مداد العاصمة



الضربة الإسرائيلية تغيّر كل شيء في إيران

الأحد - 15 يونيو 2025 - 04:27 ص

الضربة الإسرائيلية تغيّر كل شيء في إيران

انتهى عصر منع الانتشار النووي عبر الدبلوماسية مع الهجوم الإسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني، ومنشآت الصواريخ الباليستية، وضرب كبار الضباط والعلماء.

كان هذا النهج يحتضر منذ أن أصبحت كوريا الشمالية دولة نووية في عام 2006، وحاولت المفاوضات مع طهران بكل جهد الحفاظ على أمل بأن نظامًا أيديولوجيًا بعمق ويستثمر بكثافة في تطوير الأسلحة النووية قد بدفعه العقاب الاقتصادي أو إغراء التجارة للتراجع عن طموحاته النووية.

لا نعرف مدى نجاح الغارات الإسرائيلية بعد، والوصول إلى ما وراء أبواب الانفجار ومخمدات الموجات الصدمية في موقع التخصيب تحت الأرض في فوردو لم يكن بالأمر السهل، كما ان ضمان أن منشأة "جبل الفأس" العميقة على بعد مئة ياردة تحت الأرض لن تدخل الخدمة، سيتطلب مراقبة دائمة وربما غارات أخرى عاجلة.

لا يزال علي صالحي، مهندس الطاقة النووية المتخرج من معهد MIT والذي كان له دور أساسي في بناء البرنامج النووي العسكري، على قيد الحياة، ولكن ليس من المستبعد أن تكون الحكومة الاسرائيلية قد شلّت، أو حتى زعزعت، الجمهورية الإسلامية لما تبقى من سنوات حكم المرشد الأعلى البالغ من العمر 86 عامًا، علي خامنئي.

كان كبار المسؤولين الإيرانيين يسخرون من الإسرائيليين باعتبارهم "الشيطان الأصغر" الذي لا يستطيع فعل شيء حتى مع تصاعد القوة الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر، وكانوا يقللون من أهمية قيام "الصهاينة" وليس الاميركيين بتقويض طموحاتهم النووية، ولكن بعد الذي حصل، يشعر نظام ديني يرى نفسه حاميًا للإسلام ولا يمكن لليهود التغلب عليه، بالحرج.

إن التعامل مع هذه الفوضى لن يكون سهلًا، خصوصًا إذا فشلت طهران في تنفيذ هجوم مضاد خطير وقاتل ضد إسرائيل.

لقد شهد الضباط الأصغر سنًا في الحرس الثوري سلسلة خسائر غير مسبوقة منذ السابع من أكتوبر، والنظام، الذي يشكّ في أن غالبية الإيرانيين يرحبون بزواله، لا يمكنه الاعتماد على الحس القومي ليكون في صالحه، حيث لم نشهد حتى الآن أي حشد شعبي إيراني حول علم الجمهورية الإسلامية.

قد تجد طهران صعوبة في التعافي من خسائرها، فقد كشفت الحكومة الاسرائيلية مجددًا عن أحد أكبر المخاوف الايرانية: أن الأمن القومي قد تم اختراقه، إن لم يكن تحييده بالكامل، من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، وسيعود سلاح الجو الإسرائيلي لضرب أهداف أخرى مستقبلًا دون تردد إذا رصد تجددًا في النشاط النووي أو الصاروخي الباليستي.

كما ان من غير المرجح أن يعارض الرئيس ترامب — الذي على الأرجح لم يوافق رسميًا على الغارة الإسرائيلية لكنه لم يمنعها — سعي اسرائيل لضمان عدم تمكن طهران من الرد، وسيتعين على الموساد وأجهزة الاستخبارات الغربية مضاعفة جهودها ضد الهدف الإيراني.

لقد أصبح كل شيء أصعب وأكثر كلفة لطهران.

ربما أنقذت اسرائيل الشرق الأوسط من سباق وشيك نحو التسلح النووي من خلال منح جهود منع الانتشار ما كانت تفتقر إليه الا وهو "الأسنان"، ومن المرجح أن تعيد روسيا والصين — اللتان كانتا تدعمان الجمهورية الإسلامية — تقييم فائدة القوة الإيرانية في الشرق الأوسط.

كما من المحتمل أن يستمر المحور التعاون بين ايران وروسيا والصين — فالكراهية لأمريكا رابطة قوية — لكن طهران أصبحت الآن متوسلة أكثر منها شريكًا في المحور، وليس هناك جانب سلبي في إضعاف هذا المحور الراديكالي.

