أعلن فريق بحثي دولي عن اكتشاف غير متوقع للرفيق الخفي لـ"منكب الجوزاء"، أحد ألمع نجوم السماء ليلا. حيث تبين أنه نجم حديث النشأة يشبه شمسنا، وليس جسما فضائيا ميتا كما اعتقد سابقا.
ولطالما شكل منكب الجوزاء، ذلك العملاق الأحمر الهائل في كوكبة الجبار، لغزا محيرا لعلماء الفلك. وهذا النجم الذي يبعد نحو 548 سنة ضوئية عن الأرض، يملك كتلة تصل إلى 19 ضعف كتلة الشمس، بينما يبلغ نصف قطره 764 مرة نصف قطر الشمس، وهو في المراحل الأخيرة من حياته.
ودفع التغير المستمر في لمعان النجم، لا سيما الدورة التي تتكرر كل ست سنوات، العلماء للاشتباه بوجود رفيق ثنائي يدور حوله. وبعد حسابات دقيقة، حدد الباحثون ديسمبر 2024 كتوقيت مثالي لرصد هذا الرفيق.
وباستخدام مجموعة من التلسكوبات المتطورة، مثل مرصد شاندرا للأشعة السينية، تمكن العلماء أخيرا من كشف الستار عن الرفيق الغامض، الذي أطلق عليه اسم "سيوارها". لكن المفاجأة الحقيقية كانت في طبيعة هذا الرفيق.
وتوضح الدكتورة آنا أوغرادي من جامعة كارنيغي ميلون: "كانت التوقعات تشير إلى احتمالين: إما قزم أبيض أو نجم نيوتروني. كلاهما سيشير إلى تاريخ تطوري مختلف تماما للنظام".
وبينت بيانات مرصد شاندرا غياب أي إشعاعات سينية من الرفيق، وهو ما يستبعد كونه قزما أبيضا أو نجما نيوترونيا، إذ كان من المتوقع أن تنتج مثل هذه الأجسام إشعاعات سينية أثناء سحبها للمادة من النجم العملاق.
وبدلا من ذلك، كشفت التحليلات أن "سيوارها" هو نجم شاب من النوع F، ما يزال في مرحلة التكوين والاستقرار في النسق الأساسي للنجوم. وهذا يعني أن النجمين ولدا معا قبل نحو 10 ملايين سنة.
وهذه النتيجة تقدم مفارقة كونية فريدة: فبينما يقترب العملاق الأحمر من نهاية حياته بعد أن استهلك وقوده النووي، فإن رفيقه الصغير ما يزال في بداية رحلته النجمية. والأكثر إثارة أن الفارق الهائل في الكتلة بين النجمين يتحدى النماذج الحالية لتكون الأنظمة الثنائية.
وتعلق الدكتورة أوغرادي: "هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام دراسة أنظمة ثنائية ذات نسب كتلة متطرفة، وهو مجال كان صعب الدراسة نظرا لندرة الأمثلة وصعوبة رصدها".
ويعتقد أن هذا الكشف سيساهم في فهم أفضل لآلية تكون الأنظمة النجمية الثنائية، وقد يلقي الضوء على السلوك الغامض لمنكب الجوزاء وتقلبات لمعانه الاستثنائية في السنوات الأخيرة.