مداد العاصمة



السياسة والتمثيل… حين تُشترى الكرامة بثمن الشهرة

الجمعة - 23 مايو 2025 - 11:02 م

السياسة والتمثيل… حين تُشترى الكرامة بثمن الشهرة

صوت العاصمة | خاص / عبد الحميد السقلدي.

في الأزمنة التي تُمجّد فيها الأضواء على المبادئ، لم تعد السياسة بعيدة عن التمثيل، ولم يعد المخرج يختلف كثيرًا عن الزعيم. كلاهما يملك القرار، ويوزّع الأدوار، ويُحدد من يكون في الواجهة، ومن يُطرد إلى الظل.

في الوسط الفني، يُقال إنك إن أردت أن تصبح “نجمًا”، فعليك أن تذوب في شخصية يختارها لك المخرج، لا تلك التي تحلم بها أنت. فإن طلب مشهدًا جريئًا، أو دورًا يمس كرامتك كرجل أو كإنسان، فعليك أن تقبل إن أردت البقاء. وإن رفضت، أصبحت فجأة غير مؤهل، متردد، ثقيل الظل، رغم أنك تحمل كل أدوات النجاح من موهبة وكاريزما.

والحال لا يختلف كثيرًا في السياسة. فمن أراد أن يُصنّف ضمن “النخب” أو “القيادات الصاعدة”، عليه أن يتقن فن الطاعة. أن يُجيد التماهي مع المخرج السياسي، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة أو المصلحة العامة. لا يهم كم أنت صادق، كم أنت نزيه، كم تحمل من رؤى ناضجة. كل ذلك يضمحل إذا لم تُجِد فن الانحناء.

وفي السياسة أيضًا، من أراد أن يكون ديمقراطيًا، سياسيًا يتطلع إلى حقوق الشعب، فلا بد له أولًا أن يخضع للزعيم. فإن فعل، أصبح فورًا السياسي المحنّك، المنفتح، المناهض للعنصرية، والملتزم بالمساواة بين الجميع. وإن رفض الانصياع، رُفعت في وجهه التهم الجاهزة: إرهابي، داعم للجماعات المسلحة، خطر على السلام، بلاده تملك أسلحة دمار شامل، ويجب على العالم معاقبته، مقاطعته، وتجويع شعبه حتى ينقلب عليه ويكرهه.

هكذا، تصبح الطاعة هي الشرط الوحيد للقبول، ولو كنت بالأمس تُصنّف إرهابيًا، واليوم تبيع الوطن وموارده، تصبح فجأة إنسانًا محترمًا، رئيسًا ديمقراطيًا، تتمتع بكل مزايا الحرية والعدالة، لا لأنك تغيرت، بل لأنك أطعت.

في الحالتين، المعيار ليس القيم، بل مقدار التنازل. لا يُكافَأ من يصمد، بل من يساير. من يقول “نعم” ولو على حساب ضميره. من يُجيد التمثيل داخل التمثيل، والسياسة داخل السياسة.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل أصبح النجاح مشروطًا ببيع الكرامة؟ وهل يمكن لمن يحافظ على استقامته أن ينجو من سكين التهميش؟ أم أن اللعبة أكبر من أن تُكسر بقلبٍ نقي وموقفٍ صلب؟

ربما هناك نماذج قليلة نجحت دون أن تفرّط. لكنها الاستثناء النادر في واقع يُكافئ الانبطاح ويقصي الوقوف.

في زمن كهذا، يصبح الإيمان بالقيم مقاومة، والتمسك بالمبادئ بطولة. ولكنها بطولة تُدفع أثمانها غاليًا، من فرصة العمل إلى الظهور، ومن الدعم إلى التقدير.

ورغم ذلك، تبقى الكرامة أغلى من كل مشهد، والموقف أنبل من أي منصب.

ولطالما عرفنا “المخرج”، فلا داعي للاستعجال في “الإخراج”



الأكثر زيارة


محافظ مأرب يتمرد ويرفض توريد الإيرادات إلى البنك المركزي في .

الخميس/14/أغسطس/2025 - 08:59 م

أكدت مصادر حكومية رفيعة أن عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ محافظة مأرب اللواء سلطان العرادة يواصل رفضه توريد إيرادات الدولة من المؤسسات الحكومية في ال


ضربة موجعة للحو. ثيين… مقتل عميد بارز وسط تصعيد ميداني .

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 01:15 ص

تلقت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران ضربة قاسية على جبهات القتال مع القوات الحكومية، عقب تصعيدها العسكري الأخير، حيث اعترفت بمصرع أحد أبرز قادتها المي


غسان قزة: يكشف أسباب تأخر مشروع ملعب الصمود ويوجه رسالة هامة.

الخميس/14/أغسطس/2025 - 05:20 م

كشف الأستاذ غسان صالح محمد (قزة)، مدير عام مكتب الشباب والرياضة بمحافظة الضالع، اليوم، عن تفاصيل تتعلق بتعثر مشروع ملعب الصمود، مؤكداً أن العمل لم يتم


جماعة الحو. ثي تصدر قرار صادم بشأن استخدام البطاقة الشخصية ا.

الجمعة/15/أغسطس/2025 - 01:03 م

منعت مليشيا الحوثي استخدام البطاقة الشخصية الذكية الصادرة عن الحكومة اليمنية في محافظة إب وبقية مناطق سيطرتها. وأفادت مصادر محلية أن المليشيا أصدرت تع