاحة الكالسيوم من العظام والأسنان، وتحل هذه المادة محل مادة (الكالسيوم) بعد خروجها من الأسنان والعظام عبر المسالك البولية، وينتج عن ذلك هشاشة في العظام والأسنان وتغيّر لون السن وضعف البروتين المكوّن لنسيج السن الذي يؤدي إلى التآكل وتشوُّه الأسنان".. مشيرًا إلى أن مياه الآبار الجوفية العميقة، حينما يتم استخراجها من مستويات عميقة تكون حارة جدًا، وكلما زاد العمق زاد نسبة مادة الفلورايد (الفلور) في المياه، ومن المضاعفات خطر تركيز مادة (الفلورايد) بحسب الدكتور أحمد عباس هو تلوث الهواء، فعندما يتم وضع المياه في سدود أو خزانات مفتوحة لكي تبرد أو تعبئة المياه إلى ناقلات المياه (البوز)، فهذا هو الخطر الحقيقي والسم الزعاف، لأن مادة الفلورايد السامة تتبخر وتتطاير في الهواء فيستنشقها الأطفال مما يؤدي إلى مضاعفة الجرعة للأطفال وآثارها الجانبية عن طريق الشرب والاستنشاق، كما أن المبيدات الحشرية والمخصبات الزراعية التي تحتوي على تراكيز عالية من مادة (الفلورايد) واختلاطها بالتربة واستنشاقها أو نزولها إلى الأرض مع المياه، إضافةً إلى المواد الكيمائية المستخدمة أثناء عملية حفر الآبار (الحفار)، التي قد يكون لها تأثير صحي على البيئة كونها تختلط مع المياه الجوفية العذبة، وتقوم بعملية تسمّم الحقل المائي في هذه المناطق عبر تسرّبها إلى مجرى الحوض المائي، وذلك نتيجة للحفر العشوائي غير المرخص والمنظم وعدم وجود الرقابة الصحية لاستخدام مثل هكذا مواد خطرة مؤثرة على صحة البيئة وسلامة التربة".


وفي هذا الصدد ناشد الدكتور أحمد عباس كل من منظمات الصحة العالمية والهلال الأحمر الإماراتي والجهات ذات العلاقة للنزول إلى المناطق الموبوءة، كون هذه الأجيال القادمة قد أصيبت بهذه العاهات المستديمة وهي مهددة بمخاطر وأضرار زيادة مادة الفلورايد (الفلور) القاتلة.


ومن خلال كل ما تقدم فإن تلك المقاربات مجتمعةً تؤكد أن وضع المياه في بلدات مديرية الحصين وبعض مناطق الضالع في حالة انهيار تام بما تُنذرُ به هذه المؤشرات من كارثة بيئية كبيرة وهو ما حدث من خلال ظهور الكثير من الأمراض الناتجة عن هذا التلوث. حقيقةً مؤلمة.. فقد أضحت هذه البلدات مناطق منكوبة في ظل غياب جهات الاختصاص الحكومية والمنظمات الدولية، ممثلة بوزارة الصحة العامة والسكان ووزارة المياه والبيئة ووزارة الزراعة والري والسلطات المحلية، حيث إنهم لم يعملوا بجدية على إنهاء هذه المأساة وإنقاذ سكان هذه البلدات الموبوءة. ويظهر جليًا أنهم لم يعملوا أيّ شيء لمعالجة المشكلة وإحلال البدائل أو تقديم المعالجات الإسعافية المؤقتة وتأمين مياه الشرب لسكان هذه المناطق المنكوبة، وهذا شأنهم في تأمين احتياجات المواطنين وتذليل السبل لهم من أجل حياة كريمة.


التوصيـــــات:

طالب العديد من الأطبّاء بالضالع السلطات المحلية ومؤسسات المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتها وإنقاذ الحوض المائي في مديرية الحصين من تلوث المياه الكبير فيه.

خاطب الأطباء جهات الاختصاص بالنزول الميداني وفحص المياه والقيام بالإرشادات الصحية والتثقيف الصحي لهذه المناطق..

