تقارير



الجبهة الجنوبية لليمن: الصدع الاستراتيجي الذي لا يمكن للعالم تجاهله

السبت - 15 نوفمبر 2025 - 09:44 م

الجبهة الجنوبية لليمن: الصدع الاستراتيجي الذي لا يمكن للعالم تجاهله

صوت العاصمة | وكالات | د. عبدالجليل شايف


تعزز إيران تحالفها مع الحوثيين مع فقدانها للنفوذ في سوريا ولبنان وغزة. وتوسع القوات الحوثية هجماتها في أنحاء اليمن والبحر الأحمر، مما يهدد التجارة العالمية والاستقرار الإقليمي. إن يمن جنوبي مستقر ومتمتع بالحكم الذاتي يقدم الحاجز الوحيد الموثوق به أمام التوسع الإيراني والصراع المستقبلي.


إن غياب أي مبادرة سياسية أو دبلوماسية دولية حقيقية لحل الأزمة اليمنية قد أدى للأسف إلى خلق فراغ استراتيجي – تستغله إيران بسرعة. ولا يظهر هذا جلياً في مكان أكثر من شمال اليمن، حيث عمقت طهران شراكتها مع الحوثيين.


في ظل غياب انخراط عالمي حاسم للتوصل إلى حل سلمي، لا تنظر إيران إلى اليمن على أنه مجرد منطقة صراع أخرى، بل كساحة رئيسية في مشروعها الإقليمي الأوسع لإعادة تشكيل ديناميكيات القوة في الشرق الأوسط.


ومع تراجع نفوذ إيران التقليدي في سوريا، وضعف وكيلها اللبناني حزب الله، وتفكيك البنية التحتية لحماس إلى حد كبير في غزة، تعتمد طهران الآن على الحوثيين باعتبارهم شريكها الوحيد والأكثر نشاطاً واعتماداً عليه في منطقة الشرق الأوسط.


وبالتالي، تحول اليمن من منطقة مواجهة محلية وإقليمية إلى منطقة صراع دولي رئيسية - لها تداعيات مباشرة على الشحن العالمي وأسواق الطاقة والأمن الدولي. ولهذه المواجهة أيضاً تداعيات كبيرة على مواطني اليمن، الذين عانوا من أسوأ كارثة إنسانية مسجلة على الإطلاق.


💢إعادة الاصطفاف الاستراتيجي لإيران

إن تآكل موطئ قدمها التقليدي قد أجبر إيران على إعادة معايرة موقعها الإقليمي. فسورية الأسد لم تعد منطلقاً متماسكاً للنفوذ الإيراني، ولبنان في حالة سقوط حر. وفي الوقت نفسه، يضخ الحرس الثوري الإيراني (IRGC) المزيد من الموارد في اليمن، حيث يقدم الحوثيون مزايا استراتيجية فريدة.


من خلال سيطرتهم على مساحات واسعة من الأراضي في شمال اليمن والقرب من البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، يسمح الحوثيون لإيران بعرض القوة بعيداً عن حدودها. وكما أفاد مجلس العلاقات الخارجية (CFR)، يمتد هذا الوصول الآن إلى المجال البحري، مع هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ على الشحن الدولي المصممة لتعطيل التجارة العالمية والضغط على إسرائيل وحلفائها الغربيين.


💢من الدعم التكتيكي إلى التحالف الاستراتيجي
إن ما بدأ كدعم تكتيكي محدود قد تطور إلى تحالف استراتيجي طويل الأمد. فقد طور الحرس الثوري الإيراني شبكات تهريب واسعة عبر عمان والقرن الأفريقي لتسليح الحوثيين بأسلحة دقيقة، وفقاً لإحاطة إعلامية لمجلس العلاقات الخارجية. ويصف تحليل أجراه معهد كلينغنديل عام 2023 هذه العلاقة بأنها "شراكة استراتيجية متجذرة في مصالح جيوسياسية مشتركة". لقد تحول الحوثيون، الذين كانوا في السابق حركة تمرد قبلية، إلى مكون أساسي في استراتيجية الردع الإقليمية لإيران.


