مداد العاصمة



كهنة السلطة… ووطن يُنهب _باسم القداسة

الأحد - 16 نوفمبر 2025 - 05:08 م

كهنة السلطة… ووطن يُنهب _باسم القداسة

صوت العاصمة/خاص:

بقلم: د.سالم أحمد مثنى البكري



في سوق الأزمات السياسية، يتبارى "كهنة السلطة" الجدد في تسويق الوهم. يرفعون شعارات الوطن دروعاً واقية، ويحولون القضايا الوطنية إلى عملة مزيّفة يشترون بها ذمم البسطاء. لقد أصبح الوطن في خطابهم صنماً مُقدّساً تُذبح على أعتابه الحقوق، وتُسفك تحت رايته كرامة الإنسان.


تتعدد الأصوات وتتشعب المرجعيات: قضية جنوبية هنا، وشرعية هناك، وثورة في مكان آخر. لكن النتيجة مأساوية واحدة: خطاب منمّق يعلو، وواقع مُنهار يزداد انحداراً، وشعب يدفع ثمن هذه المسرحية من لقمة عيشه وكرامته.


هذا المشهد المألوف يستدعي ذاكرة التاريخ، حين كان كهنة المعابد يروّجون للعامة أن الآلهة تغضب إذا قلّت القرابين، وترضى إذا امتلأت الخزائن. وكانت الحقيقة الأبدية: أن القرابين تذهب إلى جيوب الكهنة، وأن الحجر الأصم لا يسمع دعاء المحتاجين.


وجاء النبي يوسف عليه السلام، بكلمته الصادقة ورؤيته الواضحة، وليعيد للقداسة معناها النقي، وللإيمان روحه الطاهرة.ويكشف زيف الكهنة ويبين للناس الحقيقة المغيّبة: أن الإله الذي يروجون له ما هو إلا رمز صنعه البشر، وأن ما يتم نهبه باسم “القداسة” لا علاقة له بالإيمان، بل بمصالح من يتصدرون المشهد.


والسؤال الذي يطرح اليوم: أين نحن من كهنة هذا العصر؟ أولئك الذين يستخدمون الوطن سلعةً، والقضية ستاراً، والثورة مهزلة. يختفون خلف الشعارات البرّاقة ويرقصون على أنغام المصالح العامة، بينما تختفي ثروات البلاد في جيوبهم

الحل ليس في انتظار معجزة، بل إلى:
1. قائد صادق لا يجد في السلطة مغنمًا، بل مسؤولية وامانة.
2. وعي جمعي يدرك أن الأوطان لا تُبنى بالشعارات بل بالإصلاح والمحاسبة.
3. مؤسسات حقيقية لا تخضع للأفراد بل للقانون.
4. إعلام حر يفضح الفساد بدل أن يبرره.

الشعب ليس بحاجة إلى من يتحدث باسمه، بل إلى من يعيد له حقه، من يضع مصلحته فوق مصلحة الجماعات والأحزاب والقبائل والمصالح الخاصة. الشعب بحاجة إلى من يفكّك هالة القداسة الكاذبة التي تُحيط ببعض القيادات، وإلى من يعيد للوطن معناه الحقيقي: بيت للجميع، لا خزينة للكهنة الجدد..

إن خلاصنا لن يأتي من الخارج، بل من قدرتنا على كسر أصنامنا الداخلية، ومن شجاعتنا في مواجهة كهنة السلطة بلغة الحق والمساءلة. الوطن ليس شعاراً نرفعه في المناسبات، وإنما هو قضية عيش نعيشها كل يوم.

فإما أن نكون جميعاً "يوسف" هذا العصر، بإرادتنا ووعينا ومسؤوليتنا، وإما أن نبقى أسرى لخطاب الكهنة الجدد، نقدّس الأصنام التي تذبح أحلامنا وتسرق مستقبلنا.



الأكثر زيارة


الخبجي : السلام في اليمن يتطلب إطاراً تفاوضياً جديداً يعكس ح.

السبت/15/نوفمبر/2025 - 08:01 م

أوضح عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، الدكتور ناصر الخبجي، موقف المجلس من الدعوات الدولية الأخيرة، مؤكداً أن تحقيق السلام العادل والمستدام يبد


الجبهة الجنوبية لليمن: الصدع الاستراتيجي الذي لا يمكن للعالم.

السبت/15/نوفمبر/2025 - 09:44 م

تعزز إيران تحالفها مع الحوثيين مع فقدانها للنفوذ في سوريا ولبنان وغزة. وتوسع القوات الحوثية هجماتها في أنحاء اليمن والبحر الأحمر، مما يهدد التجارة الع


مجلس القيادة يوافق على جميع قرارات الرئيس عيدروس الزبيدي .

السبت/15/نوفمبر/2025 - 07:38 م

بعث مكتب رئاسة الجمهورية رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء بإعداد قرارات التعيين التي أصدرها الرئيس عيدروس الزبيدي .. وجاء في مذكرة رسمية موجهة من مكتب رئاس


مسـ.ـلحون حوثيـ.ـين يقتـ.ـلون ابنة الشيخ العمري في صنعاء.

الأحد/16/نوفمبر/2025 - 12:39 ص

أقدمت عناصر ميليشيات الحوثي الإرهابية على قتل ابنة الشيخ علي صالح العمري بدمٍ بارد أمام منزل أسرتها، وسط صنعاء، في جريمة هزّت الشارع المحلي. وتقيم الض