مداد العاصمة



استعادة ثقة الناس تبدأ من هنا

السبت - 09 أغسطس 2025 - 10:51 ص

استعادة ثقة الناس تبدأ من هنا

صوت العاصمة/كتب/عبدالكريم أحمد سعيد

في واقع متداخل ومعقد، يرزح تحت ضغوط اقتصادية خانقة وفساد متراكم، لم تعد الشعارات تكفي ولا الوعود تجدي. فالمواطن الجنوبي بات بحاجة إلى ما هو أعمق من الأقوال: بحاجة إلى عمل مؤسسي جاد، وإرادة سياسية صلبة، وأدوات رقابية فاعلة تقطع الطريق على الفوضى، وتضع حداً لمسلسل الانفلات والتسيب واللامبالاة.

ولعل أبرز ما يواجه مشروعنا الوطني الجنوبي اليوم لا يتمثل فقط في التحديات الخارجية، بل في الإخفاق الداخلي لبعض المؤسسات، وتغول شبكات المصالح، وغياب المحاسبة والرقابة. هذا القصور مكن بعض الأطراف المناوئة من استغلال معاناة الناس، ومحاولة التشويش على المشروع الوطني الجنوبي.

لكن هذا الواقع، رغم قسوته، ليس قدراً محتوماً. فهناك فرصة حقيقية لتصويب المسار، شريطة أن تستعيد مؤسسات الدولة دورها الحقيقي، وفي مقدمتها القضاء والنيابة والأجهزة الأمنية والرقابية، وأن تترجم التوجيهات العليا إلى إجراءات عملية صارمة تبدأ من القمة ولا تستثني أحداً.

الرئيس القائد عيدروس الزبيدي يدرك تماماً أن معركة الجنوب لم تعد فقط معركة حدود وسيادة، بل أصبحت أيضا معركة حياة يومية يعيشها المواطن مع تدهور الخدمات وارتفاع الأسعار وتآكل العملة. لذلك جاءت تحركاته الأخيرة واضحة وهادفة، بدءاً من تثبيت سعر الصرف، وتشديد الرقابة على الأسواق، ومروراً بكبح المضاربين والمتلاعبين بلقمة عيش المواطن.

غير أن هذه الجهود، مهما بلغت جديتها، لن تؤتي ثمارها دون ترجمة فعلية على الأرض، عبر عمل مؤسسي متناغم، يشارك فيه الجميع: من المسؤول في موقعه، إلى الجندي في الميدان، إلى المواطن الذي تقع على عاتقه مسؤولية الوعي والانخراط في الرقابة المجتمعية.

لقد آن الأوان لاجتثاث ثقافة "الموقع غنيمة"، واستبدالها بعقلية "المسؤولية تكليف لا تشريف". ويتطلب ذلك حسن اختيار القيادات في مفاصل الدولة، على أسس الكفاءة والنزاهة والانتماء الصادق للقضية الجنوبية، بعياً عن المحسوبية والولاءات الضيقة.

شعبنا الجنوبي لا يبحث عن خطابات رنانة، بل يتطلع إلى نموذج إداري فعال ومتماسك، تكون فيه هيبة الدولة حاضرة، والقانون فوق الجميع، والمساءلة ممارسة يومية لا استثناء فيها.

نحن بحاجة ماسة إلى إعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. وهذه الثقة لا تمنح، بل تكتسب عبر الإنجاز والانضباط والعدالة. وكل تأخير في هذا الاتجاه يمنح خصوم الجنوب فرصة إضافية لمزيد من التحريض والتشكيك.

إن المطلوب اليوم ليس فقط تحسين الظروف الاقتصادية والخدمية، بل ترسيخ منظومة حكم رشيدة، تقوم على الشفافية، وتشرك المواطن في الرقابة، وتواجه بقوة كل من يحاول المتاجرة بآلام الناس.

وإذا أردنا أن نكسب معركة المستقبل، فإن البداية الحقيقية تنطلق من هنا، من الداخل، من إصلاح البيت الجنوبي، وتحقيق الانضباط، واستعادة العدالة، وتحصين مؤسساتنا بالوعي والمسؤولية. بهذه الخطوات وحدها، يمكننا أن نصنع الفارق، ونحمي مشروعنا الوطني من الانهيار والتشويه.



الأكثر زيارة


ظهور أخطر قائد عسكري جنوبي في المكلا .

السبت/09/أغسطس/2025 - 06:07 ص

في تطور وُصف بأنه بالغ الخطورة ويحمل دلالات عميقة على دقة المرحلة التي تمر بها حضرموت وتعقيدات المشهد العام في المحافظات الجنوبية، عقد القائد أبو علي


محبوط العمل” : شكوى رسمية ضد ”أبو حيدر” أشهر بائع سيارات في .

الجمعة/08/أغسطس/2025 - 06:45 م

تقدم عدد من مالكي معارض بيع السيارات في العاصمة صنعاء بشكوى رسمية إلى الغرفة التجارية الصناعية التابعة لوزارة الصناعة في حكومة الحوثيين، يتهمون فيها م


تعميم من البنك المركزي موجه إلى كافة البنوك وشركات ومنشآت ال.

الجمعة/08/أغسطس/2025 - 11:10 م

الموضوع: تنظيم عمليات بيع وشراء النقد الأجنبي ⬛ بالإشارة إلى الموضوع أعلاه، ونظرا للظروف الاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها البلاد، واستنادا إلى القر


مخاوف من تنسيق بين الحوثيـ.ـين وبن حبريش... وتحذيرات من اختر.

الجمعة/08/أغسطس/2025 - 08:16 م

تصاعدت التحذيرات الأمنية في حضرموت مع تزايد المؤشرات على وجود تعاون مريب بين القيادي القبلي عمرو بن حبريش وقوى معادية، أبرزها جماعة الحوثي وتنظيم القا