لقد تزايدت أهمية هذا التحالف في ضوء خوف طهران من استبعادها من أي نظام إقليمي لما بعد غزة. تدرك إيران جيداً أن أي إعادة اصطفاف دبلوماسي في الشرق الأوسط يستبعدها من شأنه أن يهدد أمنها على المدى الطويل. ومن خلال تمكين القوات الحوثية من تصعيد الهجمات عبر البحر الأحمر وإلى جنوب اليمن، تضمن طهران أنه لا يمكن تجاهلها.


تعمل إيران بنشاط على تشكيل مستقبل المفاوضات الإقليمية، مما يجبر جميع الأطراف الفاعلة على أخذ قوتها في الحسبان - دون الاضطرار إلى الانخراط بشكل مباشر. وهذا يسمح لإيران بالتصعيد عبر الوكلاء مع الحفاظ على الإنكار المعقول، وهو تكتيك أتقنته في العراق ولبنان وسوريا.


💢الجنوب في مرمى نيران طهران

في غضون ذلك، ظل تركيز معظم المراقبين الدوليين ثابتاً بشكل ضيق على الإجراءات الحوثية في البحر الأحمر. ومع ذلك، فإن التهديد الأكثر إلحاحاً يكمن في الجنوب. فأصبحت المناطق المحررة في جنوب اليمن - الخالية من سيطرة الحوثيين والتي تحكمها مؤسسات جنوبية معتدلة إيديولوجياً - الآن في مرمى نيران طهران المباشر.


من خلال توسيع الضربات الصاروخية والعمليات السرية، يستهدف الحوثيون بنشاط المدن الجنوبية مثل عدن وشبوة والضالع والمكلا، ويهددون البنية التحتية الحيوية في ممر باب المندب.


وكما أفادت "ساوث 24" (South24)، فقد أظهر الحوثيون بالفعل قدرتهم على وقف صادرات النفط من الجنوب من خلال استهداف موانئ الطاقة بالطائرات بدون طيار، مما يحرم البلاد من العملات الأجنبية ويجعل الحكومة المعترف بها دولياً تعتمد على المانحين الخليجيين. يسمح هذا التكتيك لإيران والحوثيين بخنق الجنوب اقتصادياً، حتى بدون احتلال عسكري كامل.


وفي الوقت نفسه، كشفت وكالات الاستخبارات المحلية عن محاولات لزعزعة استقرار المناطق المحررة من خلال خلايا نائمة حوثية وتجنيد وكلاء محليين - وهي استراتيجية تذكر بالتدخل الإيراني في كل من العراق ولبنان.


الهدف واضح: منع صعود جنوب موحد ومستقر يمكن أن يكون بديلاً سياسياً لحكم الحوثيين. وكما تم تسليط الضوء عليه في تقارير متعددة، فإن الحسابات الاستراتيجية لإيران هي إبقاء اليمن مجزأً وغير مستقر – وهي بيئة يمكن لطهران فيها ممارسة النفوذ من خلال الفوضى، مع ضمان عدم تمكن أي طرف فاعل من ترسيخ سيطرة كافية لتهديد وكلائها.


💢التصعيد والتكلفة البشرية
رداً على الهجمات الحوثية الأخيرة، تحولت إسرائيل من استهداف البنية التحتية إلى ضرب عناصر القيادة في صنعاء، مما أسفر عن مقتل قادة من المستوى المتوسط في عمليات بطائرات بدون طيار. ورغم أن هذه العمليات تحقق نجاحاً تكتيكياً، إلا أنها قد تدفع الحوثيين إلى التعمق أكثر في مدار إيران، مما يزيد من ترسيخ ديناميكية الوكلاء.


