عملية صنعاء الكبيرة والاعتيادية.. قراءة في أهداف إسرائيل الحقيقية من ضرب حكومة الحو.ثي
الإثنين - 01 سبتمبر 2025 - 03:23 ص
صوت العاصمة | خاص | حسام ردمان
ما هو الانجاز في قصف مجموعة من القيادات السياسية المجتمعة في مقيل ؟!
لا هي غرفة عمليات عسكرية عابرة للحدود ، ولا هي الحلقة الضيقة من القيادات الحوثية ، ولا حكومة الحوثي هي مركز صناعة القرار ، ولا مثلت هذه العملية مقدمة لتقويض البنية التحتية العسكرية للجماعة.
و من الواضح ان غاية المقتلة الاسرائلية لحكومة الحوثيين ليست استراتجية بل سياسية ، وان هدفها ليس الردع بل الاستدراج.
ومع ذلك ثمة الكثير من المنبهرين بالعملية الاخيرة ، والذين بنوا تقديراتهم انطلاقا من افتراضيين:
اولا اعتبار ان تركيز اسرائيل على استهداف البنية التحتية المدنية سابقا كان يعكس تحصينا امنيا حوثيا جرى اختراقه في اخر عملية.
وفي حقيقة الامر تل ابيب كانت تفعل ذلك لانها تريد الضغط على المجتمع الدولي و العربي للانخراط بشكل جماعي في تحالف لضرب الحوثيين وهو ما ظل نتنياهو يطالب به عقب كل جولة تصعيد (تخيلوا اسرائيل اصبحت تطالب العالم بمكاسب مقابل انهاء خطر الحوثي بدلا من تقديم تنازلات .. انها عبقرية محور الممانعة!).
و الاهم هو ان اسرائيل اكتفت بوقف نمو الحوثي عبر حصار اقتصادي بحري وجوي لكنها لم ترغب ابدا في وقف عملياتهم.
ثانيا الافتراض بان اسرائيل تفاجأت بخطورة الحوثي في نوفمبر ٢٠٢٣ لذا لم تعد ما يلزم لمواجهته ، وفي الحقيقة الحوثي نفسه كان يقول لتل ابيب انا خطير منذ ما قبل طوفان الاقصى ولابد ان نذّكر بالعرض العسكري الذي كان في سبتمبر ٢٠٢٣ و الذي اعلن فيه عن صواريخ تبلغ مداها اسرائيل . وقبل ذلك بسنوات استعرض الحوثي مسيّراته القادرة على بلوغ تل ابيب.
و يكفي العودة لارشيف مركز دراسات الامن القومي الاسرائيلي للتأكد بان الحوثي صنف كتهديد حيوي منذ ٢٠٢٠ ، ومن حينها جرى رصد الموارد الاستخبارتية و العسكرية لردعهم. وفي العام ٢٠٢١ قال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي ان بلاده تتوقع هجوما ايرانيا من اليمن او العراق.
اذن ليس صحيحا ان تل ابيب لم تمتلك القاعدة المعلوماتية و بنك الاهداف الكافي في اليمن ، ولهذا السبب ليس صائبا اعتبار الهجوم الاخير بمثابة تحول نوعي..
عملية اسرائيل الاخيرة يمكن وصفها بـ"الكبيرة و العادية" ؛ هي كبيرة من حيث الكم فهي لا تشبه ما سبقها في اليمن ، لكنها عادية من حيث الكيف فهي لا ترقى الى مستوى العمليات النوعية في لبنان او ايران التي اصابت حزب الله والحرس الثوري بحالة شلل استراتيجي وفراغ قيادي.
حتى الان اسرائيل لم تقرر الانخراط في مواجهة استخبارتية-عسكرية مفتوحة مع الحوثي ، و ما زالت تلاعبه وفق قواعد اشتباك متدرجة..
الامر المهم الذي يقوله هجوم صنعاء الاخير ، هو ان ايران التي بادرت الى اشعال الجبهة اليمنية لم تعد هي من تضع قواعد الاشتباك.
وان تل ابيب -وعلى الاقل منذ العام ٢٠٢٥- صارت المتحكم بايقاع المواجهة في الساحة اليمنية و هي من تعييد ضبطه بما يخدم مصالحها الاستراتجية و يمكنها من صناعة الذرائع السياسية لشرعنة حضورها طويل الامد في اليمن و البحر الاحمر ، و لمواصلة حربها في غزة واستئناف حملتها ضد ايران