عند النظر إلى الوراء، كان من أكثر الأمور إثارة للقلق في الدبلوماسية الغربية النووية مع الجمهورية الإسلامية هو مدى الاعتماد على المعلومات الاستخباراتية — التي كانت أكثر تفصيلًا بشأن طهران من تلك المتوفرة عن بيونغ يانغ — في دعم مسار الانخراط، وقد ازدادت حالة الاستسلام الغربي الذي طالما كان مرتبطًا بالحرب مع اقتراب إيران من امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي لا يمكن إيقافه.

عمل الإسرائيليون جاهدين على تحسين قدراتهم الاستخباراتية ضد إيران منذ عهد باراك أوباما، وقد أصيب الإسرائيليون بالذهول من إصرار المسؤولين الأمريكيين على الاعتقاد بأن المرشد الأعلى في إيران سيرضى بالبقاء دون سلاح نووي رغم إنفاقه لمبالغ هائلة وتحمله لعقوبات قاسية لبناء بنية تحتية نووية عسكرية صناعية، وقد ساهمت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) في ترسيخ هذا الاعتقاد من خلال حصر تعريفها لـ "التسلح النووي" في اللحظة التي يبدأ فيها الإيرانيون بتجميع جهاز التفجير، وهي الخطوة الأخيرة في مسارهم النووي، والتي غالبًا ما فاتت الاستخبارات الغربية من قبل، كما في تجربة السوفييت النووية عام 1949 أو تفجير كوريا الشمالية في 2006.

لا نعرف ما إذا كان الموساد قد اخترق الدائرة النووية الإيرانية الداخلية، فقد تكون الأفعال الإسرائيلية مبنية على معلومات أوضحت أن الوقت المناسب هو الآن أو لا شيء.

لم تعتمد الحكومة الاسرائيلية ابدًا على عمليات التفتيش التي يقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية للحصول على معلومات حول التقدم النووي الإيراني، وهو ما لم يكن الحال في الولايات المتحدة وأوروبا، اللتين اعتبرتا الوكالة حجر أساس لفهم تقدم النظام، وإذا أرادت واشنطن والأوروبيون الآن أن يأخذوا منع الانتشار بجدية، وأن يعرفوا ما يعرفه الإسرائيليون على الأقل، فسيتعين عليهم أن يفعلوا كما فعل الموساد: أن يدفعوا أجهزة استخباراتهم للعمل بفعالية داخل الجمهورية الإسلامية.

كان خوف خامنئي من التجسس الإسرائيلي والغربي الذي قد يؤدي الى ضربات عسكرية عاملًا رئيسيًا في إبطاء تقدم إيران النووي، وهذا الخوف لا يزال قائمًا حتى مع تحوّل القوة الصلبة إلى الأداة الرئيسية لتعطيل طموحات الجمهورية الإسلامية النووية بشكل دائم.

إذا رغبت واشنطن في تجنب المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، فإنه من مصلحة إدارة ترامب أن تضمن قدرة المخابرات المركزية الاميركية على القيام بما يفعله الموساد على الأقل، ويمكن اعتبار ذلك استثمارًا في منع الانتشار، ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل على مستوى أوسع.

غريخت، ضابط سابق في CIA مختص بالشأن الإيراني، وزميل مقيم في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وتاكيه هو زميل كبير في مجلس العلاقات الخارجية.



الأكثر زيارة


عاجل | تفاصيل عملية الاغـ. تيال التي نفذتها اسرا .ئيل باليمن.

السبت/14/يونيو/2025 - 11:50 م

شن الجيش الإسرائيلي هجومًا جويًا استهدف مبنى في اليمن كان يعقد فيه اجتماع لتقييم الوضع من قبل قيادة الحوثيين. وأكد مصدر عسكري أن العملية كانت محاولة ا


الضربة الإسرائيلية تغيّر كل شيء في إيران.

الأحد/15/يونيو/2025 - 04:27 ص

انتهى عصر منع الانتشار النووي عبر الدبلوماسية مع الهجوم الإسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني، ومنشآت الصواريخ الباليستية، وضرب كبار الضباط والعلماء


قوات الحزام الأمني في العاصمة عدن: سهرٌ في سبيل الجنوب وتضحي.

السبت/14/يونيو/2025 - 12:18 م

بين أزقة العاصمة عدن وشوارعها، وبين صمت الليالي وسكون البحر، تسهر عيون لا تنام من أجل حماية الأرض والعرض والهوية. إنها عيون رجال قوات الحزام الأمني، ا


عاجل|وزير الدفاع الإسرا/ئيلي يهدد مرشد إير/ان علي خامنئي.

السبت/14/يونيو/2025 - 01:03 م

هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، المرشد الإيراني علي خامنئي، بإحراق طهران إذا استمرت في إطلاق الصواريخ على إسرائيل. وبحسب ما نشرته صحيفة «يديع