حتى لا نخلط الأوراق.. شركات الصرافة ليست كلها في موقع الخصومة
الثلاثاء - 02 سبتمبر 2025 - 08:50 م
صوت العاصمة | خاص | ناصر المشارع
مما لا شك فيه أن الثقل المالي في المحافظات المحررة لازال طور التشكل بعد نقل البنك المركزي إلى عدن ، ولهذا لا زالت عدداً من البنوك التي تأسست مؤخراً غير قادرة على القيام بواجبها كما ينبغي لتغطية حوالات المغتربين، وتغطية طلبات الاستيراد ، وتعزيز السوق بالعملة الصعبة بحكم نشاطها الذي لازال في بدايته، لهذا تعمل شركات الصرافة وبحسب معطيات الواقع على سد الفراغ الموجود ، حيث تتحمل الشركات اليوم عبء كبير في تلبية طلبات التجار والمستوردين، وتغطي قرابة 60% من الطلب على العملة الأجنبية، وهو ما يجعل دورها محوري في خلق نوع من التوازن بإشراف وتنسيق مع البنك المركزي.
الهجوم المتزايد على هذه الشركات دون تمييز، وفي هذا الظرف الحساس، قد يربك جهود البنك المركزي في ضبط السوق وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
وهنا لا يعني أننا نبرئ دور بعض الشركات المساهمة في خلق الأزمات ، إلا أن الخلل الحقيقي لا يكمن في شركات الصرافة التي تعمل ضمن الإطار الواسع والخارجي، بل في بعض الشركات العاملة في النطاق المحلي و التي استغلها المضاربين وتجار السوق السوداء ، الجزء الأكبر منهم مواطنين ، بقصد أو بدون قصد ، لإحداث إختلالات متكررة تحتاج إلى حلول استراتيجية وليس في التحريض والفوضى دون تمييز.
ولا ننسى أزمة الثقة التي تشكّلت بين المواطن والبنوك ، وشركات الصرافة ، حيث أن بعض المواطنين يحتفظون بمبالغ كبيرة من العملة الصعبة خارج الحلقة المالية للسوق ، ويقومون بضخها فجأة حين تظهر إشارات على قرب تحسن الصرف، بهدف المضاربة وتحقيق مكاسب أحياناً ، وأحياناً الخوف من الخسارة وفقدان القيمة ، ثم أن بعضهم يعيدون الشراء عند انخفاض السعر ليتم تخزينها من جديد.
وهذا السلوك يوازي تأثير ..وديعة صامتة .. في السوق، وهو مايحدث تأثير على استقرار الصرف ، ويضع البنك المركزي في موقف محرج.
خلال اليومين الماضيين، وبحسب إفادة بعض شركات الصرافة بوجود عرض كبير ومفاجئ من العملة الأجنبية، تحت تأثير التفاؤل بسبب الإعلام وتسريبات بعض الناشطين ، حتى أن بعض تلك الشركات لم تتمكن من تغطية الحوالات الخارجية، مما أجبرها على خفض السعر تفادياً للإحراج من العملاء، والتخلص من المضاربين. وفي المقابل، استغلت شركات أخرى الفرصة لتحقيق مكاسب وشاركت المضاربين اللعبة.
ومع سخونة الموقف لم يقتصر الأمر على شركات الصرافة فقط، بل دخلت البقالات، المولات، المستشفيات ، تجار الجملة ، والصيدليات على الخط، وتحولوا إلى صرّافين خلال عطلة البنك المركزي، الذي بقي للأسف متفرجاً بسبب إجازته.
ولهذا... بدلاً من الهجوم العشوائي على كل شركات الصرافة، علينا أن نصوب نشاطنا و نميز بين من يشتغل في المضاربة داخل السوق المحلي ويربك السوق، وبين من يلعب دوراً في الاستقرار ويمد السوق بالعملة من الخارج ليسهم في خلق الاستقرار .
وعليه ومن الواجب دعم البنك المركزي، وتعزيز دور قطاع الرقابة فيه، لوضع حد حازم للشركات التي تعمل في المضاربة، مع الحفاظ على دور الشركات النظامية ذات النشاط الواسع ، لأنها تمثل سلسة إمداد مهمة في استقرار السوق وتعزيز قدرة البنك على السيطرة.
#ناصرـالمشارع