مداد العاصمة

خداع المظاهر لا تُخفي أوجاع الغربة

الإثنين - 25 أغسطس 2025 - 01:17 ص

صوت العاصمة | محمد سالم

عندما تغترب ستكتشف أن الوطن غالٍ، والعودة إليه تُعدّ حلمًا مثل الحلم بالسفر خارجه!
وهناك أشياء كثيرة سوف تكتشفها إن كنت صاحب نظرة؛ ستعرف أن المظهر الجميل والأبّهة واللبس على المغتربين مجرد ترويح عن أتعاب الغربة. وأولئك الذين يظهر عليهم التواضع ليسوا كذلك، بل عرفوا أن التظاهر لن يغيّر من أحمال الهجرة شيئًا، ولن يمحو كآبة الحال وأوجاع الاغتراب.

وأنت في أرض المهجر سوف تكتشف أن هناك أشخاصًا يغطّون فشلهم بإظهار أموالهم وممتلكاتهم، ومع كل جلسة ومجلس يمدحون جمال الغرب ورفاهية العيش وسهولة التنقّل والتزام الناس بالقوانين، ويحقرون من بلدانهم. شيء مما قالوه حقيقة، لكن غلّفوه بالأكاذيب والأساطير. ليس حبًا في الغرب، وإنما ليغطّوا خيبتهم وفشلهم وقلة وعيهم. هؤلاء تلقاهم الأقلّ حظًا في الغربة، وطبقة دون المستوى، حتى في زيارة الطبيب يحتاجون إلى مترجم.

سوف تعرف في الغربة أن تلك السيارة الفارهة شيء عادي وبسيط، والملابس الفاخرة في متناول الجميع، والرحلات السياحية متاحة لكل المواطنين. ولكن الفرق أننا نلبس كي يرى الناس، ونشتري السيارة ليقولوا: فلان امتلك سيارة غالية الثمن. نترحّل ونلتقط الصور كي نعرضها في وسائل التواصل، نخبر الآخرين: شوفوا نحن في رحلة! والحقيقة أننا نعاني في تكاليفها، وليست من مال زائد عن الحاجة أو فائض ربح، بل هي من قوت اليوم ومدخرات المستقبل.

إذا أتيحت لك الفرصة إلى أمريكا سوف ترى العجب وتُذهل، وتجد أشخاصًا كنت تراهم في مقام بيل غيتس، والحقيقة أنهم أقل من مواطنين عاديين، يعانون أوجاع الغربة وألم العمل والدوام الطويل. لن يخبرك أحد أنه قليل القدر أو صغير المكانة، كان من كان، متواضعًا أو متكبرًا أو متعاليًا، كلهم سواء؛ تقتلهم عزة النفس الكاذبة وتحرمهم متعة الحياة.

لقد قال العرب: القناعة كنز لا يفنى. ولو أني طرحت هذا المثل دون الكتابة عن الموضوع لكان معبرًا عمّا تدور حوله الغربة والحياة، ويكشف الواقع والمستقبل والماضي إذا قرأته بتأمل وتعمّقت في خفاياه.

الخاتمة

من لم يدرك القناعة يهلكه الطمع!

القناعة…!!