النصاب الإسلامي ومسرحية الدولار: حين يصبح "التدين" رخصة نصب معتمدة
الثلاثاء - 19 أغسطس 2025 - 01:56 م
صوت العاصمة | خاص | فتحي أبو النصر
اذ تختلط الشعارات الدينية بالمضاربات المالية، يطل علينا نموذج جديد من "الوعاظ المستثمرين" الذين يتحدثون عن الزهد والتقوى صباحا، ويجمعون الدولارات مساء.
أحدث هذه النسخ المتكررة: السيد بلال غنام، الذي ما إن سقط قناعه حتى انكشف المستور، لا على يد مؤامرة، بل على يد محكمة تجارية أقرت بوجوب دفعه لمبلغ 57,000 دولار، في قضية تنفيذية .
أما ردة الفعل من أنصاره فهي طبقٌ آخر من "المكر الإسلامي"، إذ تُساق الأكاذيب على هيئة تحليلات، وتُروى الخرافات بلسان العارف، ويُقحم الدين كصك براءة لأي نصاب يتقن تلاوة بعض الآيات، ويضيف إليها نظرية مؤامرة وثلاثة أدعية.
أحدهم؟ يقول إنه "مسكين".
لكن المسكين حقا هو من ظنه عاقلا، أو ظن أن غنام هذا "محلل استراتيجي"، لا مجرد تاجر دين يتنقل بين المنصات كأنها أسواق نخاسة فكرية، يبيع فيها "الوعي الزائف" لمتابعين عطشى لأي خطاب يشبههم، حتى لو كان زيفا خالصا.
والمفارقة الساخرة هنا أن بعض الناس لا يُحتال عليهم إلا لأنهم يريدون أن يُحتال عليهم.
فالنصاب، حين يكون "إسلامي المظهر"، يُصبح عندهم بطلا. وبدل أن يحاسبوه، يفتشون له عن أعذار فقهية ومؤامرات عالمية، وكأن كل محتال بتسريحة ذقن صار "من أهل الصراط المستقيم".
فيما الفرق بين النصاب الحقيقي و"النصاب الشرعي"؟ الأول يسرقك بدعوى التجارة، والثاني يسرقك باسم الدين.
الأول تستدعي له الشرطة، والثاني تُغضب عليه الملائكة، لكن بعض الضحايا ما زالوا يصفقون.
على إن المضحك المبكي: أن من ينصب بالدولار يُعتبر "ذكيا"، ومن ينصب بالريال اليمني يُقال عنه "قيطعي"! وكأن العملة معيار الشرف، لا السلوك.
لكن العدالة وحدها هي ما نراهن عليه، وما دون ذلك هراء مموه بحديث مُنتقى وصوت رخيم، لا يليق إلا على منصات الإحتيال المقدس.