حضرموت بين مطرقة التدخلات وسندان الغياب: من يملك القرار؟
الثلاثاء - 29 يوليو 2025 - 06:07 م
صوت العاصمة|خاص
تمرّ حضرموت اليوم بمرحلة مفصلية من تاريخها، مع تصاعد مؤشرات التوتر السياسي والميداني، وتزايد تحركات غير معلنة على الأرض، تُنبئ بمحاولات مكشوفة لإعادة صياغة النفوذ في المحافظة، بعيدًا عن إرادة أبنائها. فحضرموت، التي ظلت لسنوات طويلة خارج مسرح التصادم المباشر، تُدفع اليوم قسرًا إلى واجهة صراع إقليمي ومحلي لا يخدمها ولا يعبر عنها.
حضرموت.. الساحة المفتوحة لتصفية الحسابات
في وقت تتطلع فيه الشعوب إلى الاستقرار والنهوض، تتحول حضرموت إلى ساحة مفتوحة للمناورة والتجاذب. تُدار من خلف الكواليس، وتُستغل جغرافيتها وثرواتها وموقعها لخدمة أجندات لا ترى فيها سوى وسيلة للربح أو السيطرة. تغيب فيها الشفافية، ويعلو فيها صوت السلاح على صوت العقل، وتتقدم فيها الجرافات على طاولات الحوار.
الخطابات المشبوهة، والتحركات الميدانية عبر المنافذ، ومحاولات استعراض القوة تحت لافتات فضفاضة، تكشف أن هناك من يسعى إلى فرض واقع جديد على حضرموت بالقوة، متجاهلًا أن هذه الأرض لا تُدار بالإملاءات، ولا ترضى بالوصاية.
إرادة مغيّبة ومشهد مرتبك
المؤسف في هذا المشهد أن الحضارم، أصحاب الأرض والحق، يُستبعدون من مراكز اتخاذ القرار، ويُقدَّم مستقبلهم على موائد التفاهمات والصفقات، وكأنهم تفصيل ثانوي في معادلة أكبر منهم. ويزيد الطين بلة أن بعض الأصوات التي تدّعي تمثيل حضرموت باتت تتمايل حسب المصالح، وتُدار بالريموت، ولا تملك حتى الجرأة على قول "لا".
إن غياب الموقف الحضرمي الواضح والموحد، وارتباك النخب المحلية، فتح المجال أمام الأطماع، ورسّخ فكرة أن حضرموت "مساحة شاغرة" قابلة للملء، وهذا بحد ذاته خطر وجودي.
هل ما زال هناك وقت للنجاة؟
الجواب: نعم، ولكن النافذة تضيق.
حضرموت تملك من التاريخ، والهوية، والوعي السياسي، ما يؤهلها لتكون كيانًا فاعلًا مستقل القرار، لا تابعًا هامشيًا. لكن ذلك لن يحدث ما لم يتحرك أبناؤها، نخبًا وشبابًا، ويستعيدوا زمام المبادرة. فالمعادلات لا تتغير بالحياد، والخرائط لا تُرسم بالصمت.
الحل لا يكمن في الاستقواء بالخارج، ولا في الانجرار خلف المشاريع الجاهزة، بل في مشروع حضرمي خالص، يحفظ كرامة الأرض، ويعبّر عن صوت الناس الحقيقي، لا عن مصالح من يسكنون الفنادق ويعقدون الصفقات باسم "القضية".
الكلمة الأخيرة
حضرموت لا تحتاج لمن يتحدث باسمها، بل لمن يتحدث معها، ويقف في صفها، ويرفض أن تكون مجرد مساحة مستباحة. لا خيار اليوم إلا بالمواجهة الواعية، والاصطفاف الذكي، والتمسك بالحق في تقرير المصير.
فمن لا يملك قراره، لن يملك مستقبله.
من : سمية المشجري