وفي خضم هذه الأزمة، يعاني المدنيون أكثر من غيرهم. وتواصل القوات الحوثية استغلال كل ضحية مدنية – حقيقية أو ملفقة – للدعاية، بينما تقمع المعارضة من خلال الاعتقال التعسفي، وتجنيد الأطفال، ومضايقة الموظفين الدوليين، بمن فيهم المنتسبون إلى الأمم المتحدة.

💢الدفع من أجل جنوب مستقر
وسط هذا التدهور، يبرز الجنوب المحرر باعتباره الثقل الموازن الوحيد القابل للتطبيق لطموحات الحوثيين والإيرانيين. وقد أظهر الجنوب، الذي يحكمه المجلس الانتقالي الجنوبي (STC)، استعداده للتعاون مع المجتمع الدولي بشأن الأمن والاستقرار والحماية البحرية. وقد أكدت الزيارات الأخيرة لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي إلى واشنطن وعواصم أوروبية هذا الاستعداد – ورفعت ناقوس الخطر بشأن التهديدات المتزايدة من الشمال، إن دعم جنوب اليمن لا يتعلق بالعمل الخيري. بل يتعلق بالأمن الإقليمي والعالمي. فمع سيطرته على الموانئ الرئيسية وموارد الطاقة وممر باب المندب الحيوي للشحن، يلعب الجنوب دوراً أساسياً في حماية التجارة الدولية وردع التوسع الإيراني. 


وكما وثقت "أصدقاء جنوب اليمن" ومنصات أخرى، فإن الاستقرار في الجنوب أمر بالغ الأهمية لحماية سبل العيش المحلية وطرق التجارة العالمية على حد سواء. يقع اليمن الآن عند نقطة تلاقي إعادة الاصطفاف الإقليمي، وتنافس القوى العظمى، وحرب الوكلاء. لم يعد الحوثيون مجرد فصيل يمني - بل هم وكيل إيران الأكثر نشاطاً عملياً في حقبة ما بعد غزة. لكن الاختبار الحقيقي للمجتمع الدولي لا يكمن فقط في إدانة العدوان الحوثي، بل في تمكين البديل الوحيد القابل للتطبيق: جنوب يمني مستقر ومتمتع بالحكم الذاتي وقادر على تأمين مستقبله وحماية المصالح العالمية.



الأكثر زيارة


البورد المصري يكرّم الدكتور هلال الغلابي ويوجه له دعوة خاصة .

الجمعة/14/نوفمبر/2025 - 11:23 م

حصل الطبيب اليمني هلال الغلابي، اختصاصي أمراض القلب والتداخلات القسطارية، على تكريم رسمي من البورد المصري للدراسات الطبية العليا، بعد تفوقه اللافت ضمن


مؤشرات على تجدد المعـ.ـارك .. مليشـ.ـيا الحـ.ـوثي تدفع بتعـ..

السبت/15/نوفمبر/2025 - 03:19 م

دفعت ميليشيا الحوثي، خلال الساعات الماضية، بتعزيزات عسكرية "كبيرة" وغير مسبوقة منذ شهور نحو المديريات الواقعة على خطوط التماس جنوب وغرب محافظة مأرب. و


مجلس القيادة يوافق على جميع قرارات الرئيس عيدروس الزبيدي .

السبت/15/نوفمبر/2025 - 07:38 م

بعث مكتب رئاسة الجمهورية رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء بإعداد قرارات التعيين التي أصدرها الرئيس عيدروس الزبيدي .. وجاء في مذكرة رسمية موجهة من مكتب رئاس


دوي انفجـ.ـارات عنـ.ـيفة تهز هذه المنطقة وانتـ.ـشار كبير لمس.

السبت/15/نوفمبر/2025 - 04:02 م

تشهد مديرية السياني جنوب محافظة إب حالة خوف وهلع متزايدة منذ عدة أيام، على خلفية سماع انفجارات عنيفة ومتتالية في جبال الحيزم والحميراء وذي يشرق، وسط ا