أوصى الأطباء الجهات المعنية بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لردم الآبار المهجورة التي تم تحويلها إلى بيارات، بهدف حماية الأرواح والممتلكات والحد من تلوث المياه الجوفية.

نادى الأطباء المنظمات الدولية المهتمة بالشأن الصحي لضرورة النزول إلى المناطق المتضررة ومد يد العون وإيجاد الحلول المناسبة، إما بحفر آبار جديدة أو القيام بتنقية المياه أو عمل خزانات صحية لحفظ مياه الشرب.

حذر الأطباء السلطات المحلية في محافظة الضالع ووزارة المياه والصرف الصحي وجهات الاختصاص من أن التغافل عن هذه الكارثة الصحية سيهدد حياة المجتمع ويقوض سُبل حصول الناس على مياه صحية نظيفة على المدى المنظور وفي المستقبل، وما يترتب على ذلك من نتائج لا تحمد عُقباها.

أوصى الأطباء بتشكيل فريق بحثي من الوزارات المعنية لدراسة وتحليل واقع المياه وتنفيذ دراسات بحثية علمية متعمقة حول الملوثات وآثارها السلبية ووضع حلول فعّالة.

دعا الأطباء إلى توفير مختبرات وأجهزة حديثة لفحص المياه ودعوا إلى توجيه جهود الباحثين لإغناء هذا الموضوع بالدراسات المتخصصة.

طالب الأطباء بتوفير مواد ومعدات تحلية لتنقية المياه بوصف تلك الأحواض المائية هي المصدر الأساس للمياه في تلك المناطق.

تدعو إدارة منتدى القشم الثقافي التنموي قيادة السلطة المحلية ممثلة بمكتب الصحة والسكان ومكتب المياه والصرف الصحي محافظة الضالع إلى التواصل مع المختصين وأصحاب الخبرة، الذين قاربوا موضوع تلوث المياه في المحافظة وبالأخص الدكتور عباس محمد عباس باعبَّاد والدكتور سمير قاسم محمد قسوم والدكتور أحمد محمد عباس باعبًّاد، لعمل فعالية يشاركوا فيها إثراءً لهذه الفعالية بُغية الوصول إلى الحلول الناجعة لأزمة المياه بالمحافظة.

نوصي أيضًا بالتواصل مع عالم الجيولوجيا البروفيسور مهندس زكريا أحمد السقاف، والدكتور المهندس قايد الدرويش وآخرون من أصحاب الاختصاص للمشاركة في نفس الفعالية..

الباحث/ شايف محمد قاسم الحدي – الاثنين 30 يونيو 2025م





الأكثر زيارة


احمد عفاش في قلب الرياض .. تحرّك مفاجئ يعيد خلط أوراق المشهد.

الثلاثاء/01/يوليو/2025 - 03:28 م

في تحرّك مفاجئ أعاد خلط أوراق المشهد اليمني بالكامل، تداول ناشطون وسياسيون محليون، مساء يوم الإثنين، أنباءً متواترة عن وصول نجل الرئيس اليمني الأسبق،


عاجل: وصول المبعوث الأممي الى عدن.

الإثنين/30/يونيو/2025 - 11:00 م

وصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مساء الاثنين إلى العاصمة عدن قادماً من سلطنة عُمان، في إطار تحركاته الرامية إلى الدفع بجهود السلام في البلا


صرخة بالنار في وجه الجوع.. مواطن يشعل جسده احتجاجًا على جحيم.

الثلاثاء/01/يوليو/2025 - 03:27 ص

حدث مأساوي جديد يلخص حجم القهر والمعاناة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، أقدم مواطن على إضرام النار في جسده وسط مدينة الحديدة، مساء يوم الأحد،


الأمريكية زينب الماوري تتصدر المشهد من جديد .. محامي يكشف تف.

الثلاثاء/01/يوليو/2025 - 04:00 م

اصدر المحامي والحقوقي عبد الرحمن برمان توضيحاً مصوراً بشأن قضية الفتاة اليمنية زينب الماوري، التي ظهرت مؤخراً في فيديو تدّعي فيه تعرضها للعنف واضطراره